من روائع خطب المجاهدين
منذ 2012-04-03
النص التالى خطبة لأحد مجاهدي الجزائر فى عصر الاحتلال الفرنسي، حين وقعت عيناي عليه لأول مرة شعرت بأننى قزم أقف أمام ناطحة سحاب، شعرت بالعجز عن ترجمة مشاعري وأنا اقرأه ...
يقرأ المرء الكثير من النصوص اللطيفة، وربما استوقفته بلاغة، أو شدته صور، أو بهرته جزالة وفصاحة، لكن على العموم النصوص البشرية غير النبوية التي تحفر لنفسها في وجدانك أخدودًا، أو تترك في نفسك أثرًا مختلفًا تلك النصوص أحسبها قليلة.
النص التالى خطبة لأحد مجاهدي الجزائر فى عصر الاحتلال الفرنسي، حين وقعت عيناي عليه لأول مرة شعرت بأننى قزم أقف أمام ناطحة سحاب، شعرت بالعجز عن ترجمة مشاعري وأنا اقرأه، طلقات مدفعية ثقيلة لا تصنع فيها، بل تشعر أنها خرجت ببعض من لحم قائلها ودمه قرأتها أكثر من مرة، بحثت عنها على الانترنت لأنسخها علي صفحتى فلما لم أجدها كتبتها بيدى، وحين كنت أكتبها غمرني إحساس عجيب، وتمنيت لو ذقت حلاوة الجهاد في سبيل الله.
أرجو أن تتوقف مع كل كلمة وتتدبرها، احسب أنها تزلزل الشرفاء الذين يبيتون على القهر ويستيقظون على العجز، قال العلامة محمد البشير الابراهيمي الجزائري رئيس رابطة علماء الجزائر مخاطبًا الاحتلال الفرنسي:
وما ظن الاستعمار بجمعية العلماء، أيظن أنها تمل وتكل فتضعف فتستكين؟ لا والله، ولقد خاب ظنه، وطاش سهمه، إنما يكل من كان في ريب من أمره وفى عماية من عمله، فأما إذا أبت إلا آن تجعل ديننا جزءًا من سياستها، فسننتقل معها للميدان الذي أرادته واختارته لنفسها ولنا وسنقود كتائب السياسة من أضيق موالجها جالبة علينا ما جلبت، وسوف تجدنا إن شاء الله عند سوء ظنها، وسوف تجدنا كما عرفتنا حيث تكره لا حيث تحب وسوف نعلمها فقهًا جديدًا، وهو أن أرض الجزائر حتى سجونها مساجد لإقامة الصلوات، وأن كل عود فيها حتى المشانق منا بخطبة ومطية خطيب، وأن كل صخرة فيها مئذنة ينبعث منها الله أكبر، وسوف يريه بنا إن عاقبة المعتدى على الإسلام وخيمة.
نحن سياسيون منذ خلقنا، لأننا مسلمون منذ نشأنا، وما الإسلام الصحيح بجميع مظاهره، إلا السياسة فى أشرف مظاهرها، وما المسلم الصحيح إلا المرشح الإلهي لتسيير دفتها، أو لترجيح كفتها فإذا نام النائمون منا حتى سلبت منهم القيادة، ثم نزعت منهم السيادة، فنحن إن شاء الله كفارة الذنب، وحبل الطنب، نحن سياسيون طبعًا وجبلة، ونحن الذين أيقظنا الشعور بهذا الحق الإلهي المسلوب، فما سار سائر فى السياسة إلا على هدانا، وما ارتفعت فيها صيحة إلا كانت صدى مرددًا لصيحاتنا، ولكننا كنا لا نريد آن نخلط شيئًا كل وسائله حق بشيء بعض وسائله باطل، وأن نميز بين ما لا جدال فيه، مما فيه جدال.
وكنا نريد أن نبدأ بأصل السياسات كلها وهو الدين لنبني عليه كل ما يأتي بعده، فنسالم ونحن مسلمون، ونخاصم ونحن مسلمون، ونصادق أو نعادي ونحن مسلمون، فيكون في إسلامنا ضمان للمعدلة حتى مع حقوقنا، نحن سياسيون لأننا ديننا يعد السياسة جزءًا من العقيدة، ولأن زماننا يعتبر السياسة هي الحياة، وأنها آية البطولة، ولأن وضعها يصير السياسة ألزم للحياة من الماء والهواء، ولأن السياسة نوع من الجهاد، ونحن مجاهدون بالطبيعة، فنحن سياسيون بالطبيعة، ولأن الاستعمار الفرنسي بظلمه وعسفه، لم يغرس فى الجزائر إلا ثمرتين: بغض كل جزائري لفرنسا حتى الأطفال، وصيرورة كل جزائري إلى سياسي حتى الأئمة ليت الاستعمار يأخذ من هذه الصراحة ما يغريه بزيادة التشدد، ظنًا منه انه يشغلنا بجانب عن جانب، ويلهينا بديننا عن دنيانا، ليته يفعل ذلك حتى يعلم أننا أصبحنا والفضل له لا يلهينا شيء عن شيء.
وأننا إذ لم نستطع شيئًا استطعنا أشياءً، وإذا لم نستطع أن نكون عطشًا لخصمنا كنا كدرًا فى الماء وأننا إذا حرمنا قمح الأرض زرعناها أشواكًا، وأنه لم يبق قلب فى الجزائر، يتسع لذرة من حب فرنسا، أو يتسع لخيط أمل فيها، وليعلم أخيرًا أن الله للظالمين بالمرصاد.
ولا نقول ربحنا أو خسرنا، فالربح والخسارة من مفردات قاموس التجار، أما الجهاد الذي غايته تثبيت الحقائق الإلهية فى الأرض، وغرس البذور الروحية فى الوجود فغلته سماوية لا تحمل معاني التراب، متسامية لا تسف إلى ما تحت السحاب، وأما المجاهدون في سبيل ذلك، فلا يعدون الربح والخسارة في آرابهم، ولا يدخلون الوقت طال أم قصر في حسابهم.
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام
خالد الشافعي
داعية مصري سلفي
- التصنيف: