حكم الضرب على الدف للرجال

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فقه الملبس والزينة والترفيه -
السؤال:

هل يجوز للرَّجُل الضرب على الدف؟

المرجو إعطائي دليلاً من السنة، وبارك الله في موقعكم.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
قد اختلف أهلُ العلم في ضرْب الدُّفِّ للرجال على قولَيْنِ:
الأوَّلُ: يُباح ضرْب الرجال بالدُّفِّ في الأعْراس ونحوها، وهو مذهب المالكيَّة، والشافعيَّة، وهو ظاهِر نصوص أحْمد وكلام أصحابه، قال ابنُ حجرٍ الهَيْتَميُّ في "التحفة": "ولا فرْقَ بين ضرْبِه من رجُلٍ أو امرأة، وقول الحَليمي: يَختص حِلُّه بالنساء، رَدَّهُ السُّبْكِيُّ". اهـ.

الثَّاني: كراهِيَة ضربِ الرجال بالدُّفِّ في الأعْراسِ ونحوِها، وهذا مذهب أبي حنيفة، وقوْل عند المالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة، قال البُهُوتي في "كشَّاف القناع": "(ويكره) الضربُ بالدُّفِّ (للرجال) مُطلقًا، قاله في "الرعاية"، وقال الموفق: ضربُ الدُّفِّ مخصوصٌ بالنساء، قال في "الفروع": وظاهرُ نُصوصِه وكلامِ الأصحاب التسويةُ".

وقال في "رد المحتار" لابن عابدين - الحنفي -: "قوله: ضرْب الدف فيه - أي: العرس - خاصٌّ بالنساء ... وهو مكروه للرِّجال على كل حال؛ للتشبُّه بالنساء".

والرَّاجِحُ - والله أعلم -: أنَّ الضَّرب بالدف خاصٌّ بالنساء دون الرجال؛ لأنَّ الدُّفَّ من جُملة المعازف التي حرَّمها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: «لَيَكونَنَّ مِنْ أُمَّتي أَقْوامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخَمْرَ والمَعازِفَ»؛ أخرجه البخاري تعليقًا بصيغةِ الجزْم، عن أبي مالكٍ الأشْعري، ورواه غيرُه موصولاً بِطُرُقٍ كثيرةٍ، أوْردها ابْنُ حجرٍ في كتابِه "تغليق التعليق"؛ فالأصل تحريم جميع المعازف.

ولكن جاءت الأدِلَّةُ مُستثْنِيَةً استخدامَ الدُّفِّ للنِّساء والأطفال، وبقي الرجال على الأصل، ولم يُنقل أنَّ الرجالَ كانُوا يُنْشِدون بالدُّفِّ مع وجوده، ولعلَّ ذلك راجعٌ إلى أنَّ الرِّجال ينبغي أن يكون اهتمامُهُم باللَّهْوِ الذي يَبْنِي شخصيَّةً قويَّةً، ولا يشغل عن معالي الأمور؛ ولهذا كانوا يلعبون بالحِراب، وهي من أدوات الحرْب، أمَّا النساء، فليس ذلك من شأنِهنَّ، فأَذِنَ الشَّارع لهنَّ بِما يتناسب وطبيعة النِّساء ورِقَّتهنَّ.

قال شيخ الإسلام - رحِمه الله -: "وبالجملة قَدْ عُرِفَ بالاضطرار من دِين الإسلام: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يشرع لِصَالِحِي أُمَّتِه وعُبَّادِهم وزُهَّادهم أن يَجتمِعوا على استِماع الأبيات الملَحَّنة، مع ضرْب بالكَفِّ، أو ضرْب بالقَضِيب، أوِ الدُّفِّ ... كما رخَّص للنساء أن يَضْرِبْنَ بالدف في الأعراس والأفراح، وأمَّا الرجال على عهْدِه، فلم يَكُنْ أحدٌ منهم يضرِب بدُفٍّ، ولا يصفِّق بكَفٍّ؛ بل قد ثبت عنْه في الصَّحيح أنَّه قال: «التَّصفيق للنِّساء، والتَّسبيح للرِّجال»، وقال: «ولعن المتشبِّهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء»، ولمَّا كان الغناء والضَّرب بالدُّف والكفِّ من عمل النساء، كان السَّلف يسمُّون مَن يفعل ذلك من الرِّجال مُخَنَّثًا، ويسمُّون الرِّجال المغنِّينَ مَخانيث، وهذا مشهور في كلامِهم". اهـ.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم: "أمَّا الدف، فيجوز في العرس بِشُروط، ولا يجوز للرِّجال مطلقًا".

وقد سُئِلَتِ اللَّجنة الدَّائمة في حُكْمِ ضرْب الدفوف للرجال، فقالتْ: "ومن وسائل إعلانه: الضَّرب بالدف؛ لكنَّه من النساء دون الرِّجال؛ لِثُبُوتِه مِنْهُنَّ عمليًّا دون الرِّجال في الصَّدر الأوَّل".

ولمزيد فائدةٍ يراجع: "حكم الضرب بالدف في الزوارة"، "حكم الاستماع إلى الأغاني"، "حكم الزفة في الشرع"، "حكم ضرب الدف".

هذا؛ والله أعلم.