أبي لا يصلي إلا نادرا فكيف أنصحه
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته وبعد والدي لا يصلي الا نادرا جدا كيف انصحه لأجل الصلاة لاني اخاف عليه وحاولت كثيرا ولم ينجح فأرجو من فضيلتكم اعطائي الطريقة السليمة لكي أقوم بنصيحته
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن الوالد أحق الخلق بالبر والنصح، الشفقة عليه، والإحسانَ إليه، وبذل الوسع والطاقة للنجاة به من عذاب الله – تعالى - وهذا امر يتطلب صبرًا جميلًا، واحتسابًا فائقًا، وتدبر ما ذكره الله تعالى في كتابه العظيم من الوصايا بالوالدين.
ومن أجمع الآيات ما ورد في سورة الإسراء، فقال عز وجلّ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء: 23، 24]، فجمع سبحانه وتعالى بين عبادته والإحسان للوالدين، وصور سبحانه رحمةَ الأبناء بالوالدين وهي مشبعة بالذل الذي لا يرفع عينا، ولا يرفض أمرًا، وكأنما للذل جناح يخفضه.
في سورة لقمان جمع بين شكره عز وجل، والشكر للوالدين؛ فقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: 14].
أما أسلوب الدعوة فيجب انتقاء أفضل الكلمات، وأقرق العبارات وأنداها؛ إنطلاقًا من الآيات السابقة، فنصح الوالد يحتاج للطف به، والإحسان إليه، {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}، وهذا أدنى مراتب الأذى، نبه به – سبحانه - على ما سواه من معاني الأذى؛ من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، مع الحذر من الكلمات القاسية والمعاني الخشنة التي تحمل معى الزجر؛ {وَلا تَنْهَرْهُمَا}، أي: فلا تزجريها، {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، وهي مرتبة أعلى إيجابية أن يكون الكلام له يشي بالإكرام والاحترام، فيطمئن قلبه وتصفو نفسه، وينشرح قلبه لقبول الحق الذي هو ثمرة الجدل بالتي هي أحسن، فلا تحامل، ولا ترذيل ولا تقبيح، ولكن الإقناع والوصول إلى الحق؛ فالنفس البشرية عمومًا والآباء خصوصًا لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة، فتعتبر أن التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها.
والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة، ويشعر الوالد أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الابن لا يقصد إلا نجاته وهدايته في سبيل الله. مع الحذر كل الحذرمن اللجاجة في الجدل إنما هو البيان والأمر بعد ذلك لله.
كما ينبغي أيضًا تأمل ما قصه الله علينا من خبر خليله إبراهيم - عليه السلام - حنوه بأبيه وشدة خوفه وشفقته عليه قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}[مريم: 41-47].
جاء في "الآداب الشرعية" ابن مفلح الحنبلي(2 / 58): "قال أحمد - في رواية يوسف بن موسى -: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال - في رواية حنبل -: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلمه بغير عنف ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا، تركه، وليس الأب كالأجنبي".
احرص على اختيار الوقت المناسب للنصيحة، والذي تكون فيه الوالد هادئ النفس، ومهيئ للسماع والاستجابة.
يمكنك الاستعانة ببعض المواد الصوتية لبعض أهل العلم والذي يتكلم فيها عن خطورة التقصير في شأن الصلاة.
وأخيرًا أكثر من الدعاء له بصدق وإخلاص أن يشرح الله صدره للإيمان، مع تحري أوقات الإيجابة كثلث الليل الآخر،، والله أعلم. وأخيرًا
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- المصدر: