دراسة لنتائج المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية وكيف نتعامل معها (1)

منذ 2012-06-08

مثلت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية صدمة لكثير من القطاعات في الشعب المصري، إذ دلت بوضوح على تغير خريطة الرأي العام المصري عن الاستفتاء وانتخابات مجلسي الشعب والشورى..



بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:

فلقد مثلت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية صدمة لكثير من القطاعات في الشعب المصري، إذ دلت بوضوح على تغير خريطة الرأي العام المصري عن الاستفتاء وانتخابات مجلسي الشعب والشورى.
وبشكل مبدأي أشارت النتائج إلى تكون طبقة رافضة للثورة عمومًا وهي التي انحازت لشفيق، بالإضافة إلى الخسارة الضخمة لشعبية الإخوان رغم دخول مرشحهم لجولة الإعادة.

ورغم الحديث عن مخالفات انتخابية وتزوير وغيره، إلا أننا يجب أن لا نغفل أن هناك فعلا فئات من الشعب انساقت خلف وسائل الإعلام المختلفة التي تقدم شفيق على أنه خيار الاستقرار والأمن وإنقاذ الاقتصاد.
وكما يجب علينا السعي في منع التزوير وكشفه، يجب أيضًا الاعتراف بأن ما حصل عليه شفيق من أصوات ليس كله تزويرًا، وحيث أنه لا يسع إسلاميًا أو ثوريًا أو حتى وطنيًا أن يقف خلف شفيق في الانتخابات القادمة، فهذه محاولة لفهم أعمق للشرائح الانتخابية التي صوتت للمرشحين في الجولة الأولى، حتى نكون أقدر على التواصل معها، وإنقاذ الثورة من منزلق مميت.


نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية كالتالي:
الأول: محمد مرسي بحوالي 5 ملايين و765 ألفا.
الثاني: شفيق بحوالي 5 ملايين و505 ألفا.
الثالث: حمدين بحوالي 4 ملايين و820 ألفا.
والرابع: أبو الفتوح بحوالي 4 ملايين و650 ألفا.
والخامس: موسى بحوالي 2 مليون و 588 ألفا.

وبلغت نسبة التصويت حوالي 46% من إجمالي من لهم حق الانتخاب، إذًا فهناك محورين:
أولا: محاولة تحييد أصوات شفيق ما أمكن.
ثانيا: محاولة منع انضمام فئات أخرى لشفيق ممن رشحوا باقي المرشحين.


المحور الأول: أصوات الفريق شفيق.
هناك فئات عدة قد انحازت للفريق شفيق في المرحلة الأولى من أهمهم التالي:

الفئة الأولى: الأقباط:
تواترت الأنباء أن هناك حض من الكنيسة للتصويت للفريق شفيق، وإذا افترضنا أن عدد النصارى 8 ملايين يحق لنصفهم الانتخاب ثم ذهب ما يقرب من نصفهم للتصويت فنحن أمام 2 مليون صوت ربما ذهب أغلبهم لشفيق، أي ما يزيد عن ثلث المصوتين له في المرحلة الأولى! ومشكلة هذه الفئة التصويتية أن:

أولا: توصيات الكنيسة لها قدسية خاصة عند أغلب النصارى، مما يعني أن غالبية النصارى لن يخالفوا الكنيسة، ولقد سمعت إحدى المقربين مني: اثنتان من النساء النصارى تتحدثان في طابور الانتخابات تسأل إحداهما الأخرى قائلةً: هل حرام علي إذا لم أصوت لشفيق؟!

ثانيا: إذا كان النصارى أعطوا أصواتهم لشفيق وهناك بدائل أخرى غير الإسلاميين، فمن باب أولى لن يعطوا أصواتهم لمرسي في الإعادة، إذًا فبرغم أن هذه هي أكبر كتلة متماسكة قد أيدت شفيق، فإنها قد تكون الأصعب في التعامل لما سبق ذكره، ولكن أقترح الآتي:

أولاً: الاستفادة من النصارى الموجودين في حملة مرسي والحملات الأخرى المنضمة مثل: حملة أبو إسماعيل في توجيه الرأي العام النصراني، أي النصارى هم من يتولون هذه المهمة.
ثانيًا: أن تكون حملات الدعايا منصبة على التنفير من شفيق، والتذكير بدماء مينا دانيال وغيره ممن سيضيع حقوقهم بلا شك إذا فاز الفريق شفيق.

ثالثًا: أن يكون هناك وضوح من الإخوان ما أمكن تجاه القضايا التي تهم النصارى.
رابعًا: أن تكون الدعاية منصبة على فئة الشباب وخاصة الثوري، فهم أكثر نفورًا من شفيق عن الأجيال الكبيرة.
خامسًا: قد يكون بوستر واحد فيه صورة مينا دانيال بجوار الفريق شفيق وتحته كلمة معبرة ويقوم بتوزيعه نصارى قرب الكنائس أقوى من ألف كلمة في وسائل الإعلام.

وختامًا: فلو استطعنا فقط حض ربع النصارى على عدم التصويت لشفيق، حتى لو لم يعطوا لمرسي وقاطعوا الانتخابات، فهذا معناه خسارة شفيق لنصف مليون صوت تقريبًا.


الفئة الثانية: الفلول (رجال أعمال، وحزب وطني، ومنتفعون من الوضع السابق):
وهؤلاء بجانب أصواتهم يشترون الأصوات أو يطلبوا من عمالهم وموظفيهم التصويت لشفيق وأقترح الآتي:
- شن حملة إعلامية شرسة لمحاربة ما يسمى بالورقة الدوارة، التي يتم بها التأكد من أن العامل أو الموظف قد صوت لشفيق، وكذلك منع تصوير ورقة الانتخابات وتجريم هذا الفعل.

- توعية مندوبي الحملات الرئاسية بوجوب وجود فرد خارج اللجنة ومراقبة أي مظهر من مظاهر التصويت الجماعي، مثل الحضور المجمع في أتوبيسات ومحاولة الإبلاغ في حالة ثبوت وجود ورق انتخابي مع أحد الأفراد خارج اللجنة أو توزيع أموال وخلافه.

- تبني خطاب واضح لرجال الأعمال الشرفاء، يبين لهم برنامج الإخوان الاقتصادي المقبل ومزاياه بغرض استقطابهم، مع عدم إهمال قطاع السياحة.


الفئة الثالثة: ضباط الشرطة والجيش وعائلاتهم:
إذا افترضنا أن كل فرد منهم يستطيع التأثير على فردين أو أكثر، فهذا يعني أننا أمام فئة لا يستهان بعددها وربما كما تواردت الأخبار تم استمالتهم لجانب شفيق، لذا يجب أن يتم توجيه خطاب إعلامي واضح من الإخوان لكل من أفراد الجيش والشرطة، يوضح أن الخصومة إنما كانت مع الفاسدين، وأن إقامة العدل في الدولة هو ما سيحفظ لهم هيبتهم وكرامتهم وليس نظام البطش والاستبداد، وأن مستقبل أولادهم لن يكون في أمان في مجتمع كاره لهم، وأن مصلحة البلد أهم من أي مصالح شخصية..

كما يتعهد الإخوان بدراسة مشاكلهم الشخصية، ومراعاة العدل بينهم في الترقيات والمناصب وغيره دون محسوبيات، وكذلك ما يضمن لهم حياة كريمة من مرتبات لصغار الضباط، وأمناء الشرطة، وضباط الصف وغيرهم.


الفئة الرابعة: عامة الشعب المخدوعين بالخطاب الإعلامي:
الإعلام من أخطر أدوات المعركة القادمة، ولقد بدا واضحًا كيف انخدع كثير من البسطاء واختاروا شفيق ليكون الأول في عدة محافظات، وأقترح الآتي:

- نظرا لضيق الوقت وأهمية الإعلام فأقترح نقلة نوعية في هذا الاتجاه، وهي أن يقوم مجلس الشورى الذي به أغلبية إخوانية بدوره في تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية، ويتم اختيار الأكفاء المعروفين بنزاهتهم وانحيازهم للثورة، ولو كانوا من خارج التيار الإسلامي حتى يكون هذا أكثر قبولا عند الشعب من ناحية، ودليلا على عدم نية الإخوان الانفراد بالمناصب في المرحلة القادمة.

- أن يقوم أفراد حملة الإخوان والحملات المنضمة لهم بالتركيز على التحذير من الفلول، والتذكير بخطايا النظام السابق في حق الشعب من فساد ومسرطنات وحوادث وامتهان كرامة في الداخل والخارج وغيرها، بالإضافة إلى التذكير بحقوق الشهداء والمصابين التي ستضيع تضحياتهم هباء وهكذا.

- أن يستبعد الإخوان المتحدثين الذين كلما ظهروا أساؤوا لهم.
- أن يستلهم الإخوان ما نجح من الحملات الأخرى ووصل للناس في الشوارع مثل حملات (كلموهم) لأبو إسماعيل و(أبو إسماعيل مش بس للسلفيين) و(قهاوي أبو الفتوح) و(كاذبون) وغيرها.

- أن يكون للإخوان متابعة دقيقة ومستمرة لكل ما يثار ضدهم من فزاعات، ومن ثم الرد عليه بشكل واضح وصريح يقنع المستمع، فبرغم تهافت كثير من تلك الفزاعات إلا أننا نفاجأ أن كثير من البسطاء ينخدعون بها، ولقد حاورت أحد البسطاء -ميكانيكي- سينتخب شفيق خوفًا من حدوث حرب أهلية إذا نجح الإخوان!

- كثير من البسطاء يعتقد أنه باختيار شفيق يختار الاستقرار، والواقع يقول أن نجاح شفيق يجعل البلد على صفيح ساخن ودخول دوامة لا قعر لها ولا مخرج لأحد الطرفين إلا بالدم، ويجب توعية الناس بهذا.


وفي الختام:
لنتذكر أنه برغم كل الفئات السابقة فإن من صوت لشفيق هو أقل من الربع وإجمالي من صوت لشفيق وموسى حوالي الثلث وهنا يبرز أهمية المحور الثاني وهو: استمالة المصوتين لباقي المرشحين، وهو موضوع المقال القادم إن شاء الله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


محمد الصيفي
 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام