ما حكم ما يعرف بـ: "العشوة"؟

منذ 2006-12-01
السؤال: هناك أمر منتشر بين عامة الناس وخصوصاً أهل القرى والهجر، وهو أن يذبحوا ذبيحة أو ذبيحتين في رمضان لأمواتهم، ويدعون الناس للإفطار والعشاء، وهي ما تعرف بـ"العشوة" وهي من الأمور الهامة عندهم، ويقولون: إنها صدقة عن الميت، يحصل فيها الأجر بتفطير الصائمين، نرجو بيان هذا الأمر وجزاكم الله خيراً.
الإجابة: الصدقة في رمضان صدقةٌ في زمن فاضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن.
وأفضل ما تكون الصدقة على المحتاجين إليها، وما كان أنفع لهم فهو أفضل، ومن المعلوم أن الناس اليوم يفضلون الدراهم على الطعام، لأن المحتاج إذا أعطي الدراهم تصرَّف فيها حسبما تقتضيه حاجته من طعام، أو لباس، أو وفاء غريم أو غير ذلك، فيكون صرف الدراهم للمحتاجين في هذه الحال أفضل من صنع الطعام ودعوتهم إليه.

وأما ما ذكره السائل: من الذبح للأموات في رمضان ودعوة الناس للإفطار والعشاء فهذا يقع على أحوال:
الأولى: أن يعتقد الناس التقرب إلى الله بالذبح، بمعنى أنهم يعتقدون أن الذبح أفضل من شراء اللحم، وأنهم يتقربون بذلك الذبح إلى الله تعالى، كما يتقربون إلى الله في ذبح الأضحية في عيد الأضحى. ففي هذه الحال يكون ذبحهم بدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يذبح الذبائح في رمضان تقرباً إلى الله، كما يفعل في عيد الأضحى.
الحال الثانية: أن يؤدي هذا الفعل إلى المباهاة والتفاخر: أيهم أكثر ذبائح وأكثر جمعاً، ففي هذه الحال يكون إسرافاً منهيًّا عنه.
الحال الثالثة: أن يحصل في هذا الجمع اختلاط النساء بالرجال وتبرجهن وكشف وجوههن لغير محارمهن، ففي هذه الحال يكون حراماً؛ لأن ما أفضى إلى الحرام كان حراماً.
الحال الرابعة: أن يخلو عن هذا كله، ولا يحصل به محذور، فهذا جائز، ولكن الدعاء للميت أفضل من هذا، كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "أو ولد صالح يدعو له"، ولم يقل يتصدق عنه. وأيضاً فإن دفع الدراهم في وقتنا أنفع للفقير من هذا الطعام فيكون أفضل. والمؤمن الطالب للخير سوف يختار ما كان أفضل، ومن سنَّ في الإسلام سنة حسنة بترك ما يخشى منه المحذور، والعدول إلى الأفضل فله أجرها وأجر من عملها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثامن عشر - كتاب صدقة التطوع.

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية