الله وحـده هـو حسبُنا، عليه توكـّلنا، وعليه فليتوكّـل المتوكـّلون
..وخـتاما فقـد كنـت أقول فيما مضى: "إنَّ تعويض عقـود من التخلُّف ليس بالأمر السهـل"، غير أنـّني أتراجـع عن قولي، فقـد أصبـح اليوم سهلًا بحمد لله بعد هذه الثورات الشعبية التي أيقظـت الأمـّة. وأهـم ما تعلّمنـاه منها أنه مالـم يحدث تصحيحٌ جذريٌّ بثورة شعبية فلن تجـْديَ الحلول الترقيعيـّة في إنـقاذ أمـّتنا.
معنى الخصيـان ليس ما يتبادر إلى ذهـن العامة عندنا في الخليـج، مع أنَّ لذلك الشـيء علاقـة وطيـدة بتخريب السلطة في بلادنا العربية لرسالة الأمـّة الحضاريـّة إلى حـدّ كبير أيضًا، لكنَّه ليس موضوعنا في هذا المقال، بل المعنـى أولئك الذين كانت السلطة فيمـا مضـى تمـلأ بهـم قصر زعيمهـا من (المخصييّـن)، لتكتمل لـه شهوة السلطة، وتتـمّ له أبهة الاستبداد، ويشعـر بفيضان مظاهـر الدكتاتورية (المعصوميـّة) في نفسه المريضـة!!
وكانوا متوافـريـن في كلّ مكان، وزمـان، عند الزعيـم، إلى أريكته، وفي إيوانـه الخاص، وفي قسم الحريم، وحتـى داخل غرفة النوم. فقد كانوا يخدمـون ثـَمَّ أيضًا، ولهذا هـم مخصيُّون، لا يشعرون بشـيء، ولا يتحـرَّك بهم ساكنٌ بالنسبة للنسـاء، ولا يغـارون، ولا يغـار منهم!! وهذا هو القاسم المشترك بين مخصيّي قصور هذا الزمان وذلك الزمان، أعني أنّ جين الغيرة غيـر موجود.
ولهـذا فإذا أردت أن تعرف من هم حول أنظمـة هذا الزمان، فانتفاء الغيـرة هـو أوضح ما تعرفهم به، فهم الذين لا غيـرة لهم على هويـّة الأمـة ولا كرامتهـا ولا حقوقها، ولو امتلأت السجون بمعتقلـي الرأي والمظلومين، فلا تتحرك منهم شعرة، ولا يهمّهم سوى البقاء حول الزعيـم، ينتفعون بما يلقى إليهم منـه من كسبه الحرام الذي يسرقه من ثروة الأمـة!
وهم أقسام: منهم مـن يتعـرّض لخصـاء ديني! ليطوّع الدين للسلطة، وهؤلاء قـد كُثـر عليهم الطلب هذه الأيـام، بسبب حضـور (التديـُّن الفحل) في الأمـّة بقـوّة، أعني فكـر (التغييـّر لإعادة نهضة الأمة). ومنهم مـن يتعـرّض لخصـاء هويّـة وفكـر، ومنهم من يتعرض لخصـاء فحسـب، فهـو لا يدري كيف ولماذا تـمّ خصاؤه! لكنه يدري المطلوب منه تمامًا: أن يجعل من يأتمرون بأمره أيًا كانوا (عشيرة، قبيلة، أتباع... إلخ) يخضعون للسلطة خضوعًا تامًـا، كخضوع الغنـم للـ (مريـاع).
