إنكار منكر

منذ 2012-09-04

بعدما مشى عدة خطوات شعر بالندم؛ كانت الآية تتردد في أذنه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]..


استيقظ من نومه مبكرًا؛ ليذهب لعمله، لقد نام بعدما صلى الفجر، خرج من غرفته، وجد أمَّه تُعِدُّ الإفطار، أمُّه ليست ملتزمة، كان الكاسيت بجوارها في المطبخ، وكانت هناك أغنية، وكانت أمه تدندن بالأغنية، شعر بالتوتر؛ الموسيقى حرام، وأيضًا أن تشنف أذنه بمزمار الشيطان هذا في الصباح الباكر، هذا غير محتمل.

حاول أن يضبط أعصابه، أطفأ الكاسيت فقط فنظرت له أمُّه: صباح الخير، قال في ضيق وقد فاض به الكيل: أمي، تحية الإسلام السلام عليكم، زمت الأم شفتيها في ضيق، ثم مدَّت يدها تفتح الكاسيت، قال لها في تأفُّف وازدراء:
في الصباح نسمع القرآن أم الغناء؟!

ردت الأم وقد أغضبتها طريقة ولدها: اسمع يا هذا، حينما يكون لك بيت افعل فيه ما شئت، أما هنا (وخبطت بيدها على المنضدة في حزم) فهذا بيتي أنا، وأنا حرة!

ارتفع صوته، وارتفع صوت الأم الغاضب، ثم لما لم يجد بدًّا ارتدى ملابسَه، وخرج دون أن يتناول الإفطار، وصفق الباب خلفه في غضب، وصوت الأغنية يتعالى خلف الباب، ويتعالى.


بعدما مشى عدة خطوات شعر بالندم؛ كانت الآية تتردد في أذنه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، وقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان:15]، اتَّصل بأمِّه على المحمول، راح يعتذر لها، ويستسمحها حتى رضيت، فأكمل طريقه وعيناه كالصقر تتربصان.

ركب المترو، وجد فيه رجالاً غير مُلتحِين، لم يُلق السلام، ونظر لهم نظرة مفعمة بالازدراء والاحتقار، ثم أخرج المصحف من جيبه، وجعل يقرأ بصوت خفيض ما تيسَّر له من سورة سبأ.

دخل المترو قس عجوز يتظاهر بالوداعة والطيبة، لم يجد مكانًا فوقف بجوار بطلنا الهمام، وابتسم له في مداهنة، نظر له الشاب شذرًا، ثم قرَّر رفع صوته بالتلاوة في تحدٍّ، وتحديدًا الآية رقم ثلاث وسبعين من سورة المائدة.

كان يظن أنه بذلك قد آذى القس، وماذا في ذلك؟ ألا يجب عليه إيذاؤه في الله؟ والدعوة والحكمة! ومنذ متى يهتم بطلنا بالدعوة والحكمة؟ إن اهتمامه منصب على ..."إنكار المنكر".

وماذا كان رد فعل القس؟ كعادة هؤلاء الخبثاء في الظهور بالمظهر المنكسر الطيب، نظر له القس في أسف مفتَعل، وهزَّ رأسه وهو يتمتم بعبارات، لم يسمع منها بطلنا سوى كلمات قليلة: الله يهديك، ابتسم الشاب في ظفر؛ فقد ظن أنه انتصر في الحرب، لقد انسحب العدو، بغض النظر هل بلغته رسالته أو لا؟ هل فهم ما يريد قوله أو لا؟ يهمه فقط أن يقهرهم، ويحقر من شأنهم ألسنا في الحرب، ولِمَ لا؟ أليس هو الداعية الذي ينكر المنكر في هذا الزمن؟

بلغ المترو المحطةَ المنشودة، فنهض لينزل وهو يدير عينيه في عيون الركاب الناظرة إليه في بغض، والحقيقة أنه سَعِد بهذا البغض؛ فهو يظن أن بغضهم له دلالة على قوة موقفه؛ كل ناجح له أعداء، ولو أحبوه فهذا يعني أنه مخطئ، وأنه مثلهم، فاسق، لكن كان ينتظره اليوم بالذات في العمل مفاجأةٌ، ترى ما هي؟

دخل مكتبه، ألقى السلام في فتور على زملائه، مجبر هو على إلقاء السلام، فكيف يلقي السلام على أناس ليسوا ملتزمين؟! وما فائدة إنكار المنكر إذًا؟

لفت انتباهَه شخصٌ يقف عند مكتب مديره، كان الشخص موليًا ظهرَه لباقي المكاتب ويتحدث مع المدير، ناداه المدير حين دخل المكتب، وقال له: تعال يا فلان، قد جاءك زميل جديد، ثم أردف في توتر وضيق: وهو مثلك.


التفت الوافد، فإذا به شاب ملتحٍ، تبدو على وجهه علاماتُ التقوى والالتزام، أخيرًا، رفيق درب في هذا المكان الكئيب، رحبت به وعيناي تدور في وجوه زملائي في ظفر وزهو، إنه يا سادة زميلي أنا!! إننا اليوم جبهة واحدة!!
كنت أعلم أنه لولا ثقتُهم فيَّ، ومهارتي في العمل، لفصلني المدير بلا تردد، فأنا ضميرهم الحي، الذي لا يفتر يذكِّرهم ليلَ نهارَ بأنهم عصاة فسقة، أحيانًا يتهمني الجميع بسوء الخلق، لكنهم لا يفقهون، يظنون حسن الخلق أن أهادن في الله، لكن كلاّ، فإن خير الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر[1]، فعلى الأقل أنا أقولها في وجه مديري، حتى لو فصلني.

أفقت من خواطري على صوت رفيق الدرب الجديد، كان صوته خفيضًا، مهذبًا، سألني عدة أسئلة عن العمل، ومرَّ اليوم سريعًا، كنت أراقب الفتى الجديد، وأختلس إليه النظرات، كان مهذبًا أكثر مما ينبغي، يتحدث مع الجميع بمودة وتهذيب، برغم أن الجميع كان في بداية اليوم يعامله بحذر؛ باعتبار أن لهم خبرةً سابقة في التعامل مع "هذا النوع"، ثم سقط حذرُهم وتحفُّظهم؛ لما رأوا من دماثة خلقه، وطيب معشره، صاروا يتحدثون معه بود ظاهر، وخيِّل إليَّ أنهم يتقبَّلون كل ما يقول عن العمل بصدر رحب، بدون جدال كما يفعلون معي، غاظني هذا، ليس هذا من عقيدة الولاء والبراء! قررت الإنكار عليه.

ذهبت إليه في آخر اليوم ووجهي ينطق بما سيتلفظ به لساني، ابتدرني في عذوبة: أأنت متزوج؟

نسيت غضبي وإنكاري للمنكر أمام ابتسامته وحسن خلقه، قلت له وقد لانت عريكتي قليلاً: لا.


اتسعت ابتسامته وقال: إذًا لن يطالبك أحد بسرعة العودة إلى المنزل، يمكنني أن أدعوَك لتناول الغداء، قلت له وقد عاد التوتر يكسو ملامحي: أنا، أنا لا آكُل في أماكنَ مشبوهةٍ، ابتسَم في لطف وقال: جيد، أنا أيضًا لا أفعل، سنأكل في مطعم يملكه بعض الإخوة يتحرون الحلال، فلا تَخْشَ شيئًا.

تَبعتُه كالمسحور، وكانت بداية الانقلاب في حياتي. ترى ماذا دار في هذا اللقاء؟

ركبنا وسيلة من وسائل المواصلات العامة، كنت متحفزًا جدًّا، لكن لا أستطيع النطق، وكان هو هاشًّا باشًّا، يبتسم في وجه كل مَن قابلنا، ويلقي التحية، استفزني هذا أيضًا.

ثم قابلنا قسًّا، قام وأجلسه مكانه، ثم أخرج من جيبه مطويةً عن الإسلام، وابتسم في وجهه وأعطاها له، وقال مبتسمًا: هدية، هدانا الله وإياك، ثم سحبني من يدي في هدوء لننزل ونركب وسيلة أخرى، إلى هنا لم أحتمل: "تسلِّم على غير ملتحين، وغير ملتزمين، احتملت منك هذا، لكن تبتسم في وجه قس! لا وألف لا، أين البراء؟ تقر المنكر والكفر؟!"، كذا انطلقت العبارة من فمي كالرصاص.


التفتَ إليَّ والابتسامة لا تزال على وجهه، وقال: بل أنا أدعوهم إلى الله. توقفت فجأة حتى كدتُ أقع على الأرض، استندت إلى ذراعه، وحدقت في وجهه بغضب عارم، يخامره الكثير من الدهشة، ثم قلت في غضب: دعوة! وأين الدعوة مما تفعل؟!

قال بهدوء: أنت تعلم ما يقولون في كل وسائل الإعلام؛ الملتحون إرهابيون، أليس كذلك؟
قلت في حيرة: بلى.

قال: الآن أنا أثبت لهم أن الملتحين هم الملتزمون حقًّا بشريعة الإسلام، وأنزع من رؤوسهم عمليًّا فكرةَ أن اللحية إرهاب، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: «وتُسلِّم على مَن عرَفت ومن لم تعرف»؟

قلت: بلى؛ لكنه أيضًا قال إن إنكار المنكر باليد أو اللسان أو القلب، فإذا عجزنا عن الإنكار باليد واللسان، فلا أقل من القلب، وهو الهجران.

قال مبتسمًا: لا تَعارُض، لكن قل لي أخي أولاً: هل يصح أن تنكر على جاهل بالهجران، فلا يفهم لِمَ هجرتَه؟

صمتُّ برهة، وأنا أحاول استيعاب كلماته، ثم قلت في حيرة: معذرة لم أفهم.

قال: أعني أن اليوم الكثير ممن يفتي في وسائل الإعلام ليس ملتحيًا، ويقول: إن اللحية ليست فرضًا، بل لا بأس عليه إن قال أيضًا: إنها بدعة، وإن مصافحة النساء جائزة، وإن الأغاني شيء جميل جدًّا، ويبيح الحرام ويزينه؛ بل بلغ ببعضهم الجرأة بمساواة أهل السنة مع أهل البدع من الفرق الضالة؛ بل مع النصارى واليهود، ويقول: إن الأديان عند الله سواء، أليس كذلك؟

قلت في حيرة أكبر: بلى.

قال: إذًا لو هجرتَ المجتمعَ كله، هل سيفهم الناس أنهم على خطأ، وأنك هجرتهم للمعاصي؟
هل سيفهم النصراني أن الحق في الإسلام، وأن النصرانية واليهودية خطأ؟ وقد ظهر أهل العمائم في الوسائل الإعلامية ليقولوا خلاف ما تقول أنت؟ باختصار هل بلغت الرسالة؟


صَمَتُّ وقد هزني منطقُه، قال وهو يبتسم في خفة: أخي قد بلغْنا المطعمَ، دخلت معه ورأسي يقلب كلامه على كل الوجوه، جلس وطلب الطعام، طال بنا الحديث، وتطرقنا إلى أمور شتى، لكنَّ ذهني كان مشغولاً بكلامه، رفعت رأسي فجأة، ثم قلت: حسنًا، أنت إذا وجدتَ أمك أو أختك تفعل شيئًا حرامًا، تسمع أغانيَ مثلاً، أو تشاهد التلفاز، وقد قلت لها مرارًا وتكرارًا: إن هذا حرام، ماذا تفعل؟

أسند ذقنه على يديه وقال: أقف مع نفسي وقفة، وأسأل نفسي: ما الخطأ في طريقة دعوتي؟ هل أستخدم طريقة حسنة في تفهيم أمي أو أختي؟ هل قدمت بين يدي نصيحتي هدية أو ابتسامة؟ هل أجبت عن كل الشبهات التي في قلبهما؟ هل شعرت بالرحمة والرغبة في هدايتهما؟


هل أشعرتهما بالتقدير والاحترام أو بلغهم عني شعور بالكبر والتطاول؟ لاحظ أنت تتحدث عن أمك وأختك التي تحت ولاية أبيك، فإذا وقفت على الخطأ أصلحته واستعنت بالله، وقدمت بين يدي نصيحتي استغفارًا ودعاء، ونظرت في قلبي ونيتي، وإن لم أجد خطأ ظاهرًا، استعنت بالله وتضرعت له بالأسحار؛ كي يهديهم ولا أفتأ أذكرهم ما حييت.

نظرت إليه منبهرًا وقلت: لم يخطر هذا في بالي أبدًا.

ابتسم وقال: ألم تقرأ قول الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران:159]؟

نظرت إليه في دهشة، فكأنما أسمع هذه الآية للمرة الأولى، قلت له: هلاَّ شرحت الآية.


قال: انظر، لقد منَّ الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم برحمة في قلبه للأمة، فترى في كثير من الآيات كيف اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بهداية الخلق، وشق على نفسه ألا يستجيب الناس للحق؛ رحمة لهم، ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في إنقاذهم من النار، فالذي يمارس الدعوةَ يجب أن يحرص على التماس هذا الشعور من نفسه، قال لي شيخي ذات مرة: لا ينبغي للداعية أن يكون كالجزار، ينتظر وقوع الضحية؛ ليجهز عليها بسكينه، فإن افتقد الداعية هذا الشعورَ، وغلبه الغضبُ، والرغبة في تدمير المدعو وجرحه، فليعلم أن فيه خللاً، وأن دعوته ستأتي بعكس النتائج المرجوة، وسينفض الناس مِن حوله، ومن ثم عدم قبولهم النصح.

انظر كيف يأمر الله عز وجل أن يشاور النبيُّ الصحابة، ففيه إشارة خفية للداعية أن يشاور المدعو في أمور لا تمس الشريعة؛ إشعارًا منه بالاحترام، ومنعًا للتطاول، وهذا باب للقلوب لا يعدله شيء، فإن الإنسان إذا شعر أن مَن ينصحه ينتقص عقله، أو جنسه، أو بلده... إلخ، غضب لنفسه، فقد أخرجته إذًا من حالة قد يقبل فيها الحق، إلى حالة الغضب للنفس، والعصبية الجاهلية.

انظر للنبي لما جاءه الفتى يطلب منه أن يبيح له الزنا، ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ شاوره في الأمر، حتى جعل الحق ينطق على لسانه هو.


نظرت له مليًّا وقلت: لكن أحيانًا أشعر أن الشدة تنفع.
ابتسم وقال: أحيانًا نعم، لكن غالبًا تفقد بالشدة ما قد تجلبه باللين.
قلت: بمعنى؟
قال: يعني كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق ما دخل في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه».

فيمكنك أن تجبر ولدك على الصلاة، لكن هل يمكنك أن تجبره على الخشوع فيها؟

قلت: لا.

قال: لكن بالرفق، والتذكرة مرة بعد مرة، والتخويف والترغيب، تصل لمأربك، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132]، فأنت بالصبر والمصابرة تبلغ مرادك، لكننا نقع في العجلة، نريد النتائج حاضرة، ننسى أننا كنا كذلك من قبل: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء:94]، وننسى أن نحب لإخواننا ما نحب لأنفسنا، ولو أنك إذ وقفتَ أمام مدعوٍّ تذكرتَ أنك تريد نصحه؛ رحمةً به، ورغبة في الأجر ودخوله الجنة، وأنك لو كنت مكانه -عافانا الله- فكيف تحب أن يتحدث إليك الداعي، إذًا لاختلفتْ طرقنا في الدعوة، ولاحظ أنه حتى لو لم تكن الاستجابة لدعوتك تامة، سيظل في قلوب المدعو كلامُك مدويًا، يكفي أنك علَّمته أن هذا هو الحق، في مثل زمننا هذا الذي اختلط فيه الحق بالباطل بدعوة أهل الباطل، فصار كثير من الناس لا يعلمون شيئًا.


كان كلامه يخترق أذني اختراقًا، فينفذ إلى قلبي فيهزه هزًّا، وطريقته في الإلقاء مؤثرة جدًّا؛ عيناه تتفاعل معي، تخترق كياني، أرى فيهما الرحمة والعزة معًا.
قلت: لكن الأنبياء يأتون يوم القيامة ومعهم الرجل والرجلان، وليس هذا عن عيب فيهم؟


ابتسم وقال: لكنك لست موصولاً بالوحي، أنت تخمن أن مَن أمامك متكبر، أو لا يقبل الحق، فدعك ممن أمامك، عليك بنفسك، تعاهَدْها وتحرَّ أن تعمل ما يجب عمله، فإن أيقنت أنك عملت ما ينبغي عمله، ورأيت الشح المتبع، والهوى المؤْثَر، فعليك نفسَك؛ لكن لا تفتأ تُذكِّر بين الفينة والأخرى؛ عسى أن يهدي الله مَن تدعو، وانظر حال نبينا صلى الله عليه وسلم كيف كان يدعو إلى الله؟ كيف كان يحرص على هدايتهم؟ حتى المنافقين كان حريصًا على أن يؤمنوا، ولما لم يؤمنوا لم يزل بهم رحيمًا بعد موتهم، ولولا أمر الله له بترك الصلاة عليهم لصلى عليهم صلى الله عليه وسلم ما أرحمَه! ما أحلمه!


كنت أستمع له بجسدي كله، أذني وقلبي وعقلي، يا لضيعتي! كم أضعت من العمر هباء!

نهض وأصر على دفع الحساب، لاحظتُ أن الجميع هنا يتعاملون معه بترحاب غير طبيعي، علمت فيما بعد أنه كان سببًا في التزام العاملين، فقط بحسن خلقه، وسخائه، وبسمته، علمت أيضًا أنه لمس غروري وتطاولي على الناس من أول لحظة قابلني فيها، علمت أنه رحمني وأشفق عليَّ، فكانت نيتُه بدعوتي للغداء الدعوةَ إلى الله بالحسنى.

علمت كل هذا بعد جلسة واحدة!!، أفتسألونني بعد ذلك لماذا أستشيره في كل أموري؟!


--------------------

[1] لاحظ كمَّ الخلط الذي يعانيه الأخ في المصطلحات الشرعية، وإنزالها على المواقف العملية.
 
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام