مبشرات في زمن الوهن.. أسرار انتشار الإسلام مع اشتداد الهجمات عليه!
مبشرات في زمن الوهن.. أسرار انتشار الإسلام مع اشتداد الهجمات عليه!! (1/4)
خباب الحمد | 17/5/1433 هـ
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلِّه، وكفى بالله شهيداً، وأشهد ألاَّ إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم تسليماً مزيداً إلى يوم الدين أمَّا بعد:
فنقف في الاستهلال عند هذه العبارات النورانية الصادقة:
"...وكما أن الله نهى نبيه أن يصيبه حزن أو ضيق على من لم يدخل في الإسلام في أول الأمر فكذلك في آخره، فالمؤمن منهي أن يحزن عليهم وأن يكون في ضيق من مكرهم، وكثير من الناس إذا رأى المنكر أو تغير كثير من أحوال الإسلام؛ جزع وكلَّ وناح كما ينوح أهل المصائب، وهو منهي عن هذا، بل هو مأمور بالصبر والتوكل والثبات على دين الإسلام".
هكذا يخبرنا الإمام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-(1) حينما تدلهم بالمسلمين المدلهمات، وتأتيهم المصائب المتتابعات، فإنَّ علامة صدقهم والتزامهم أوامر الدين الحنيف، أن يتمسَّكوا بحبل الله المتين، ويرتبطوا بعقيدته وثوابته.
لقد كان من سنَّة خير المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بث جوانب الفأل الحسن في الناس حينما تصيبهم مصائب ومآسٍ تثير لبَّهم، وتزيدهم حزناً وضيقاً على حالهم، وهو ما وقع للمؤمنين في غزوة الأحزاب، حيث كان وضع المسلمين فيها لا يطاق من اللأواء والأهوال العظام التي أحاطت بهم، حتَّى وصفها رب العزَّة والجلال بقوله: {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا. هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً} [سورة الأحزاب: 10-11].
في هذه اللحظات الحرجة والمصائب التي تجمعت على المسلمين إذا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يبشرهم بسقوط حكم كسرى وقيصر، وعندما اعترضتهم صخرة لم يستطيعوا كسرها أثناء حفرهم للخندق رضي الله عنهم وأرضاهم جاء الصحابة واشتكوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فأخذ المعول وقال: بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: الله أكبر، وكان عندما يضرب الحجر يقول: «الله أكبر! أُعْطِيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر» الساعة ثم يضرب الثانية ويقول: «الله أكبر! أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصور المدائن»، ثم يضرب الثالثة فيقول: «الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء بمكاني هذه الساعة»(2).
أمام هذه الصورة الرائعة من المظهر القيادي الذي تولاَّه رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، نستشعر قوَّة تصرفه عليه الصلاة والسلام في إدارة الأزمات حيث قلب المحنة إلى منحة، وأظهر الأمل داخل الألم، وبشَّر المسلمين بفتح مبين على الرُّغم من الصعاب التي تواجههم.
وها نحن أهل الإسلام في هذا الزمان نجد معاول الكفر تحاول أن تجتثَّ هذا الدين من قلوب الناس، باستخدام جميع أنواع القوَّة الناعمة والصلبة، والمادية والعسكرية والمعنوية، لمحاولة تحجيم انتشار الإسلام ومعاقبة من اعتنقوه بجحيم الحروب والقلاقل، ومحاولة ردِّهم عن هذا الدين، وغزوهم فكرياً وثقافياً، ومع هذا كلِّه نجد شيئاً غريباً وملمحاً عجيباً يكمن في تلك السرعة الفائقة في انتشار الإسلام في كثير من نواحي المعمورة، بدرجة لا تخطر على بال أحد، مع أنَّ الحالة التي يعيشها المسلمون في هذا الزمن، من أسوأ الحالات التي مرت بهم ضعفاً وضياعاً واضطراباً واحتلالاً لكثير من بلاد الإسلام.
إنَّني أتحدث عن ذلك؛ لعدة اعتبارات ساقتني بشكل خاص للبحث والدراسة في هذا الموضوع منذ شهور عدَّيدة، خاصَّة ونحن نلاحظ غياب هذه الأخبار الرائعة عند كثير من وسائلنا الإعلاميَّة، فهي مشغولة ببث الأخبار المأساوية التي تثير الهم ولواعج الحزن في القلب، أو بذكر الأخبار التافهة.
بل صار كثير من الناس يقولون: إنَّ هذا الدين ينحسر وإنَّ الأمَّة المسلمة لن تقوم لها قائمة إلاَّ بقدرة محضة من عند الله تعالى، وأمَّا البشر فقد باتت جهودهم لا تقوى على إصلاح الصعوبات التي يعايشونها.
لهذا كله أزمعت الرأي، وشمَّرت عن ساعد الجد، وآليت على نفسي أن أكتب شيئاً يثير بين المسلمين روح التفاؤل، وحياة السعادة، وبهجة القلوب، وانشراح الصدر في ظل الصعوبات التي تواجه المسلمين، حيث يمكن أن نُسميها كذلك: (مُبشِّرات في عالم مأساوي).
حقائق وأرقام عن انتشار الإسلام:
أثناء التطواف على بعض المراكز المعنيَّة بالإحصاءات، وجمع المعلومات المختصة بانتشار الدين الإسلامي، نجد أنَّنا أمام حالة تدعونا إلى الطمأنينة بأنَّ هذا الدين المنزَّل من عند رب العالمين سبحانه وتعالى محفوظ لن يناله الضياع، ولن يقلَّ أنصاره أو يختفي أتباعه.
ففي إحصائيَّة لدى الأمم المتحدة تقول: إنَّ نسبة النمو السنوي للمسلمين في العالم (6,4%)، بينما نسبة النمو السنوي للنصارى (1%)، وهذا دليل كبير على أنَّ دين الإسلام في انتشار وليس في اندثار كما يقوله المحبطون اليائسون.
في زمننا هذا يوجد أكثر من 4200 نِحلَة ومِلَّة في العالم!
وتدل الإحصاءات على أن الدين الإسلامي هو الأسرع انتشاراً بين جميع المُعتقدات في العالم!
ففي عام 1999 بلغ عدد المسلمين في العالم 1200 مليون مسلم(3).
كما أنَّ الإسلام ينتشر اليوم في جميع قارات العالم، فقد بلغ عدد المسلمين في عام 1997 في القارات الست ما يلي:
ـ في آسيا 780 مليوناً.
ـ وفي إفريقيا 308 ملايين..
ـ وفي أوروبا 32 مليوناً.
ـ وفي أمريكا 7 ملايين.
ـ وفي أستراليا 385 ألفاً (4).
إنَّ من يقرأ هذه الاستطلاعات والإحصاءات سيدرك لا محالة أنَّ دين الإسلام -بفضل الله تعالى- ثمَّ بسبب بعض الجهود الدعويَّة المخلصة، التي تسهم في نشر هذا الدين، يتزايد أهله، يدخل الناس فيه أفراداً وأفواجاً.
ولقد أصبح الدين الإسلامي هو الديانة الثانية في أسبانيا وفرنسا وبريطانيا.
وإحصاءات أخرى تقول: بأنَّ 20 ألف أمريكي يدخلون الإسلام سنويًّا، و23 ألف أوروبي يدخلون الإسلام كذلك في كل سنة، وأنَّ 25 ألف بريطاني يعتنقون الإسلام كل عام، كما يقول رئيس المركز الإسلامي هنالك.
وفي الصين وحدها يوجد أكثر من 25 ألف مسجد، بل تتحدث الإحصاءات عن وجود أكثر من 25 ألف مسجد في أوروبا مع إقبال شديد من المسلمين عليها، وضعف شديد من إقبال النصارى على كنائسهم، حتَّى وصل الحال بإحدى الكنائس في دولة أوروبيَّة إلى أن تجري مسابقة على سحب للسيارات لكي تجتذب الناس إلى الصلاة فيها؛ لقلَّة روَّاد الكنائس!!
ونجد في ذلك شهادات صريحة بعد تقصِّيات ذكرتها صحيفة "ديلي تليجراف" البريطانية في مارس 2008 بأنَّ عدد المقبلين على المساجد في بريطانيا يفوق مرتادي الكنائس في كل من إنجلترا وويلز.
وحذَّرت تلك الصحيفة من أنه إذا استمرت هذه الميول فإن مرتادي الكنائس لحضور صلوات الأحد سيتراجع إلى 678 ألف مصل بحلول عام 2020، ومع هذا العام سيرتفع عدد المسلمين الذين يرتادون المساجد لأداء صلاة الجمعة إلى 683 ألفاً.
وفي ألمانيا يتزايد المسلمون كذلك، بحسب صحيفة "دي فيلت" الألمانية اليومية، وهناك معلومات مؤكدة بوجود خطط لبناء 120 مسجداً إضافياً فيها، فيما أشارت آخر الإحصاءات إلى أنَّ تعداد المسلمين في ألمانيا يتزايد، وقالت مجلة "دير شبيجل" الألمانية في تقرير لها -استنادا إلى دراسة أجراها مركز المحفوظات الاسلامية بمدينة سويست-: إنه ما بين يوليو 2004 و يونيو 2005 تحول ما يقرب من أربعة آلاف مواطن ألماني إلى الإسلام أي ما يعادل أربع مرات زيادة عن عام 2003م (5).
وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية -استناداً إلى بحث أجراه المعهد المركزي للأرشيف الإسلامي- أن عدد المساجد ذات المآذن والقباب ارتفعت في ألمانيا منذ عام 2004 من 141 إلى 159 مسجداً بالإضافة إلى 128 مسجداً تحت الإنشاء.
ومن ناحية أخرى.. توقعت دراسة أجراها "بنك دريسدن" تراجع أعداد الكنائس في ألمانيا خلال السنوات المقبلة حيث من المنتظر وقف القداسات الدينية في 96 كنيسة من إجمالي 350 كنيسة بـ"أبرشية ايسن" وحدها والاستفادة من مباني الكنائس في أغراض أخرى، وذلك بسبب تراجع أعداد رواد الكنائس وانخفاض عائدات "ضريبة الكنيسة".
وتتحدث الإحصاءات عن أنَّ ثلث الشعب الهولندي سيصبح مسلماً بعد مرور عشرة أعوام كما تحدَّثت بذلك بعض الدراسات المستقبليَّة.
وتتحدث الأخبار أنَّ (50) ألف فرنسي أسلموا في داخل فرنسا في عام 2004 م حتَّى سمي ذلك العام بعام الإسلام في فرنسا، وفي مُقابل ذلك نجد أنَّ 7% فقط هم ممَّن يعتنون بالمداومة على الذهاب لممارسة طقوسهم في الكنائس الفرنسيَّة.
والأشد إثارة أنَّ تلك الدول تجد نفسها كذلك أمام ظاهرة (إسلام القساوسة) فهي تتزايد وخصوصاً في أوروبا وأمريكا سنة بعد أخرى.
وفي مصر نجد أنَّ الأقباط التابعين للديانة النصرانية يدخل منهم في دين الإسلام ما بين 6000 ـ 7000 سنوياً، ولهذا يكشف "ماكس ميشيل"، الشهير بـ"الأنبا مكسيموس" أن ما يقرب من 80 إلى 200 قبطي يعتنقون الإسلام يوميًا، محذرًا من تدهور أوضاع الكنيسة القبطية.
بل أماط مكسيموس اللثام عن اجتماع لجنة كنسية برئاسة "الأنبا باخميوس" مطران محافظة البحيرة شمالي القاهرة، وحضور "الأنبا موسى" أسقف الشباب، والأنبا "أنسطانس"، وأسقف المعادي "الأنبا دانيال"؛ لبحث الإقبال الكبير من نصارى مصر للدخول في الإسلام.
ونقل مكسيموس عن اللجنة قولها: إن عدد اللذين يُشهرون إسلامهم يوميًا من أقباط مصر يتراوح بين 80 إلى 200 شخص، وأضاف: أن هذه اللجنة التي عرفت باسم لجنة "باخميوس" اعترفت بأن عدد الذين يعتنقون الإسلام سنويًا في مصر في المتوسط يقرب من 50 ألف مسيحي، وهذا ما يعطينا بداهة السبب الحقيقي لحرب الكنائس المصرية على المسلمات والمسلمين، وحبس المسلمات في أديرتهم، فكَّ الله أسرهنَّ أمثال: (وفاء قسطنطين، كاميليا شحاتة).
وقد أكَّدت دراسة أعدتها وزارة الداخلية الفرنسية: أنَّ 3600 شخص يعتنقون الإسلام سنوياً، وأن المسلمين الفرنسيين أكثر التزاماً، وتندر الجريمة في أوساطهم وتشير الإحصاءات أن فرنسا تضم 2300 مسجد و7 ملايين مسلم ليصبح الإسلام الدين الثاني بعد المسيحية بفرنسا.
بل هناك توقعات بأن المسلمين سيمثِّلون ربع سكان فرنسا بحلول عام 2025 بينما تشير تلك التوقعات إلى أنهم سيمثلون 20% من سكان أوروبا عام 2050م، و هنالك إحصاءات أخرى ترى أنَّه في عام 2040م سيكون المسلمون هم الأكثريَّة السكانية في أوروبا.
وعودة إلى فرنسا فقد ذكرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية أن كتاب "الأربعين النووية" وهو كتاب للإمام النووي رحمه الله يجمع بعض الأحاديث النبويَّة، ينتشر في فرنسا ومعه ترجمة باللغة الفرنسية، حتَّى حقَّق مبيعات عالية جداً في المكتبات الفرنسية بسبب اهتمام الفرنسيين من مسلمين وغير مسلمين بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.(6).
وأكدت دراسة حديثة أن عدد المسلمين بالولايات المتحدة الأمريكية تجاوز ستة ملايين مسلم ليصبح الإسلام أحد أكبر الديانات الخمس بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتتحدث الأخبار أنَّ مناهج تدريس الدين الإسلامي باتت تنتشر رويداً رويداً، حتَّى إن(حزب الخضر) في ولاية هيسن غرب ألمانيا، أبدى تأييده لخطط الحكومة الجديدة بالولاية الرامية لتدريس مادة الدين الإسلامي بمدارس الولاية. وذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن هذا القرار جاء بعد مشاورات بين 15 ممثلا عن الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات و14 ممثلاً عن المنظمات الإسلامية.
وحتَّى في السويد أصبح الإسلام يدرَّس في المدارس الحكوميَّة؛ فقد أعلن تقرير أعده المركز الإسلامي في العاصمة السويدية استوكهولم أن الإسلام أصبح يحتل المرتبة الثانية في السويد بعد الدين المسيحي وهو ما حدا بالحكومة السويدية إلى الاعتراف به وتدريسه في المدارس الحكومية هناك جنباً إلى جنب مع الديانة المسيحية وهناك مساع حثيثة لترسيخ فكرة إنشاء كليات ومعاهد خاصة بالدراسات الإسلامية في السويد.
وأكدت الدراسة، بحسب مجلة " عقيدتي" أن الإسلام ينتشر بشكل مثير للدهشة في أوساط الشعب السويدي رغم غياب الدعاية الكافية له حيث أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد المسلمين في تزايد مستمر ليقدَّر عددهم في السويد اليوم بأكثر من 120 ألف نسمة.
لأجل ذلك نرى ونلاحظ ونشاهد تلك الحالة العارمة في أوروبا لمضايقة الإسلام، والاستهزاء بالدين وثوابته ورجالاته، بل المطالبة بخروج المسلمين من تلك البلاد، فالمضايقات لم تأت نتيجة عفويَّة أو طفرة جينيَّة -كما يقال- ولكنَّها رواسب ترسَّبت في عقول الحاقدين والحانقين على هذا الدين حينما يرونه ينتشر ويزداد أنصاره، مع الضعف السياسي والاقتصادي لعموم الدول الإسلاميَّة.
وصدق الشيخ محمد الغزالي في قوله:" لأننا نستيقظ فإنهم يضربون فلو كنا أمواتاً ما شعر بنا أحد".
وحتَّى نفهم الهجمة الشرسة على الإسلام، والمناداة بحقوق الأقليات الدينية الموجودة في البلاد الإسلامية، كمناداة الإدارة الأمريكيَّة وغيرها بضرورة الحفاظ على حقوق الأقليَّة النصرانيَّة القبطية في مصر -على سبيل المثال- لأنَّهم يسمعون ويلاحظون كثرة من يترك دينه من أولئك الأقباط ويدخل في دين الإسلام من الرهبان والراهبات وعموم الأقباط المصريين، وهذا ما يفسِّر سرَّ انتفاضتهم ومحاولتهم الدؤوبة لوضع سياج وحصانة لأولئك الأقباط، وزرع بذور الفتنة و الاقتتال بينهم وبين المسلمين؛ لكي يتوهم أولئك الأقباط وغيرهم من الأقليات بأنَّهم مستهدفون من قِبَلِ المسلمين!!