ولهـذا... فـلا يظـنّ الظـانّ أن (خصيان السلطان)، قـد اختفـوا في هذا العصر، بل تكاثـروا جداً، تكاثـرَ الأرانـب -لا كثَّرهـم الله- حتى غـدوْا يحيطون بالسلطة في بلادنـا العربية، من الخليج إلى المحيـط، وإن بدأوا يتحاتـُّون كما تحتاتّ أوراق الشجـر مع هـذه الثورات المباركـة نسـأل الله أن يمدُّهـا مـداً، ويمطّهـا مطّـا، ويشـدّ أسـرَها شـدّا، وهـم فـي الحقيقة من الأسباب الرئيسة لتدهور حالة الأمّـة، فـي قضايـا ثـلاث هي من أهـم مظاهـر تخلّفهـا:
قضية (معتقلي الرأي)، و(شرعية السلطة)، وثلاثيـة: (العدالة، والكرامة، والحقوق) -والحرية من أهم الحقـوق- مـع أنّ هذه الثلاثة أيضًـا مرتبطة ببعضـها. فمعتقلو الرأي في البلاد العربية من ضحايا انتهاك الكرامة، والحقوق، إذ كان أعظم انتهاك لكرامة الإنسان مصادرة حقّه في أن يفكـّر ويعبـّر عن فكره، ولو كان ذلك في انتقاد السلطة من رأسها إلى (كرياسها) و (خصيانهـا).
وكـذا فقدان السلطة شرعيّتها هـو من تداعيات مصادرة حقـوق الشعب وكرامتـه، فلا مهانة أشنع من أن يتحكَّم بهـم من تسَلـَّط، والأصح سُـلّط عليهم من غير حولٍ منهم ولا قـوَّة! وكـلّ ذلك بسبب غياب العدالة بمعناها العام الواسع الذي هو: لا حـقّ إلاّ لمستحقّه، ولا أحـدٌ في غيـر محلّـه. وعبـّر عنـه الحديث الشريف: «إذا وُسِد الأمرُ لغيـر أهله» [رواه أبو هريرة].
أما كيف جاءت العلاقـة بين خصيان السلطان وهذا كلـُّه؟!
فإليكم البيان:
كانت الأمـّة إلاّ من رحـم ربّك مسلوبة الإرادة، مستعبـدة، فقيرة، جاهـلة، متخلّفـة إلى درجـة أنها لا تعرف حتـى مقدار ثروتها في أرضـها، فهي مملوكة بالكامـل للأجنبي المغتصـب، ولم تكـن تملك من أمرها شيئًا وذلك إبـّان الاستعمار الغربـي. حتى جاءت مرحلـة جديدة في العالم العربي فتشكّلت الدول العربية، وصار إليها آلـة الدولة بما تحمـل هذه الكلمـة من إمكانات هائلـة، ومن أهمها الثروات، وصار لها جيوش وترسانة من الوسائل التي تمكّنها من التحكُّم بالمجتـمع.
غير أنّ الحقيقـة التي لا تخفـى أن يـد المستعمر الذي رحـل، قـد بقيت تتصرَّف إلى حـدّ كبيـر في الدول العربية، بحيث يضمن المستعمـر إضعاف الأمـّة وبقاء تفوُّقـه عليها، وتدفـُّق أطماعه لاسيما الثروة، إلى ما أسماه مركز العالم أي عواصـم الغـرب، وضمان أمن ووجود واستمرار واستعلاء الكيان الصهيوني الحليف الاستراتيجي الذي يشاركه العداوة التاريخية مع أمّتنا.
ولم يكن ليتم له ذلك إلاّ بزعمـاء يتحكـّم هـو بهم، ويُنيط بهـم باقي المهمّة، أعني تحقيـق سائـر أهدافه، إذ لو تركت الأمة واختيارها، لاختارت عـزَّها وأبت إلاّ استعلاءها بحضارتها، ولذهبت كلُّ أطماع المستعمر أدراج الريـاح. وهنا جاء دور الخصيــان!! فلم يجـد الزعـماء بـدَّا من استعارة فكرة (خصيان السلطان) لتحقيـق رغبـة الغرب والأمريكـان! وهكذا نـفقت تجارة (خصيان السلطان)، وازدهـر سوقُهم، ووضعت عليهم الشارات وألبسوا الأوسمـة و(البشـوت) ووُسموا بأفخـم العبـارات!
هذه هي قصـة خصيان السلطـان. أمّـا عن علاقتهـم بقضية المعتقلـين الـتي طفحت بها السجـون. فلـن نجـد بـداً من القول: إنّ الحقيقة التي يجـب أن يعيها حملة مشروع الإصلاح والتغييـر في بلادنا العربية حـقّ الوعـي، فهـي أنـه لن يكون لقضية المعتـقلين حـلّ إلاّ بحـلّ معضلة (شرعية السلطة)، وهي أيضا المشكلة الأمّ التي إذا حلُّـت في بلادنا، ستحلّ جميع مشكلاتنا وتطيح كلّ أزماتـنا وتولـّي كلّ مصائبنـا.
ذلك أنّ السلطة التي تستمـدّ شرعيّتها مـن (مجرد وجودها في السلطة) وهي مع ذلك تحت تصرفها كـلّ وسائل الاستبداد والاستعباد فستفعل كلّ ما يحلو لهـا طغيانًا وستضع لـه كلَّ ما يلـزم من مسوّغات ولن يردعها شيء عن الظلـم، لاسيما في هذا الزمـان الذي ضعف فيه الإيمان وقوي فيه داعي الشيطـان.
وفي حالة معتقلي الرأي، فستعتقـل من تشاء وتلصـق بـه ما شاءت من التهم وتقيم المحاكمـات الوهميـّة وتصدر الأحكام التي تحـلو لهـا ثـم تمضي فيما شاءت في غيـّها، عن طريـق (خصيان السلطان) الذين وصفنا دورهم الخطيـر أوّل المقـال. ثـمّ لن تنفع جميع وسائل الضغـط ولن تؤدي إلى نتيجـة، مادامت السلطة يمكنها أن تبقى وتستمـر في البقـاء إلى أجـل غير مسمـّى، من غير حاجة إلى استمداد شرعيتها من أمـَّةٍ لها الحق أن تثور إن حادت السلطة عن تلك الشرعية، تثور ليعادَ الحـقُّ إلى مستحقّـه، وكما ذكرنا في مقالات كثيرة منذ سنوات طويلة، إنّ هذه العقدة الأمّ هي ينبوع كلّ كوارثـنا.
إنَّ تغييـّب دور الأمـّة ومصادرة حـقّ الشعـوب واستلاب إرادتهـا، جعلها هـي مستباحـة تمامًا أمام الطغـاة ووليّ نعمتـهم الأجنبـيّ، وجعل مقدراتها نهـباً لكلّ طامـع، وجعل رسالتها الحضاريـة كالموميـاء في المتحـف يُنظـر إليها على أنها تاريـخ فحسـب!!
وهل يعقـل أن تعيش أمـة مليارية في حـالة يكون زعيـم السلطة في أحسن أحوالـه طريقةُ حكمه مغلفـةٌ بالغموض، والمواطنون بعزلـة تامـّة، وجهالة مظلمة، عن كـلّ ما يدار بالخفـاء، حتى تنزل عليهم الأوامـر كأنها نزلـت من السمـاء، فيهـرع حينئـذ (خصيان السلطان) لإلباسها لباس الدين أو الحكمة أو السياسة الحكيمة كـلّ بحسب موقعه!
وغالبًا ما تكون الاعتبارات الشخصية لها الأثر الرئيس في رسم السياسات، أو إصدار الأوامـر والقرارات، بما فيهـا من المزاجية أوالمجاملة أوالخلافات أو تقديـم العلاقات الشخصية أوالعاطفة؛ كعاطفة الانتقام أو التشفـّي أوالعناد أوالكبـر والطغيـان لمجرد الطغيان لمجرد إشباع نزعة النفس الفرعونية!
هل يعقـل هـذا؟! وفي هذا العصـر الذي يطور جميـع البشر من بني آدم حولنـا فيـه حياتهم لتحقيق مصالحهم العامـة!
هـل يعقـل في هذا الزمـان أنك إذا سألت -قبل الثورات التي يُمكـر به الآن لإجهاضهـا- المواطنَ العربيَّ هل يشعر بالانتماء إلى السلطة وأنها تنتمي إليه، وأنه يعيش وإياهـا في انسجام وتوافـق تـام أم هـو يشعـر بالغربـة عنها وغالب أحاسيسه تجاهها هو الخـوف منها، فإنّ أوّل ما يُطـرح عليه هذا السؤال ينتقل تلقائيـا إلى حيـّز الخوف والتحرُّك الذاتي لإنقاذ النفس أو إحرازها من الخطر الوشيك!! ولسـت أعني هنا المواطن العادي فحسب، بل حتى النخب الفكرية.
إنها والله حالـة كونيـّة عجيـبة لم يُشهـد مثلها في تاريخ أمـتنا قـد عمـَّت وطمَّت حتى جعلـت الأمـّة في شبه شللٍ تام قبل أن تندلـع ثورة تونس، فتونس الأمـّة بها حركـةً في جسدها المشلول، ونفخـةً في روحها الخامـدة، ثم سـرت كالنار في الهشيـم، وستمضـي بإذن الله حتى تأتـي على آخـر زعيـم!
نعـم ذلك كان حالنـا قبل هذه الثورات المباركة!
وهـل يعقـل أنه بينما الدول التي تحترم مبادئ السياسة الحكيمة، تتباهى بكثرة الخبراء الذين يحيطون بالقيادات السياسية من مفكرين وصحفيين وغيرهم، حتى تُصرف ميزانية ضخمـة لكلّ عضو في البرلمان فضلا عن السلطة التنفيذية ليكون تحت تصرفه جهاز فني كامل من الخبراء الأذكيـاء. وكان الرؤساء الحاذقـون يحيطون أنفسهم بمستشارين يخالفون آراءَهـم ويجانبـون فلسفاتهـم، لئلا يكون السياسي كناظـرٍ في مرآة واحدة، بـل كناظـرٍ في مرايا متعددة ليرى الحالة السياسيـة من جميع جوانبها.
وذلك بعد أن توصلت النُظـُم السياسية المتطـوَّرة إلـى أنّ دور السياسي مع دور المفكـّر يجب أن يتكاملا بحـيث تكون العلاقة صحيـّة بين الطرفين:
وأعنـي طرف السلطة السياسية التي من المفترض أن تتمتـَّع بموهبة عاليـة تجعلهـا قادرة على إدارة الأحداث والأزمات بحسّ سياسيّ واجتماعي يجمع بين المهارة والأخلاقية التي تأطـرُه أطـراً على تغليب المصلحة العامة للأمـّة، على مصالحها الشخصيـة. وطرف المفكـّر، وهو ذلك الذي له قدرة على التفكير بما يعرض للساسة من أزمـات، وهـو في منأى عن ملاحقة الأحداث وضغوطها السياسية والاجتماعية، بمعنى آخـر يراها بعين الحقيقة المجرَّدة، ثـم يضع السلطة في هذه الرؤية لتكون القرارات السياسية لاسيما ذات العلاقة بمصير الأمة في أقـرب نقطة لتحقيق أهداف الأمـّة وتوفيـر مصالحها.
بينما النظم السياسية العصريـّة تعمل بهذه الآليـّات المتطـورة، لازالت الأنظمة العربية تعمل بنظام (خصيان السلطة)!!
هـل يعقـل هذا؟!!
وبعـد، فالحـق الذي لاريـب فيه أنه لن تعاد الأمـور إلى نصابها حتى نعيد مبدأ (شرعية السلطة)، كما هي في أمّـتنا، ونعنـي بها أن تولـد السلطة من رحـم الأمـّة مباشرة، والأمـّة تسلّمها آلة الدولة، وتراقبـها رقابة صارمـة لتستعملها في تحقيق مصالح الأمة العامـة ورسالتها الحضارية العالمية.
وبهـذا وحــدهُ، يأتي الانسجام بيـن الحاكـم والمحكــوم بحيث يصبـح للحاكـم قوّة النفـوذ لأنـه متولّد أصـلا من رحم أحلام أمـّته وآمالها وأهدافها، لا نفـوذ القـوّة التي بها يخيف الأمـّة ويُذلهّـا ويخضعـها له وللأجنبـي. وقـوّة النـفوذ هذه يستمدّها من كونـه جاء من الأمّـة فهي التي وضعتـه في منصـبه وهي التي إن شاءت عزلـته عنـه.
