أمي تأمرنا بمقاطعت أبي

منذ 2023-11-12
السؤال:

امي تأمرنا بقطعة الصلة مع ابينا بحكم تخليه عنا ومغادرته البلد بغية عدم دفع مال النفقة و المتعة لأمي ، رغم ان امي كانت تعمل معه و قد سكن هو و امي في منزل جدي (اب أمي) ما يقارب 17 سنة مجانا ،ثم رحلنا إلى مدينة اخرى و قام بمزاولة التجارة اما أمي فقد زاولة الحجامة طولة الخمس سنوات و عند لمهما كمآ متواضع من المال قرر الزواج و اعلن لأمي نيته لزواج على المدى البعيد فخاصمته امي وتنقشا بالكلام إلى ان امرها ابي بمغادرة المنزل فقامت امي بجمع المال و غادرت لبيت ابيها ، فترجينا ابانا و لكنه لا يريد مصالحتها

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فمما لا شك أن الشَّارع الحنيف أوْجب طاعةَ الوالدين، وجعلها من أوجب الواجبات؛ كما قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء: 23]،ـ غير أن تلك الطاعة ليست مطلقة وإنما مقيدة بما أباحة الله تعالى؛ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّما الطَّاعةُ في المعروف))؛ متَّفق عليه، فلا تجب طاعة الأم إذا أمرت بقطعة الرحم، خصوصًا رحم الأب.

فالشارعُ الحكيمُ أعطى كلَّ ذي حق حقَّه، فلا تظلمْ الأب لإرضاء الأم، بل يعطى ثلاثة أرباع البر للأم، والربع للأب، ومن سخط حينئذ لبرك لأحد الوالدين فلا عبرة به.

ومهما فعل الأب أو الأم فلا يجوز قطيعة أحدهما، بل إن إساءة أحد الوالدين أو ظلمه لا تُسقط حقه في البر والإحسان إليه؛ لأنه يبقى أبًا، وإن فعَل ما فعَل، وأي ظلمٍ من الابن أو إساءة تعتبر عقوقًا؛ قال تعالى في حق الأبوين الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15]، فأَمَرَ بمُصاحبتهما بالمعروف، مع أنهما كافران.

وتقصير والدك لا يُبيح تقصيرًا مُقابلًا له، فهو مَسؤول أمام الله عز وجل عن تقصيره وإساءته، وكذلك أنت مسؤول أمام الله عز وجل إن قصَّرْتَ في حقه، فكلٌّ سيُسأل عما أوجَبَه الله عليه.

ومن العلم الضروري الذي يعلمه كل أحد ولا يَكاد يخفى على أحدٍ أن صلةُ الرحِم من أعظم واجبات الشريعة الإسلامية، وأن الوعيد الشديد لقاطع الرحم من أشد ما ورد في كتاب الله تعالى؛ كما قال عز وجلَّ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23].

إذا تقرر هذا فالواجب صلة الوالد، سواء رضِيت الأم أو لم ترضَ، وسواء قاطعك أم وصلك،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام