العالم العربي تحت النار

منذ 2012-11-20

الغارات المكثفة التي شنها الاحتلال الصهيوني ضد غزة منذ مساء الأربعاء الماضي وقتل وأصاب فيها العشرات من الأطفال والنساء وضعت العالم العربي كله تحت النار..



الغارات المكثفة التي شنها الاحتلال الصهيوني ضد غزة منذ مساء الأربعاء الماضي وقتل وأصاب فيها العشرات من الأطفال والنساء وضعت العالم العربي كله تحت النار، فالفلسطينيون الذين كانوا يتحملون الضرب في كل مرة ويصرخون ولا يجدون مجيبا لهم سوى الله، لم يعد بعد الربيع العربي وما تعيشه العديد من الدول العربية من أحداث وأخطار، من الممكن الصمت والاكتفاء بمصمصة الشفاه والإدانات الشفهية تجاهها..

لقد كان موقف القاهرة بالسحب السريع للسفير المصري وإجبار السفير الصهيوني على المغادرة بعد الاحتجاج العنيف من الخارجية، ثم وصول رئيس الوزراء هشام قنديل إلى القطاع وسط النيران والقصف والقتل رسالة رائعة للعالم أجمع وقد أتت الرسالة أكلها عندما أعلن وزير الخارجية التونسي اعتزامه زيارة غزة هو الآخر ومن المتوقع أن نجد زيارات على نفس المستوى أو أرفع مما سيمثل ضغطا حقيقيا ليس فقط على الاحتلال الصهيوني ولكن كذلك على المجتمع الدولي الذي لا يزال متفرجا، وعندما خرج ممثله الرسمي أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عن صمته صرح بأن من حق "إسرائيل الدفاع عن نفسها" باعتبار أن الكيان الصهيوني "ليس محتلا لأراضي الغير ولا يقتل كل يوم عددا من الأطفال والنساء بالأسلحة التي تهديها له دول الحرية والعدالة الغربية"..

إن العدوان الحالي على غزة يأتي والعالم العربي تحت النار فالثورات العربية في تونس وليبيا ومصر تواجهها قوى الظلام والفساد في محاولة لإفشالها، وسوريا لم يتم الحسم فيها بعد والقتال يعم كافة مناطقها مع تخاذل دولي واضح لنصرة الشعب، والعراق تحت حكم المالكي الذي أشعل الطائفية وعادى أهل السنة وأبعدهم عن الحكم مما أشعل التوتر والعنف في البلاد، والأردن تغلي مع تصاعد الاحتجاجات والمطالبة بإسقاط النظام بعد ارتفاع الأسعار وتفشي الفساد، والبحرين وبقية دول الخليج تعاني من مؤامرات إيرانية لهز استقرارها والعبث بأمنها، والسودان يعاني الاضطرابات والعنف جراء هجمات المتمردين الذين يتلقون الدعم من الكيان الصهيوني والغرب..

"إسرائيل" التي كانت تهدد بضرب إيران ضربت السودان ثم استدارت على غزة ولا يعرف حتى الآن هل الطريق إلى طهران من الضروري أن يمر بالدول العربية حتى يصير "شرعيا"؟! أم أن التهديدات لإيران مناورة لتشتيت الانتباه؟...

الكيان الصهيوني يعلم كل هذا قبل قدومه على مغامرته تجاه غزة ويدرك حجم المشاكل التي يعانيها العالم العربي وتأثيرها على رد فعله بل إن البعض لا يستبعد أن يكون من أهداف نتنياهو من وراء هذه المغامرات أن يخفف الضغط على بشار الأسد الذي أوشك على السقوط، وكان الجيش الحر قد اتهم "إسرائيل" بأنها ساعدت قوات الأسد على فك حصار فرضه عليها قرب الجولان المحتل..

العلاقات الخفية بين إيران والكيان الصهيوني قديمة والشتائم التي يتبادلونها في العلن معظمها غطاء لهذه العلاقات وليس أدل على ذلك من عدم إطلاق الكيان رصاصة واحدة على إيران رغم التهديدات الرنانة في الإعلام...

الجديد في الهجوم الصهيوني على غزة هذه المرة هو حجم تماسك المقاومة وتمكنها من تسديد عدة ضربات موجعة وصلت إلى قلب "تل أبيب" للمرة الأولى بل ووصلت إلى مبنى الكنيست، وأصابت الصهاينة برعب حقيقي جعلتهم يعلقون الدراسة ويوقفون النشاط الرياضي، ويفرضون قيودا على وسائل الإعلام...

الشعب الفلسطيني اعتاد على القصف وتقديم الشهداء، أما الاحتلال الغاصب فحب الحياة متغلغل في قلب أبنائه الذين لن يتحملوا المزيد من الصواريخ وسيعلنون عن قريب هزيمتهم وانسحابهم وسيفكرون أكثر من مرة في تكرار هذه التجربة المريرة {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّـهِ مَا لَا يَرْجُونَ} [النساء: 104].


خالد مصطفى
2/1/1434 هـ