وبهذا نحـلّ جميع مشكلاتنا، ومنها مشكلة معتقلي الرأي الآخذة بالتفاقـم في دول الخليج، وفي بعضهـا تجاوزت حدود المعقول ودخلت في دائرة الحماقات السياسية التي تضـرّ بها السلطة نفسها وتعجِّـل بالانفجار الشعبي ضدها وهي لا تشعر بما (تجنـي على نفسها براقش).
في جنـون أشبه بـالمكارثية الأمريكية، ذلك (العَـتَه الشيخوخي) الذي كان من آثاره المدمـرة العمى الأمريكي عن حماقة قرار الحرب الفيتنامية، فأوقع الإدارة الأمريكية في أكثـر قرار كارثيـةً ومأساويةً في تاريخ أمريكـا.
إذ هذه المشكلـة، أعني مشكلة معتقلي الرأي كغيـرها، هـي من روائح العَفَـن المنبعـث من مستنقع الثالوث العفِن أعنـي حالة فقـدان: العـدالة، والكرامة، والحقوق، في أنظمـة الحكم العربية، حيث الزعيم يحيط نفسه بالخصيان الذين يزيّنـون له ما هـو مريضٌ بـه من نزعة الكبـر والطغيـان ضـدّ كـلّ ناصـح يريـد الإصلاح.
ولسان الخصيـان واحـد:
"إي نعـم جِـرَّه من رجله طال عمرك"، ليكون عبـرةً لغيره!!!
وهكـذا تمتلـئ السجون بالمفكرين الشرفاء الغيـورين على أمّتهـم، الباذلين التضحيات العظيـمة لإصلاح أحوالها، وإرجـاع عزّتهـا تحـت طائلـة الاتهام (بالمكارثية)، وحقيقتهم أنهم يريدون وضـع حـدّ لتدهور المجتمع بإيقاف الاستبداد عند حـدّه قبـل أن يغـرق الجميع في تداعياته الكارثـية.
وهذا يعني أيضا أنّ الحـل في الثورة، ولا نعني هنا الانقلاب بل الثورة الشعبية:
والفرق بينهما -رغم كون الثورة والانقلاب كلاهمـا يأخذ السلطـة- أنَّ الثورة الشعبيـّة تحدث تغييـراً ثقافيـًا في المجتمع تجعله ينصب سلطة تأخذ شرعيتها منـه، والانقلاب يغتصب السلطة فحسب وقـد يصبـح بعد ذلك أسـوأ مما مضى.
وليعـلم الزعماء المستبدون أنه كما قال المفكر العبقري مالك بن نبي: "إنّ المظالم هي المخزون الهائل الذي يشعـل الثـروات". وأنهم عندما يستمرُّون فـي غـيّ الطغيـان، إنما يقربون الفتيل من بارود الثورة.
وخـتاما فقـد كنـت أقول فيما مضى: "إنَّ تعويض عقـود من التخلُّف ليس بالأمر السهـل"، غير أنـّني أتراجـع عن قولي، فقـد أصبـح اليوم سهلًا بحمد لله بعد هذه الثورات الشعبية التي أيقظـت الأمـّة. وأهـم ما تعلّمنـاه منها أنه مالـم يحدث تصحيحٌ جذريٌّ بثورة شعبية فلن تجـْديَ الحلول الترقيعيـّة في إنـقاذ أمـّتنا.
والتصحيـح يعنـي:
أنَّ يسود مبدأ أنَّ الحـقّ فـوق القـوّة، والشعب فوق السلطة السياسية، والسلطة للأمـّة، فلا سلطة تملـك الشرعيـة إلاّ تلك التي تنطلق من إرادة الشعب وتعبـر عن روحه وتحقق آماله وأحلامه. وبدون هـذا الإنجاز فسنبقى في تخـلّفنا، في تيـه لن نخـرج منه أبـداً وسنلـدغ فيه من الجحـر ذاته مرات ومـرات!
والله سبحانه العليـم بما في نفوسـنا، وأننا لا نريـد سـوى عزّة أمتنا بعد أن أصبحت نهبًا لكـلّ طامع، ومرتعـاً لكلّ مفسد، ومضربَ المثل للضعف، والتخلُّف بين الأمـم.
17/07/2011 م
حامد بن عبد الله العلي
أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية
- التصنيف:
- المصدر: