أحمد الجعبري.. رئيس أركان حماس

منذ 2012-11-17

اغتاله الكيان الصهيوني، لأنه المفكر ورئيس الأركان بالنسبة لحركة حماس، وكما تصفه الصحافة الصهيونية، ولأنه مسؤول في نظرهم عن تنفيذ عشرات العمليات الفدائية التي استهدفت الجيش الصهيوني. استهدف منزله في حرب 2009، ونجا من محاولات اغتيال متعددة.


منذ أن تأسست حركة المقاومة الإسلامية حماس وهي تتطور وفقا لبنيتها التنظيمية، ففيها القائد يخلفه قائد بشكل سريع لا يترك المجال للخلاف، لكن بعد إغتيال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، ثم من بعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أخذت الحركة ترفض الإفصاح عن أسماء قياداتها في قطاع غزة، لكن (أحمد الجعبري) 50 عاما لم تكن تسمح له ظروف عمله وقيادته للجناح العسكري للحركة بأن يختفي عن الأنظار، مثل الأمين العام لكتائب القسام محمد الضيف، لأنه ومنذ سيطرة حركة حماس على القطاع يديرها أمنيا بجهازه العسكري، ويعتمد عليه بشكل كبير في الملف الأمني، وكذلك خلال جولات المفاوضات مع الكيان الصهيوني فقد كان بنفسه يخوض جولات مفاوضات في القاهرة بشكل متكرر، وقام بنفسه بتسليم الجندي الصهيوني (جلعاد شليط) إلى الصليب الأحمر في معبر رفح.


الجعبري الذي ارتقى إلى لقاء ربه شهيدا مساء الأربعاء كان العقل المفكر لكتائب القسام، وانتقل الجناح العسكري لحماس في ضل قيادته له إلى مرحلة تطور نوعية، سواء كان ذلك على مستوى التسليح أو الزيادة الكمية والنوعية، فقد أنشأ الكتائب والألوية المتخصصة، مثل وحدة الهندسة والمدفعية، وكذلك وحدة المشاة التي تنتشر على طول الحدود مع قطاع غزة، كما أرسل المئات من العناصر للحصول على تدريبات في الخارج، وكان هذا بمثابة برنامج عسكري لتطوير الأداء المهني على الأرض تنفذه الحركة، وشهد كذلك في عهده الجناح العسكري لحركة حماس تطور نوعي من حيث نوعية الأسلحة والصواريخ والتصنيع المحلي، فقد صنعت قاذفات محلية وتم تطويرها في قطاع غزة، كما صنعت قنابل يدوية وغيرها من الذخائر، بفضل وحدة التصنيع التابعة للقسام.

اغتاله الكيان الصهيوني، لأنه المفكر ورئيس الأركان بالنسبة لحركة حماس، وكما تصفه الصحافة الصهيونية، ولأنه مسؤول في نظرهم عن تنفيذ عشرات العمليات الفدائية التي استهدفت الجيش الصهيوني.
استهدف منزله في حرب 2009، ونجا من محاولات اغتيال متعددة.

الجعبري من مواليد عام 1960، ومن سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حاصل على شهادة البكالوريوس تخصص تاريخ من الجامعة الإسلامية بغزة، وله بصماته في التغيير الدرامي للجناح العسكري لحركة حماس، ظل متمسكاً بملف الجندي شاليط منذ أسره في 25 يونيو 2006. ومن أبرز تصريحاته، قوله: "ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا، فليس لهم سوى الموت أو الرحيل عن الأراضي الفلسطينية المحتلة".


وكان قد صرح في رسالة نشرتها مجلة (درب العزة) التي تصدر عن المكتب الإعلامي لكتائب القسام في ذكرى الحرب الصهيونية الثانية على غزة: "كتائب القسام لم ولن تسقط من حساباتها أي خيار ممكن، من أجل تفعيل المقاومة وتحرير الأسرى وقهر العدو الغاصب المجرم، مضيفاً: "عيوننا ستبقى دوماً صوب القدس والأقصى، ولن تنحصر داخل حدود غزة، وإن مشروعنا المقاوم سيمتد كما كان دوماً، إلى كل أرضنا المغتصبة إن عاجلاً أو آجلاً".

واستهل الجعبري حياته النضالية في صفوف حركة فتح، واعتقل مع بداية عقد الثمانينيات على يد قوات الاحتلال، وأمضى 13 عاماً، بتهمة انخراطه في مجموعات عسكرية تابعة لفتح، خططت لعملية فدائية ضد الاحتلال عام 1982.

خلال وجوده في السجن انتمى لحماس، وعمل بمكتب القيادة السياسية لها، وتأثر بعدد من قادتها ومؤسسيها الأوائل، كان أبرزهم: (الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، والشهيد إسماعيل أبو شنب، والشهيد نزار الريان، والشهيد إبراهيم المقادمة)، ومؤسس أول ذراع عسكري للحركة الشيخ، الشهيد: (صلاح شحادة).


وتركز نشاط الجعبري عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 1995، على إدارة مؤسسة تابعة لحركة حماس، تهتم بشؤون الأسرى والمحررين، ثم عمل في العام 1997 في حزب الخلاص الإسلامي، الذي أسسته الحركة في تلك الفترة لمواجهة الملاحقة الأمنية المحمومة لها من جانب السلطة آنذاك.

في تلك الفترة توثقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، والقائدين البارزين عدنان الغول وسعد العرابيد، وساهم معهم إلى جانب الشيخ صلاح شحادة في بناء كتائب القسام، ما دفع جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة في العام 1998 إلى اعتقاله لمدة عامين بتهمة علاقته بكتائب القسام، وتم الإفراج عنه مع بداية الانتفاضة، إثر قصف الاحتلال لمقرات الأجهزة الأمنية في القطاع.


وقد ظل الجعبري ثالث ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام، إلى حين اغتال الكيان الصهيوني الشيخ شحادة عام 2002، وفشلت في محاولة اغتيال الضيف عام 2003، والتي أصيب خلالها بجروح بالغة وإعاقات غير محددة، ليتحول معها الجعبري إلى القائد الفعلي لكتائب القسام، إلى جانب (الضيف) القائد العام للكتائب في فلسطين.

فقد الجعبري ابنه البكر محمد، بالإضافة إلى شقيقه وثلاثة من أقاربه، حينما حاول الكيان الصهيوني اغتياله في 2004 خلال استهداف منزله عام 2004، وأصيب إصابات خفيفة في تلك الضربة.. يبقى أن نقول إن الجعبري فارس ترجل يخلفه أحبته، وتبقى رسالة الإيمان في نفوسهم لإيمانهم بعدالة قضيتهم، وحبهم لدينهم ووطنهم، لأن الشهداء يمضون إلى العلى، وكلما ارتقوا خرج من يحمل شعلتهم ليضىء للمسلمين طريقهم، ربما خسرت حماس الجعبري، وفي نظري خسره المسلمون أجمعين، لكن بخبر استشهاده أحيا في قلوب المسلمين حبهم لفلسطين، ونبههم إلى واجبهم نحوها.


أحمد أبو دقة
 
المصدر: مجلة البيان