وانتقالاً لشق آخر نجد أنَّ الكثير من كبار الغربيين، يعترفون بأنَّ الشريعة الإسلاميَّة عظيمة القدر، وأنَّ في تطبيقاتها الكثير من الحلول للجرائم والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية، فالدكتور روان وليامز كبير أساقفة كنيسة كانتربري دعا إلى تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا. معتبراً أنه أمر لا يمكن تجنبه قائلاً في حديث له مع إذاعة "بي بي سي" في فبراير 2008: "إن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر لا مفر منه لتماسك المجتمع البريطاني"، وتعرض بسبب ذلك لانتقادات حادة داخل المجتمع البريطاني وفي عدد من البلدان الأوروبية.
والحال نفسه نجده لدى كبير القضاة في إنكلترا وويلز ودفاعه عن الشريعة الإسلامية، وأكَّد أن مبادئها يمكن أن تلعب دوراً في بعض جوانب النظام القضائي، وهي تصريحات اعتبرتها محكمة الصلح الإسلامية في المملكة المتحدة (خطوة إيجابية).
ووفقاً لتصريحات رئيس لجنة إشهار الإسلام بمشيخة الأزهر الشريف فإن هناك أكثر من مليون ومائتي ألف أجنبي أشهروا إسلامهم خلال الأعوام العشرة الأخيرة طبقا لإحصائية أصدرها الأزهر الشريف مؤخرا مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من المسلمين الجدد -الذين أشهروا إسلامهم مؤخراً- هم من أوروبا وتحديدا أوروبا الشرقية وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المركز الثاني ثم أمريكا الجنوبية ثم دول شرق آسيا ثم إفريقيا.
وهذا يعطينا صورة حقيقيَّة واقعيَّة تدل على انتشار الإسلام في أنحاء المعمورة بسلم وسلام، ودون جهاد، ويأتي هذا في ظل أوضاع صعبة وسيئة يحياها المسلمون، ومع هذا كلِّه فالالتفاف حول الدين الإسلامي والدخول فيه بأعداد هائلة واقع في قلب أكثر الدول حرباً على الإسلام وعلى رأسها أمريكا والاتحاد الأوروبي!
لقد جمعت في هذه الدراسة المقتضبة عدداً من الإحصاءات، والقصص، والأدلَّة، في ظل ما نشهده اليوم من حالة بؤس وتيئيس من بعض المسلمين، فضلاً عن إحباط بعضهم ورؤيتهم بأنَّ دين الإسلام قد قلَّ أنصاره، وكثر محاربوه، وأنَّ العيش في زمننا هذا مع التمسك بالإسلام وأحكامه قد صار من الصعوبة بمكان!
فإذا كان ما ذكرناه من انتشار الدين الإسلامي شيئًا قد اعترف به غير المسلمين في قلب الدول المحاربة للإسلام، فإنَّ هذا الأمر يجب أن يعزِّز لدينا مبدأ الاعتزاز بهذا الدين والمفاخرة به لجميع الأمم والإسهام في نشره، لأننا نرى أنه ينتشر بنا أو بغيرنا، فليكن لنا نصيب إذن في شرف نشره راجين أن نكون كمن قال له الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» (7)، وأمَّا اليأس والقنوط فإنَّه لا يصنع شيئاً سوى الهم والغم والأمراض النفسيَّة.
وأوطنت المكارهُ واستقرت *** وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً *** ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثٌ *** يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
وكلُّ الحادثاتِ إذا تناهتْ *** فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرْيَبُ
___________________
(1) مجموع الفتاوى:(18/295).
(2) أخرجه أحمد والنسائي من حديث البراء بن عازب، وحسَّنه ابن حجر في فتح الباري (7/458)، وأصل الحديث عند البخاري في صحيحه في كتاب المغازي.
(3) CAIR (Council on American-Islamic relations) (1999) نقلا عن موقع الدكتور عبد الدائم كحيل: www.kaheel7.com
(4) Britannica Yearbook, 1997 نقلا عن موقع الدكتور عبد الدائم كحيل: www.kaheel7.com
(5) نقلاً عن موقع نور الإسلام:
http://www.islamlight.net/index.php?option...iew&id=4387
(6) من جريدة المؤتمر الوطني العراقي بتصرف، ورابطه:
http://www.inciraq.com/pages/view_paper.php?id=20091098
(7) متفق عليه، أخرجه الإمام البخاري من حديث سهل بن سعد الساعدي برقم:(3701)، وأخرجه الإمام مسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي برقم:(2406).
- التصنيف: