خوف اليهود من الرايات السُّود

منذ 2013-01-04

ليس بعيداً سينزل الله تعالى غضبه على أمريكا، فيضرب الله قلوب بعضهم ببعض، وتشتعل عليهم بلادهم ناراً داخلية، لأنَّ طغاتها لم يرعووا عن طغيانهم رغم الآيات الكبرى التي أرسلها الله إليهم، منذ هجمات الحادي عشر من أيلول التي نزلت كالصاعقة من السماء، ثم ما أذاقهم الله من الخزي والعار على يد أسود العراق فحسوا منهم عشرات الآلاف -بخلاف المعلن- ثم إعصار كاترينا، ثم الأزمة الإقتصادية التي قصمت ظهورهم ولازالت في بداياتها، ثم هذه الكارثة الهائلة التي تسبب بها التسرب النفطي، وما سيأتيهم أعظم، حتى يمرغ الله أنف فرعونهم في الرغام.


ليس بعيداً سينزل الله تعالى غضبه على أمريكا، فيضرب الله قلوب بعضهم ببعض، وتشتعل عليهم بلادهم ناراً داخلية، لأنَّ طغاتها لم يرعووا عن طغيانهم رغم الآيات الكبرى التي أرسلها الله إليهم، منذ هجمات الحادي عشر من أيلول التي نزلت كالصاعقة من السماء، ثم ما أذاقهم الله من الخزي والعار على يد أسود العراق فحسوا منهم عشرات الآلاف -بخلاف المعلن- ثم إعصار كاترينا، ثم الأزمة الإقتصادية التي قصمت ظهورهم ولازالت في بداياتها، ثم هذه الكارثة الهائلة التي تسبب بها التسرب النفطي، وما سيأتيهم أعظم، حتى يمرغ الله أنف فرعونهم في الرغام.

وقد خبأ الله تعالى لها ليكون حتفها الأخير، أعظم بأسه، وأشدَّ عذابه، عندما أرسلها إلى عرين الأسود، أصحاب الرايات السود، حركة طالبان ذات البأس الشديد، والعزيمة التي هي أصلب من الحديد.

وهاهي حركة طالبان الربانيّة تطيح برؤوس الجنرالات الأمريكيين واحداً تلو الآخر، وآخرهم مكرستال الذي سخر من أوباما، ونائبه، وسائر سدنة البيت الأسود، مولولاً على حالهم المزري وهم يغرقون في مستنقع مقبرة الأمبراطوريات.

حتى إذا جاء خلفه بترايوس كتب مقالاً في مجلة فورن بوليسي قال فيه إنه خلال السنوات التي تلت احتلال أفغانستان:

"تمركزت عناصر من طالبان، وغيرها من العناصر المتطرفة -هو المجرم المتطرف- تدريجياً في منطقة الحدود الباكستانية الأفغانية، وأعادت بناء البنى اللاّزمة من أجل التخطيط، والاتصال، وتنفيذ العمليات. وشاركت تلك المنظمات في السنوات الأخيرة بصورة متزايدة في شن حملة من العنف ضد الشعب الأفغاني -كذَّاب إنما تهاجم حركة طالبان الإحتلال وما يلحق به فحسب وأغلب الشعب الأفغاني داعم لحركة طالبان- وحكومته، وقوات إيساف، وطورت علاقات تعاون فيما بينها مما شكل خطراً ليس على أفغانستان، والمنطقة، بل على بلدان في مختلف أنحاء العالم".

وأبلغ رد عليه هو ما قاله الكاتب في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي باتريك كوكبيرن: "إنّ بترايوس يدير حرباً قررت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع كسبها عسكريا، ولكنها لا تقوى على الانسحاب منها دون أن تتعرض لخسارة فادحة في ماء الوجه"..

وقال:

"فالولايات المتحدة -يتابع كوكبيرن- لم تكن لديها مصالح حيوية معرضة للخطر في بغداد، أو كابل، ولكنها تعثرت في حربين بأفغانستان، والعراق عقب الحادي عشر من أيلول، لاستعادة مكانتها بوصفها قوة عظمى في العالم.. كما أنَّ واشنطن دخلت هاتين الحربين لأنها تعتقد أنَّ النصر سيكون سهلاً في كِلا البلدين، ولكن النخبة السياسية -بسبب خوفها الشديد- وجدت نفسها في أميركا تخوض حروب استنزاف أظهرت ضعف الولايات المتحدة بدلا من قوتها، وثبت أنَّ الآلة العسكرية الأميركية الهائلة كانت عاجزة عن التغلب على القوى المحليّة التي تصل أعدادها في كلّ حالة إلى ثلاثين ألفاً".

وقد أصاب كبد الحقيقة عندما قال إن أمريكا إنما حملها على غزو العراق، وأفغانستان البطرُ، والكبرُ، والغطرسة، وأنها كانت تريد أن تُعيد مكانتها بوصفها قوة عظمى في العالم، فوجدت نفسها تخوض حروب استنزاف أظهرت ضعفها بدل قوتها، كما هي سنة الله بالمستكبرين، يذلهم وهم في فورة طغيانهم، فيجعلهم عبرة للعالمين.

ولقد اختارت أمريكا احتلال العراق ببغدادها، بغداد الحضارة الإسلامية، لتضرب الأمّة الإسلامية في رمزها الحضاري عبر التاريخ، كما اختارت أفغانستان لتضربها في رمز قوّتها، وعزّتها وهي راية الجهاد الإسلامي.

هذا وكلّ المؤشرات تتجه إلى أن أفغانستان سوف تتحوّل إلى مستنقع (فيتنامي) لأمريكا، قبل أن تجرّ ذيول هزيمة نكراء، يدل على ذلك عدة أمور:

أولاً:

أنَّ أفغانستان لم تزل كذلك في التاريخ، مقبرة يرمى فيها كلُّ المستكبرين، منذ أن غرق فيها الإسكندر فالبريطانيون فالروس وهاهو التحالف الصهيوغربي يتخبط تائها في جبالها، ولا يدري أين المخرج.

ثانياً:

أنّ أفغانستان يقلّ ويضعف فيها العنصر الخياني الأشدّ فتكا بأمّتنا في التاريخ وهم الرافضة -امتداد خطّ النفاق- كما قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "فلينظر كلُّ عاقل فيما يحدث في زمانه، وما يقرب من زمانه من الفتن، والشرور، والفساد في الإسلام، فإنه يجد معظم ذلك من قبل الرافضة، وتجدهم من أعظم الناس فتناً وشراً، وأنهم لا يقعدون عما يمكنهم من الفتن، والشرّ، وإيقاع الفساد بين الأمة".

ولهذا لايختلف الذين تابعوا ما جرى في العراق عند دخول الإحتلال الصليبي أنه لو كانت العراق بلا هؤلاء المنافقين، لم يمكن للاحتلال أن يدخلها أصلاً، ولكان أهل العراق لوحدهم -رغم خيانة الجوار- قادرين على دحر الاحتلال، وأن رافضتها هم أعظم الأسباب الداخلية التي أدت إلى وقوع كارثة الإحتلال وما تبعها من مآسيه إلى يومنا هذا.

ثالثاً:

أنّ الاحتلال في أفغانستان فشل فشلاً ذريعا في خدعته السياسية التي نجحت إلى حدّ ما في العراق -فلاتزال رايات الجهاد في العراق لها يدٌ طولى والحمد لله- وهي الالتفاف على الجهاد بحيلة ما يُسمّى "الصحوات"، مستغلاّ الرافضة أيضاً في هذا الالتفاف الخبيث، ولايخفى أنّ المجتمع الأفغاني لا يمكن أن تنجح فيه هذه الخطط الإبليسية، أولاً لأنّ حركة طالبان -بخلاف الحالة العراقية- كانت هي الدولة الحاكمة للشعب الأفغاني، وكانت المحمودة في سيرتها، وأحكامها، ولايزال في ذاكرة الشعب الأفغاني إحسانها إليهم، وعدلها فيهم، ونزاهتها، وما نعموا به من الأمن، وصلاح الحال في ظلّها، وثانياً لأنَّ الحركة حافظت على استمرار هذه السيرة المحمودة أثناء الجهاد أيضاً، وثالثاً لاختلاف طبائع الشعب الأفغاني.

رابعاً:

أنّ أذناب الاحتلال الصليبي لأفغانستان من الدمية كرزاي إلى أصغر تلك الأذناب، لايُنظر إليهم في غالب الشعب الأفغاني سوى أنهم حفنة من اللصوص والخونة، قد ملؤوا أرض أفغانستان بالفساد، وبالمخدرات -بعد أن قضت عليها طالبان تماماً- وامتلأت أرصدهم بملايين الدولارات التي يسرقونها من ثروة الشعب الأفغاني، ويحوّلونها إلى بنوك خارجية، وقاموا بتخريب الديار الأفغانية من جميع النواحي، ولم يحققوا شيئاً سوى الخراب، والدمار.

وبهذا تعلم الشعب الأفغاني درساً عملياً نموذجياً عن أهداف الاحتلال الصهيوغربي لأفغانستان، وما هو مستقبل البلاد لو أنها سُلِّمت لهذا الاحتلال، وأذنابه.

خامساً:

رأى الشعب الأفغاني حشود المنصّرين تتوالى إلى أفغانستان، وتبين له جلياً أنَّ هدف الاحتلال الأوّل هو غزو العقيدة الإسلامية، واجتيال دين الإسلام، وتحويل الشعب الأفغاني إلى مرتدّ عن دينه، فقام منتفضاً لدينه، وعقيدته، مناصراً لحركة طالبان المباركة حامية الدين، انتفض ضد المحتل ومشروعه الصليبي الخبيث.

وزاد اشتعال إنتفاضته إهانة الاحتلال للمقدسات الإسلامية، مثل حرق المصاحف، وتلطيخها بالنجاسات في سجون، ومعتقلات الاحتلال.

سادساً:

شهد الشعب الأفغاني كيف أنّ الاحتلال الصهيوغربي لأفغانستان لايعدّ حياة الأبرياء شيئاً، ولا يقيم وزنا لأرواح النساء، والأطفال، والشيوخ، كما قال تعالى: {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاً وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ} [التوبة: 10].

وأنه في سبيل تحقيق أهدافه يقصف الأعراس، والمساجد، والتجمعات المدنية، حتى الجنائز.

سابعاً:

رأي الشعب الأفغاني تحوّل بلاد الأفغان إلى مرتع للموساد الصهيوني، والمخابرات الهندوسية إخوان الصهاينة عبر التاريخ، وشهدوا كيف أنّ خيرات أفغانستان التي أودعها الله في أرضه من معادن وغيرها، صارت في ظلّ الاحتلال إلى نهب الناهبين، ووقود يقوّي أعداء الإسلام في مشروعهم الذي يستهدف كلِّ مقدسات الأمة.

ولهذا كله التفّ الشعب الأفغاني حول الجهاد الأفغاني، فامتدت ثورة عارمة في نسيج الشعب كلّه، ثم تحوّلت إلى ثقافة شعب، يرى فيها كلَّ من يجاهد الإحتلال بطلا، ومن يموت في هذا المشروع شهيداً، ومن يفقد ولده، أو ماله، مضحّياً في سبيل أسمى هدف، و أعدل قضية.

وبهذا وقف الجهاد الطالباني بثقة على أرض ثابتة، راسخة، وصار إعصاراً لايقف في وجهه شيء، وهذا وحده ما يفسّر ثبات قدم الجهاد الأفغاني، بقيادة حركة طالبان، وأنه يترقّى في تحقق أهدافه، ويزداد حبُّ الشعب الإفغاني له، ويسيطر على مناطق هائلة في البلاد الأفغانية، وتتسع مناطق نفوذه، وسيطرته كلّ عام عما قبله، ويسير بخطى راشدة نحو تحقيق أهدافه.

- إنها الصورة المشرقة الوضاءة.

- للجهاد النبيل، في وجه الاحتلال العنصري البغيض.

- وللصمود المشرّف أمام زحف الاستكبار المتغطرس.

- وللبطولات الغرّاء في ميدان المواجهة مع قراصنة ثروات الشعوب.

- وللأهداف السامية للعقيدة الهادية، ضدّ الأطماع الدنيئة للمستعمر، وأذنابه الخونة.

وأخيراً:

فإنّ اليهود المغتصبين لأرضنا المقدسة في فلسطين، لايخيفهم شيء كخوفهم من تلك الرايات السود التي تخفق فوق أسود البشتون، لعلمهم أنَّ تلك الأرض هي قلعة الجهاد، ومنبع العزّة، فإذا سيطرت عليها راية جهادٍ إسلامي، وصارت محضنا آمنا من أيِّ اختراق، فسوف ترسل سهامها إلى وكر العصابة الصهيونية، وتصير خير ردء، ونعم السند للجهاد الفلسطيني على جميع المستويات، بل كل الجهاد الإسلامي في بقاع الأرض.

فنسأل الله تعالى أن ينصر تلك الرايات الجهادية في أرض الإنتصارات، وأن يرسل عليها رياح النصر، ويحقق بها دحر الهجمة الصهيوغربية على أمتنا الإسلامية، لتفتح بعد ذلك آفاق انبعاث النهضة الإسلامية العالمية آمين..

والله حسبنا عليه توكلّنا وعليه فليتوكل المتوكلون.
 

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية