سوريا الجريحة بانتظار (البرسقي)!

منذ 2012-04-15

انتفض أهل سوريا بثورة ضد الظلم والطغيان والحرمان كبقية الشعوب فيما يعرف بثورات الربيع العربي من أجل حل مشكلاتهم وتحسين أوضاعهم لمستوى يحترم الإنسان ويقدره...


انتفض أهل سوريا بثورة ضد الظلم والطغيان والحرمان كبقية الشعوب فيما يعرف بثورات الربيع العربي من أجل حل مشكلاتهم وتحسين أوضاعهم لمستوى يحترم الإنسان ويقدره؛ لكنهم فوجئوا بالهالات والويلات من قبل نظامهم فمن حلم الثوار باسترداد أبسط حقوقهم، إلى مقابلتهم من قبل "بشار الأسد وجنوده" بالحرب كأنهم محتلين وليسوا أبناء هذه الأرض المباركة.

ومن هنا انقلب الحال إلى حرب ضد أهل السنة الذين عانوا هم وأباؤهم ويلات نظام الأسد "العلوي"، فالعلويون الآن يخربون ويقتلون ويعذبون ويذبحون ويمثلون بالجثث؛ ولا يوجد عندهم حرمة لأي شيء.
وللأسف فإن هذا الجحيم الذي يحياه إخواننا في سوريا الآن يعد نتيجة مباشرة لتولي حكام لا ينتسبون لأهل السنة والجماعة حكم البلاد والعباد وهي "نتيجة تاريخية" تؤكد عليها دومًا كتب التاريخ والتراجم، والتي تذكر لنا أنه في سنة 518 هجرية كانت الهجمات الصليبية تغير على "حلب" وأفسد الصليبيون بساتينها وزروعها في محاولة لتدمير اقتصاد "حلب" والذي كان يعتمد على الزراعة. كما قاموا بنبش قبور موتاهم وسلبوا أكفانهم، ومن لم تتقطع أوصاله منهم ربطوا في أرجلهم الحبال، وسحبوهم أمام أنظار المسلمين المحاصرين في "حلب" وهم يصيحون هذا نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم.

وأخذت جماعة من الصليبيين "المصحف الشريف" وصاحوا؛ يا مسلمين أبصروا كتابكم، ثم يضعونه أسفل حيواناتهم كي يقع روثهم عليه وهم يصفقون ويضحكون عجبًا وزهوًا؛ هذا إضافة إلى التعذيب الشديد والتمثيل بكل من يأسرونه من المسلمين. وفعل الصليبيون بديار الشام مثلما يفعل الأسد اليوم بإخواننا في سوريا وكأن "الأسد العلوي" يسير على درب الصليبيين في التنكيل والتعذيب. في هذه الأثناء ذهب وفد من "حلب" إلى زعيم منطقة "ديار بكر" بتركيا للاستنجاد به وتسللوا ليلًا وعانوا حتى وصلوا، لكنه لم يساعدهم بشيء وفسدت مساعيهم.

فاستطاع الوفد نفسه الاتصال بوالي الموصل "اقسنقر البرسقي"، وهو تركي في الأساس وكان مريضًا حينئذ، وقد بلغ من الضعف مبلغًا عظيمًا وعندما دخل عليه وفد "حلب" وشرحوا له الأخطار والصعوبات التي يعانيها أهل "حلب" فنذر إن عافاه الله من المرض أن يبذل كل جهده في الذب عن حلب، وبالفعل شفاه الله بعد ثلاثة أيام وفارقته الحمى، فسرعان ما نادى قواته لأن تتأهب لقتال الصليبيين وإنقاذ حلب.


وفى غضون أيام غدًا جيشه على أهبة الاستعداد فغادر الموصل متجهًا إلى "الرحبة" ومنها أرسل إلى أمير "دمشق" وأمير "حمص" يطلب مساعدتهم فلبى الأميران دعوته وبعثا عساكرهما للانضمام إلى جيش "البرسقي"، وبدأ زحفه صوب مواقع القوات الصليبية التي تطوق "حلب"، لكن كفاه الله شر الصليبيين لأنهم عندما علموا بمجيئه وجنوده المسلمين خرجوا وتركوا حلب خوفًا من لقاء جيش المسلمين، وهذا من الخوف الذي قذفه الله في قلوب الصليبيين المعتدين، ومن العزة أيضًا لجند الله فرار أعدائهم خوفًا من لقائهم.

البرسقى لم يرد تتبعهم والهجوم عليهم خوفًا على "حلب" وأهلها لمعاناتهم، ولكن أدى دورًا قياديًا من نوع آخر ففور دخوله "حلب" بدون قتال قام بحل مشاكلها ورفع مستواها الاقتصادي والاجتماعي؛ فنشر العدل، وأصدر مرسومًا برفع المكوس والمظالم المالية، وعمت عدالته الحلبيين جميعًا، وقام بنشاط واسع لجلب الغلال والمؤن إلى المدينة كي يخفف من حدة الغلاء، وما لبث أن عاد النشاط الزراعي إلى حالته الطبيعية، بعدما كان أصحاب الأراضي محرومين من دخولها، وعاد النشاط التجاري إلى سابق عهده بعد أن حل الأمن والاستقرار لحلب، ولعل ما حدث من توحيد حلب مع الموصل يعتبر بدء توحيد الجبهة الإسلامية التي قدر لها أن تقضى في يوم من الأيام على قوة الصليبيين في الشام الحبيبة".


لقد ذكرت هذه القصة لنبين كيف هب هذا القائد صاحب العدة والعتاد لنصرة المسلمين، بل وتدبير شؤونهم ومصالحهم، على النقيض الآن نجد ما أفتى به ودعا إليه علماء الشيعة إلى وجوب القتال في سوريا من أجل بقاء النظام العلوي الظالم الذي يتقطر من فمه ويديه دماء السوريين فقاموا بإرسال رجالهم وأسلحتهم من إيران ولبنان لذبح الشعب السوري، واستعان النظام العلوي بحزب الله في قمع المظاهرات، فهم صف واحد ضد أهل السنة والجماعة. وهذه المشاهد الشيعية ضد أهل السنة في سوريا تبين كم أخطأ من اغتر بـ "حسن نصر الله" في حرب تموز 2006 وكيف أن إسرائيل كانت مستهدفه أهل السنة في لبنان بمعاونة حزب الله.

لو كان الشيعة صادقين في قتالهم لكان أولى بهم وفي مقدمتهم النظام العلوي أن يحرروا الجولان لكنهم أبوا قتال اليهود واستباحوا دماء أهل السنة والجماعة؛ من هنا ندرك خطورة تولية الشيعة لزمام ولاية الأمور وقيادة ديار أهل السنة والجماعة؛ فهل من "برسقي" ينقذ سوريا الجريحة مما هم فيه من العذاب الأليم؟


هبة الله شتا - 19/5/1433 هـ