تحرير سوريا بالخطابات وأشباه المساعدات!

منذ 2012-07-18

إن دول الغرب تتقاسم الأدوار في هذه المسرحية الدموية على حساب شعب عربي ومسلم أثبت بسالة نادرة وشجاعة استثنائية، وعلينا -نحن أشقاءه- أن ننصره النصرة الواجبة وألا ننخدع بألاعيب تجار المبادئ وسماسرة الشعارات الجوفاء.


إذا كنتم جميعًا أصدقاء للشعب السوري وتجري تصفيته بهذه الوحشية على يد نظام الأسد فكيف لو كنتم أعداء لنا؟! ما أبلغها تلك الكلمات التي لخّص بها المُعَارِض السوري الشهير رياض سيف مشاعر الملايين من السوريين والعرب والمسلمين، وهو يخاطب مندوبي 107 دول -كثير منهم وزراء خارجية- التقوا في العاصمة الفرنسية باسم مؤتمر أصدقاء الشعب السوري، في دورته الثالثة التي أعقبت دورتَيْ تونس وإسطنبول.


إن سيف الدمشقي الأصيل الذي تجاوز الستين من عمره، قد أفضى بمكنونات صدور مواطنيه إزاء أدعياء صداقته مع أن أكثرهم لا يؤيدونه بغير الكلام، وبعضهم يتآمر مع النظام القاتل، ويتخفى وراء (تقية) أصبحت مفضوحة أمام الجميع.

أما نظيره الحمصي المناضل خالد أبو صلاح فاتخذ الضفة الأخرى، حيث أكد للحضور-في الدقائق الثلاث التي (جادوا) بها عليه- أن السوريين البسطاء ليسوا ساذجين، فهم يدركون أن تجار الصداقة المزعومة لن يقدموا لهم سوى الكلام الفضفاض، ولذلك قال للمؤتمرين: "لا نحتاج إلى تدخل عسكري من أحد ليقيم لنا منطقة عازلة فنحن أقمناها بالسلاح الفردي وحدنا، ولن يخدعنا من يدعو إلى العودة لمجلس الأمن حتى تحت الفصل السابع، لأن الفيتو الروسي بالمرصاد، نحن نريد رفع أيديكم عن طريق تسلحنا! وما لم يقله أبو صلاح القادم من حمص عاصمة الثورة السورية بعد ثبات أسطوري دام 16شهرًا، هو أن السوريين لا يصدقون لعبة الفيتو الروسية، وهو صمت اضطره إليه الناصحون المشفقون لئلا يستعدي الكبار فيجهروا بعدائهم المستور للثورة السورية المباركة".


ولم يكن الثائران السوريان الشيخ الدمشقي والشاب الحمصي لم يكونا يتكهنان أو يرجمان بالغيب، فقد انتهى المؤتمر حقًا إلى دعوة مجلس الأمن لوضع خطة عنان البائسة تحت الفصل السابع، بعد أن تبارى أثرياء الكرة الأرضية في تقديم العون المالي الأشد سخفًا في التاريخ، فألمانيا المتخمة بأموالها الهائلة تبرعت للشعب السوري بخمسة ملايين دولار، واليابان التي يكاد الثراء الفاحش يقتلها قدمت مبلغًا زهيدًا تمكن شباب خليجيون أخيار من جمع أضعاف أضعافه من عامة الناس في حفل متواضع في ليلة واحدة!

أو ليس عجز العالم عن تقديم إغاثة حقيقية لثلاثة ملايين سوريين مهجرين داخل بلدهم بفعل وحشية عصابات الأسد، أليس خزيًا غير مسبوق في التاريخ الإنساني المعاصر؟

إنهم يتذرعون بالانتخابات الأمريكية لتبرير رفضهم حماية المدنيين السوريين عبر حظر جوي، ويتحدثون تارة أخرى عن تعذر دخول واشنطن حربًا في سنة انتخابية، مع أنهم يعرفون أن السوريين لا يطالبون الأمريكيين والأوربيين بإرسال جنودهم وإنما المطلوب تخلي هؤلاء المجرمين عن منع السلاح عن شعب يمارس حقه المشروع في الدفاع عن النفس.

ولنلاحظ أن وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد انفعل وعبر عن انفعاله الصادق بحدة قد تعد خدشًا بحسب الأعراف الدبلوماسية، عندما انتقد تغيب شاهد الزور الكبير كوفي عنان عن مؤتمر باريس المعني مباشرة بالشأن السوري!! وربما كبح الوزير الإماراتي غضبه العفوي فلم يبحر في عمق الغياب المريب، أو أنه لم يشأ تجاوز الخطوط الحمراء.


وهنا نسأل نحن: هل يجرؤ عنان على اتخاذ موقف علني منحاز إلى الرؤية الروسية برفضه الحضور على غرار موسكو وبكين، هل يجرؤ على ذلك لو أن موقفه سوف يُغْضِب واشنطن؟

الجواب البديهي هو: مستحيل، فعنان كان يخشى إغضاب موظف من الدرجة الرابعة في الخارجية الأمريكية يوم كان أمينًا عامًا للأمم المتحدة، فمن أين أتته هذه الشجاعة المباغتة ليستفز سادته في البيت الأبيض مع أنه الآن ليس سوى موظف مياوم يعمل بما يشبه العقد الموقت أو العمل الموسمي العابر؟ فكيف وعنان تمادى في غيه فأخذ يهاجم الدول التي يزعم أنها تقدم سلاحًا لما يسميه: المعارضة المسلحة ويتجاهل منعدم الضمير تدفق السلاح الثقيل من روسيا وإيران والمقاتلين الطائفيين لمؤازرة عصابات بشار لاستئصال الأكثرية السورية! وبينما يقر راغمًا بفشل مهمته في سوريا، ما زال يصر على دعوته الوضيعة لإشراك نظام ملالي قم في حل الأزمة السورية بالرغم من انخراط طهران التام في ذبح السوريين!

إن دول الغرب تتقاسم الأدوار في هذه المسرحية الدموية على حساب شعب عربي ومسلم أثبت بسالة نادرة وشجاعة استثنائية، وعلينا -نحن أشقاءه- أن ننصره النصرة الواجبة وألا ننخدع بألاعيب تجار المبادئ وسماسرة الشعارات الجوفاء.

20/8/1433 هـ