خطورة التكفير
دار حوار بيني و بين شخص قال ان الأشخاص الذين يسمحون ببيع الخمر في السوق ليسوا مسلمين فاجبته أن إخراج شخص من الاسلام أمر صعب و ان هناك حديت للنبي ينهانا عن دلك . اريد ان اعرف هل جوابي هدا صواب ويوافق مدهب اهل السنة و الجماعة ؟ اخاف ان يكون فهم الشخص انه لا يكفر مسلم مطلقا مهما فعل لانني لم اذكر للشخص أنه لا بد من دليل شرعي على الفعل نفسه و ان هناك شروط و موانع يجب تحققها و التي يتأكد منها أهل العلم حتى ينزل هدا الحكم ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإنَّ التكفير باب خطير، ومزَلَّة أقدام، ومضَلَّة أفهام، ولذلك اهتمّ العلماء بتوضيحه غاية التوضيح؛ وحذر رسول الله
صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين أن رسول الله قال: "أيما رجل قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما"، وفي لفظ مسلم: "إذا كفَّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما".
ومذهب أهل السنة وسط بين الفرق في باب التكفير، فلا يكفرون المسلم حتى تتوفر شروط التكفير وتنتفي موانعه، ولا يكفرون مرتكب الكبيرة،.
قال شيخ الإسلام الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص:523- 524): " فمن قال بلسانه كلمة الكفر من غير حاجة عامدا لها عالما بأنها كلمة كفر فإنه يكفر بذلك ظاهرا وباطنا ولا يجوز أن يقال: إنه في الباطن يجوز أن يكون مؤمنا ومن قال ذلك فقد مرق من الإسلام قال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، ومعلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد القلب فقط؛ لأن ذلك لا يكره الرجل عليه، وهو قد استثنى من أكره ولم يرد من قال واعتقد؛ لأنه استثنى المكره وهو لا يكره على العقد والقول، وإنما يكره على القول فقط، فعلم أنه أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم وأنه كافر بذلك، إلا من أكره وهو مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا من المكرهين، فإنه كافر أيضًا، فصار كل من تكلم بالكفر كافرًا إلا من أكره فقال بلسانه كلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان، وقال تعالى في حق المستهزئين: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} فبين أنهم كفار بالقول مع أنهم لم يعتقدوا صحته". اهـ.
أما بيع الخمر فليس بكفر، وإنما هو كبيرة من الكبائر، إلا من استحل بيعها فقد كفر.
جاء في "مجموع الفتاوى" (20/ 90): "أنه قد تقرر من مذهب أهل السنة والجماعة ما دل عليه الكتاب والسنة، أنهم لا يكفرون أحدًا من أهل القبلة بذنب، ولا يخرجونه من الإسلام بعمل، إذا كان فعلاً منهيا عنه، مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر، ما لم يتضمن ترك الإيمان، وأما إن تضمن ترك ما أمر الله بالإيمان به مثل: الإيمان بالله وملائكته؛ وكتبه ورسله؛ والبعث بعد الموت؛ فإنه يكفر به، وكذلك يكفر بعدم اعتقاد وجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وعدم تحريم الحرمات الظاهرة المتواترة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: