الشكر واجب للشيخ حازم
منذ 2012-12-12
هناك مواقف حاسمة يكون لها أثر كبير في إرجاع الأمة إلى مسارها المستقيم.. وكان من هذه المواقف موقف الاعتصام حول مدينة الإنتاج الإعلامي؛ اعتراضًا على التهييج المستمر الذي تحترفه كثير من القنوات الفضائية، واعتراضًا على الأكاذيب والأباطيل التي دأبوا على نشرها..
هناك مواقف حاسمة يكون لها أثر كبير في إرجاع الأمة إلى مسارها المستقيم.. وكان من هذه المواقف موقف الاعتصام حول مدينة الإنتاج الإعلامي؛ اعتراضًا على التهييج المستمر الذي تحترفه كثير من القنوات الفضائية، واعتراضًا على الأكاذيب والأباطيل التي دأبوا على نشرها؛ فكان هذا الاعتصام في الوقت المناسب، والمكان المناسب، وبالطريقة المناسبة..
فجزى الله خيرًا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل على دعوته الحازمة، وجزى الله خيرًا العلماء الأفاضل الذين أيَّدوا قراره وشاركوه، وجزى الله خيرًا الشباب الذين صبروا الساعات الطوال في وقفتهم، وأنا أعلن تأييدي الكامل لهذا القرار، واعتقادي الجازم أنه سيؤتي ثمارًا عظيمة إن شاء الله.
لقد تفاقمت أزمة الإعلام بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر، بل أحسب أنه غير مسبوق في تاريخ العالم، فقد تجاوزوا حدود التدليس والكذب، إلى التعدي السافر على كل الحرمات.. حرمات الدين.. وحرمات العلماء.. وحرمات القادة.. وحرمات الشعب.. لقد جعلوا رزقهم في صناعة الكذب، وصدق ربِّي إذ يصف أفعال أمثالهم فيقول: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82].
تعليقات على اعتصام مدينة الإنتاج الإعلامي
ليس المقام هنا يتسع لذكر خطورة الإعلام، وإن كنت سأفرد له قريبًا مقالاً خاصًّا إن شاء الله، وأودُّ هنا أن أعلِّق بعض التعليقات على هذا الموقف المبارك من الشيخ حازم أبو إسماعيل والعلماء الأكارم، وكذلك من الشباب الكريم الذي يقف هذه الوقفة..
أولاً: تحية للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل.. ليس فقط على موقفه الإيجابي، وليس فقط لأنّه كان البادئ بالخير، ولكن لأنه يدعم الدكتور مرسي بوضوح، مع أن الشيخ حازم كان مرشحًا سابقًا للرئاسة، وهو يُكوِّن حزبًا قد يكون منافسًا للدكتور مرسي مستقبلاً، ولكن العمل لله شيء مختلف، فليس بالضرورة أن يأتي الخير على يدي، وإنما المهم أن يأتي الخير، ولو كان على يد غيري.. فأسأل الله لك يا شيخنا الثبات.
ثانيًا: على الإخوة الكرام المشاركين في الاعتصام تجديد النية بشكل دائم؛ حتى لا تنقلب عليهم نيتهم، فنحن لم نقف في هذا المكان لأنَّ هناك تعديات "شخصيَّة" من بعض الرموز الإعلامية على الشيخ حازم أو غيره من العلماء؛ إنما وقفنا لله عز وجل، ولتغيير المنكر، ولدعم الشرعية، وللمحافظة على وحدة الأمة، ولتحذير من يعبثون بمقدرات الأمة، ولفت أنظارهم أن تعديهم على الحرمات لن يمرَّ دون وقفة.
ثالثًا: القائمة السوداء التي نشرها المعتصمون واقعية جدًّا، وأفرادها جميعًا لهم تعديات صارخة على الدين وعلى أبناء الحركة الإسلامية، ولهم افتراءات معلومة، وتضليلات متعددة، وأنا أعتقد أن هناك أسماء أخرى مهمَّة لا بُدَّ أن تدخل معهم في القائمة السوداء، وهي تحتاج إلى تحديث مستمر، ونشر بكل الوسائل الممكنة.
رابعًا: لا ينبغي أن يكون الحماس في هذه الأحداث مؤقتًا، إنما ينبغي البحث عن آليات الاستمرار بحيث يصبح التصدي لهذا الإعلام الفاسد أمرًا دائمًا لا يتغير مع الأيام؛ فدوافع هؤلاء الإعلاميين للاستمرار كبيرة، وهي غالبًا ما تكون الشهرة والمال، وهي دوافع ستجعلهم مستمرين في حرب الدين وإثارة الفتنة. ومن ثَمّ فلا بد من وضع آليات تجعلنا على الطريق بشكل دائم، مثل: تقسيم الأعمال، وحسن الإدارة، وحشد الأنصار، والترويج لما نقوم به، ورصد النتائج الإيجابية ونشرها، وغير ذلك.
خامسًا: لا بد في وقفتنا عند مدينة الإنتاج الإعلامي أن نراعي آداب التظاهر، وسلوكيات المسلمين، فلا ألفاظ جارحة، ولا تعديات على منشآت أو أفراد، ولا تعطيل لحركة المرور، بل لا بد من الوقوف بشكل حضاري يَفهم منه الشعب الفرق بين المتظاهرين الإسلاميين، والحركات الهمجية الغوغائية.
سادسًا: أحيِّي جدًّا فكرة مقاطعة القنوات المتبنية لهذه الأفكار، وعدم مشاهدتها أصلاً، كما أدعو إلى مقاطعة الشركات التي تعلن عن منتجاتها عبر هذه القنوات.
سابعًا: الأهم من المقاطعة السابقة هو أنني أدعو العلماء والدعاة والسياسيين الإسلاميين إلى مقاطعة الظهور على هذه القنوات، وهذا سيكون له أبلغ الأثر؛ لأنهم لا يريدون أن يكون الحديث باهتًا ليس فيه إلا طرف واحد، إنما يحرصون على وجود طرف إسلامي، ثم يبدءون في نقده واتهامه وإحراجه، فإذا قاطعهم الإسلاميون تمامًا، وصار حديثهم بين أنفسهم فقط، فَقَدُوا مصداقيتهم، وكانت النتائج أفضل إن شاء الله.
ثامنًا: الملاحقة القضائية لهؤلاء المفسدين ضرورة، وسوف نحقِّق انتصارات في بعض القضايا، ولا نُوفق في غيرها، ولكننا على كل حال سنشغلهم في أنفسهم، ونردُّ شيئًا من الحقوق المهدرة لمن تعرضوا لهم.
تاسعًا: إذا كنا نتحدث عن الملاحقة القضائية من الأفراد والهيئات، فلا بد أن نقف وقفة مع النظام الرسمي في الدولة، والحكومة الحالية، بل والرئيس الدكتور محمد مرسي، فإنني لا أتخيل حقيقةً أنه حتى الآن ليست هناك وسيلة قانونية طبيعية غير متعسفة لإيقاف هذه الفتنة التي تهدف إلى شق صف الوطن، وإشاعة الفوضى..
إن السفينة تكاد تغرق، وهم يُحدِثون نقبًا واسعًا في أسفلها! ألا يتحرك المسئولون لوقف هذا العبث حتى تتجه البلاد إلى الاستقرار، ثم إلى البناء والتقدم؟
عاشرًا: سيبقى الحل الأدوم والأبقى هو أن يقوم الإسلاميون بإنشاء فضائيات محترفة محترمة متخصصة على أعلى مستوى؛ لنشر الخير والفضيلة، ولدفع الشبهات، ولمقاومة الفساد. إننا لا ينقصنا المال ولا الفكر، وكذلك عندنا من الطاقات الكثير.. إنما فقط نحتاج إلى وضع الأمر في بؤرة اهتمامنا، مع حسن إدارة وتنظيم.
كان هذا هو التعليق العاشر.. فتلك عشرة كاملة!
جزى الله خيرًا الشيخ حازم، وجزى الله خيرًا كل العلماء المشاركين والمؤيدين، وجزى الله خيرًا كل الشباب -رجالاً ونساء- على وقفتهم الجادة، وتقبل الله منا ومنكم، وجعلكم من أئمة الهدى والرشاد.
وأسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
راغب السرجاني
أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية طب القصر العيني بمصر.
- التصنيف: