تفتناز .. بلدة أشباح وعنوان للدمار بسوريا

منذ 2012-10-05

في البلدة المنكوبة يلحظ الزائر غياب الناس عنها، فمن بين حوالي 18 ألفا -هم عدد سكانها- لم يتبق سوى بضع عشرات لا يشكلون سوى أقل من 30 عائلة والنشطاء والمقاتلين لا سيما من لواء الحق الذي يسيطر على البلدة.


لا رائحة سوى رائحة الموت في بلدة تفتناز السورية إحدى بلدات ريف إدلب المنكوبة كما يصفها ناشطون، وجريمتها بحسبهم أنها تقع إلى جانب مطار عسكري يحاول النشطاء إعاقة الطائرات التي تقلع منه لتساهم في قصف مناطق عدة بإدلب وحلب والريف التابع لهما.

في البلدة المنكوبة يلحظ الزائر غياب الناس عنها، فمن بين حوالي 18 ألفا -هم عدد سكانها- لم يتبق سوى بضع عشرات لا يشكلون سوى أقل من 30 عائلة والنشطاء والمقاتلين لا سيما من لواء الحق الذي يسيطر على البلدة.

تعرضت تفتناز -حسب نشطاء رافقوا الجزيرة نت- لثلاثة اقتحامات كبيرة خلال عمر الثورة السورية، كان آخرها في أبريل/نيسان الماضي عندما حدثت مجزرة راح ضحيتها 65 من أهالي البلدة، معظمهم من عائلة غزال حيث أعدم الكثيرون منهم ميدانيا.

لكن البلدة منذ ذلك التاريخ تعد خارجة عن سيطرة النظام السوري الذي لم يغب قصفه للبلدة يوما واحدا.

إحراق منازل:

وأثناء الاقتحامات المتواصلة أحرق في البلدة 680 منزلا، حسب إحصاءات المركز الإعلامي لتفتناز، عوضا عن مئات المنازل التي تعرضت للهدم بفعل القصف الذي لا يتوقف سواء بالمدفعية أو الطيران، وعبر القذائف أو الصواريخ أو البراميل التي تلقيها المروحيات من الجو فتحدث دمارا كبيرا شاهدته الجزيرة نت أثناء جولتها في البلدة.

الاقتراب من المطار العسكري في تفتناز مغامرة كبرى كما قال نشطاء ومقاتلون من الجيش السوري الحر.

وعند الاقتراب يلاحظ الزائر حجم الدمار الذي لحق بالمنازل التي تقع على مسافة كيلومتر واحد من المطار، وقد أظهرت المشاهدة بالعين المجردة وجود عشرات المروحيات في المطار وحركة دائمة بداخله لسيارات من أحجام مختلفة، فسرها نشطاء بأنها تظهر حجم العتاد الذي تحمله الطائرات وتنقله إما لإمداد الجيش الذي يقاتل في حلب، أو المشاركة بالجهد القتالي هناك وفي مناطق عدة.

حركة الطائرات من وإلى المطار لا تتوقف، واللافت أن الإنارة في المطار لا تنطفئ ليلا أو نهارا، رغم أن تفتناز لا ينعم الباقون من سكانها بالكهرباء إلا ما ندر.

لم يخل سماء تفتناز طيلة يوم الإثنين من الطائرات، وكان الحذر واضحا على حركة النشطاء وبعض الأهالي الذين لا يزالون في البلدة، وعندما كانت الطائرة المروحية تقترب أكثر من الأرض كان الجميع يخلي المكان خوفا من إلقائها برميلا من الـ"تي أن تي" الذي يخلف دمار كبيرا.

ساحة معركة:

بعض الأطفال كانوا يلهون في أحد الشوارع داخل البلدة الصغيرة، لكنهم غادروا عندما شاهدوا غريبا يقترب، وقال أحد النشطاء إنهم يخافون الغرباء لأن الاقتحامات السابقة للجيش أحدثت في نفوسهم هلعا من كل من لا يعرفونه.

أبو عمر التفتنازي -قائد لواء الحق- قال للجزيرة نت إن البلدة هي عبارة عن بيوت مهجورة لا يوجد فيها أي مظهر للحياة، لأنها تعيش من دون كهرباء أو اتصالات باعتبارها ساحة معركة وخط مواجهة أماميا مع الجيش النظامي الذي يفضل أبو عمر تسميته "بعصابات الأسد".

تحدث القائد العسكري عن القصف اليومي والمناوشات والاعتداءات اليومية بالطائرات والدبابات مما يؤدي لمزيد من الدمار للبلدة وبيوتها.

وعن مهمة لواء الحق في البلدة، قال أبو عمر "مهمتنا حماية الثوار بالخطوط التي خلفنا من أي اقتحامات قد تتحرك من المطار والتصدي للطائرات التي تقصف الأهالي في القرى والبلدات المجاورة".

لم يخف أبو عمر الأخبار عن فشل هجوم الثوار على المطار قبل فترة وجيزة، لكنه قال إن المحاولة ستتكرر وسيُخطط لها لتكون أكثر نجاحا، لكنه اشتكى من ضعف التسليح والإمكانات لإدامة تعطيل المطار.

وألقى أبو عمر باللوم على غياب الدعم عن الثوار، وقيام العالم بـ"التفرج" على الشعب السوري فقط، ونقل أخبار المجازر وأعداد الضحايا واللاجئين.

المكتب الإعلامي في تفتناز بدا واحدا من أكثر المكاتب نشاطا في توثيق ونقل ما تتعرض له البلدة، وظهر أن أرشيف المكتب زاخر بصور الدمار والقتلى وما تعرضت له في سنوات الثورة السورية.

والتقت الجزيرة نت الناشط الإعلامي إبراهيم الخطيب الذي قال إن المكتب يوثق القصف والقتل اليومي في تفتناز وينقلها للعالم.

وبدا الخطيب عاتبا على غياب تفتناز عن الإعلام رغم حجم الدمار اليومي الذي يلحق بها كما قال، غير أنه قال إن هذا العتب لا يتسلل ليصبح إحباط؛ا لأن مهمة الإعلامي في الثورة السورية رسالية وليست وظيفية ولا تقل عن أهمية المقاتل بالبندقية.


محمد النجار - تفتناز

 

المصدر: موقع الجزيرة