البناء على قبور الصالحين والعكوف عندها
منذ 2006-12-01
السؤال: يوجد في بلادي قبر ميت، يقال إنه من الصالحين، وقد بني عليه بيت مزخرف
ومزين الزينة الكاملة، وله رجلان "مناصيب" كما يقولون، قد توارثوا هذه
المنصبة أباً عن جد،
فتجدهم يدعون الناس بقولهم: إن صاحب القبر قال الليلة كذا وكذا وطلب كذا، وقد اجتذب قلوب الناس الذين هم يسكنون حول هذا القبر فصاروا يعتقدون كل ما يقول هذا المنصوب فتراهم يتقربون ويطوفون ويذبحون، و.. و... إلخ،
فما هو حكم من اعتقد بضر ونفع هذا الولي، وهل يجوز النذر والذبح للولي، ثم ما هو الواجب على الفرد الواحد إذا كان يعلم أن هذا ينافي الشرع علماً أن هذا الفرد المذكور يسكن مع هؤلاء؟
فتجدهم يدعون الناس بقولهم: إن صاحب القبر قال الليلة كذا وكذا وطلب كذا، وقد اجتذب قلوب الناس الذين هم يسكنون حول هذا القبر فصاروا يعتقدون كل ما يقول هذا المنصوب فتراهم يتقربون ويطوفون ويذبحون، و.. و... إلخ،
فما هو حكم من اعتقد بضر ونفع هذا الولي، وهل يجوز النذر والذبح للولي، ثم ما هو الواجب على الفرد الواحد إذا كان يعلم أن هذا ينافي الشرع علماً أن هذا الفرد المذكور يسكن مع هؤلاء؟
الإجابة: هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور جاء مبيناً في
الأحاديث الصحيحة، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن بريدة رضي الله
عنه قال: "
وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: " "، وقد درج على ذلك الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وهؤلاء الذين يقصدون صاحب القبر إن كانوا يفعلون ذلك من أجل دعاء الله عنده، ويظن قاصده أن هذا أجدى للدعاء ويريد التوسل به والاستشفاع به فهذا لم تأت به الشريعة، والوسائل لها حكم الغايات في المنع، قال تعالى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}، فدلت الآية على أن هذا المدعو إما أن يكون مالكاً أو لا، وإذا لم يكن مالكاً فإما أن يكون شريكاً أو لا، وإذا لم يكن شريكاً فإما أن يكون معيناً أو لا، وإذا لم يكن معيناً فإما أن يكون شافعاً بغير إذن الله أو لا، والأقسام الأربعة باطلة، فتعين الأخير وهو: أن الشافع لا يشفع إلا بإذنه، وقد دل قوله تعالى: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} على أن رضاه عن المشفوع شرط، فهذان شرطان للشفاعة.
والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يتوسلون بذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم، فالاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، ولا يجوز أن يطلب منه ما هو من حق الله جل وعلا، هذا في الحي، فأما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقاً، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق.
وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلو من أمرين:
أحدهما: أن يكون الغرض منه عبادة الله، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه، عن أبي واقد الليثي قال: " "، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الأمر الذي طلبوه منه وهو اتخاذه شجرة للعكوف عندها وتعليق الأسلحة بها تبركاً كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى عليه السلام، فكذا العكوف عند القبور، وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
وأما بالنسبة لعبادة الله عندها فقد نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد يشمل اتخاذها لعبادة الله أو لعبادة غير الله سواء كانت في مسجد مبني أو لا?
وأما المجيء إلى صاحب هذا القبر ودعاؤه واعتقاد أنه يملك النفع والضر فهذا شرك أكبر، ومن فعل ذلك فإما أن يكون جاهلاً أو عالماً، فإن كان عالماً فهو مشرك شركاً أكبر يخرجه عن الإسلام، وإن كان جاهلاً فإنه يبين له، فإن رجع إلى الحق فالحمد لله، وإن لم يرجع إلى الحق، فإنه كالعالم في الحكم، والأدلة على ذلك كثيرة، قال: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} إلخ السورة، وقال تعالى: {ولم يكن له كفوا أحد}، وفي الحديث القدسي: " "
وأما ما ذكره السائل من بناء بيت مزين ومزخرف على هذا القبر فهذا لا يجوز، فإنه من تعظيم صاحب القبر تعظيماً مبتدعاً. ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " ". وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
وأما الواجب على الفرد في ذلك فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم: " "، فيجب إزالة هذا البناء بقدر الإمكان.
وأما ما ذكره السائل من السكنى مع هؤلاء فالسكنى معهم لا تجوز ما دام يمكنه أن يسكن مع غيرهم ممن لم يعمل مثل عملهم؛ لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}.
وأما الذبح والنذر للولي فهو شرك أكبر؛ لأن كلاً منهما عبادة لله وحده، وحق من حقوقه التي اختص بها جل وعلا فلا يجوز صرفها لغيره، قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}، وقال صلى الله عليه وسلم: " "، ولما نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: " "، فهذه الأدلة تدل على أن الذبح والنذر لله تعالى عبادة ولغيره شرك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الحادي عشر(العقيدة)
".وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: " "، وقد درج على ذلك الخلفاء الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
وهؤلاء الذين يقصدون صاحب القبر إن كانوا يفعلون ذلك من أجل دعاء الله عنده، ويظن قاصده أن هذا أجدى للدعاء ويريد التوسل به والاستشفاع به فهذا لم تأت به الشريعة، والوسائل لها حكم الغايات في المنع، قال تعالى: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}، فدلت الآية على أن هذا المدعو إما أن يكون مالكاً أو لا، وإذا لم يكن مالكاً فإما أن يكون شريكاً أو لا، وإذا لم يكن شريكاً فإما أن يكون معيناً أو لا، وإذا لم يكن معيناً فإما أن يكون شافعاً بغير إذن الله أو لا، والأقسام الأربعة باطلة، فتعين الأخير وهو: أن الشافع لا يشفع إلا بإذنه، وقد دل قوله تعالى: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} على أن رضاه عن المشفوع شرط، فهذان شرطان للشفاعة.
والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يتوسلون بذات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يطلبون منه أن يدعو لهم، فالاستعانة بالحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه جائزة، ولا يجوز أن يطلب منه ما هو من حق الله جل وعلا، هذا في الحي، فأما الميت فلا يجوز التوسل به والاستشفاع به مطلقاً، بل هو وسيلة من وسائل الشرك كما سبق.
وأما من يعكف عند هذا القبر فلا يخلو من أمرين:
أحدهما: أن يكون الغرض منه عبادة الله، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من الجمع بين معصية العكوف ومعصية عبادة الله عند القبر، وذلك من وسائل الشرك التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بالنسبة لتحريم العكوف فروى الترمذي في جامعه وصححه، عن أبي واقد الليثي قال: " "، فأخبر صلى الله عليه وسلم أن هذا الأمر الذي طلبوه منه وهو اتخاذه شجرة للعكوف عندها وتعليق الأسلحة بها تبركاً كالأمر الذي طلبه بنو إسرائيل من موسى عليه السلام، فكذا العكوف عند القبور، وروى الترمذي وأبو داود وابن ماجه في سننهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ".
وأما بالنسبة لعبادة الله عندها فقد نهى عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " "، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد يشمل اتخاذها لعبادة الله أو لعبادة غير الله سواء كانت في مسجد مبني أو لا?
وأما المجيء إلى صاحب هذا القبر ودعاؤه واعتقاد أنه يملك النفع والضر فهذا شرك أكبر، ومن فعل ذلك فإما أن يكون جاهلاً أو عالماً، فإن كان عالماً فهو مشرك شركاً أكبر يخرجه عن الإسلام، وإن كان جاهلاً فإنه يبين له، فإن رجع إلى الحق فالحمد لله، وإن لم يرجع إلى الحق، فإنه كالعالم في الحكم، والأدلة على ذلك كثيرة، قال: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} إلخ السورة، وقال تعالى: {ولم يكن له كفوا أحد}، وفي الحديث القدسي: " "
وأما ما ذكره السائل من بناء بيت مزين ومزخرف على هذا القبر فهذا لا يجوز، فإنه من تعظيم صاحب القبر تعظيماً مبتدعاً. ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم: " ". وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
وأما الواجب على الفرد في ذلك فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله صلى الله عليه وسلم: " "، فيجب إزالة هذا البناء بقدر الإمكان.
وأما ما ذكره السائل من السكنى مع هؤلاء فالسكنى معهم لا تجوز ما دام يمكنه أن يسكن مع غيرهم ممن لم يعمل مثل عملهم؛ لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}.
وأما الذبح والنذر للولي فهو شرك أكبر؛ لأن كلاً منهما عبادة لله وحده، وحق من حقوقه التي اختص بها جل وعلا فلا يجوز صرفها لغيره، قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}، وقال صلى الله عليه وسلم: " "، ولما نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: " "، فهذه الأدلة تدل على أن الذبح والنذر لله تعالى عبادة ولغيره شرك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الحادي عشر(العقيدة)
اللجنة الدائمة
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
- التصنيف: