اقرئي التاريخ يا أمتي
هذه الأمة لم ترتقِ ولم تعْلُ ولم تعش أياماً عزيزةً إلا بهذا الدين العظيم، هذا الدين الذي أخذ بهذه الأمة الجاهلية، ورفعها إلى أعلى درجات العزة والمجد. فمنذ أن بدأ المسلمون يتركون دينهم ويرونه تخلفا بدأنا في التخلف.
كنا نقول أن دماء المسلمين رخيصة، لكنها اليوم أَصبحت بلا ثمن..، بل أصبحت إراقة دم المسلم بطولة تُكرم عليها..!
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن صفحاتنا الأولى تزهو بالأمجاد وتزخر بالبطولات، كان الإسلام في يومٍ من الأيام يرفُل في ثوب المجد، ويُحلّقُ بعيداً عن تفاهات التافهين، ليحكم في يوم من الأيام ربوع هذه الأرض.
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن ثمة أمة ضعيفة كانت تعيش في صراعات أهلية طائفية، كانت أمة مستعبدةً ذليلة، ثم في بضع سنين أصبحت تلك الأمة تمتلك القوة والملك، وترتعد فرائص أعتى ملوك الأرض آنذاك، عند سماع اسم هذه الأمة التي ارتقت وسمت ووصل ملكها وعزها ومجدها مشارق الأرض ومغاربها.
تلك الأمة لم تقفز تلك القفزة الهائلة إلا بسببٍ واضح بيِّن يعرفه العدوُّ قبل القريب، هذه الأمة لم ترتقِ ولم تعْلُ ولم تعش أياماً عزيزةً إلا بهذا الدين العظيم، هذا الدين الذي أخذ بهذه الأمة الجاهلية، ورفعها إلى أعلى درجات العزة والمجد.
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن قِلَّةً قليلة من الناس تجوب الأرض لإبلاغ هذا الدين، ويقابلون الجيوش العظيمة في العدة والعتاد والعدد، فينتصرون عليهم ويمضون قُدماً يبلغون هذا الدين.
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن أبا بكرٍ رضي الله عنه يقول لمانعي الزكاة: "والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه"، لأن هذا الدين عزيز، ومن يتدين بهذا الدين عزيز.
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، ينام تحت شجرة ويتوسد نعليه، فيراه رسول كسرى فيقول: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر".
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال له أبو عبيدة رضي الله عنه: "كيف تأخذ الخف بيديك، وتأخذ بزمام ناقتك وأنت أمير المؤمنين؟ غضب عمر وقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟"، ثم أطلق تلك العبارة التي نراها الآن بأم أعيننا، ونعيشها حرفاً حرفا: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن عمرَ بن عبد العزيز يعيش في قمة المجد، حتى يقول: "انثروا الحَبَّ على رؤوس الجبال حتى لا يقال جاع طير في بلاد المسلمين".
اقرئي التاريخ يا أمتي؛ لتجدي أن الغرب كانوا يرسلون البعثات إلى ديار المسلمين، ليتلقوا العلم هنا، ثم يرجعون إلى بلادهم ليُشار إليهم بأنهم طبقة خاصة، طبقة متعلمة، مثقفة، متحضرة، كانوا يلبسون لباسا خاصا، ويقال عنهم هؤلاء صفوة أوروبا، هكذا عشنا المجد كما لم يعشه أحد..
تعال يا أخي الآن نقلب صفحات الحاضر، لا تاريخ، لا مجد، لا عزة. أصبحت الأرض تتشبع بدمائنا، أصبحت الأمة تمر بالأزمات والنكبات، أصبحت تمر بمذابح ولا مغيث، تمر بإبادات ولا مجيب، تمر بمسح شامل والعالم صامت، وهل لنا أن نلوم العالم وهو يرى المذابح والإبادات في كل مكان، فلسطين وأفغانستان وبغداد وسوريا والآن آراكان هل لنا أن نلومهم ونحن من نشارك المسلمين الإخوة الدينية، لم ننصرهم بل لم يهمنا أمرهم...
أصبحنا بعد أن سلمنا زمام قيادتنا للغرب ذليلين مهانين، ألم أقل إننا كنا نرفل في ثوب المجد، الآن خلعنا هذا الثوب، ولبسنا ثوبا من الذل أهدانا إياه الغرب.
فمنذ أن بدأ المسلمون يتركون دينهم ويرونه تخلفا بدأنا في التخلف.
ومنذ أن رأى المسلمون أن هذا الدين رجعي بدأنا بالتراجع.
منذ أن ولعنا بالغرب، عشقنا الغرب، استعبدنا الغرب، ونحن في هذا الذلّ.
آهات في صدري لا أدري كيف أخرجها، كيف أصوغها، كيف أترجمها، فهي أكبر من أن أحولها إلى حروف.
هذه الأمة، هذا العملاق الذي يغط في سبات عميق، بينما العدُوُّ يمرح ويسرح فوق جسده كيفما شاء.
تخنقني العبرات حينما أقرأ قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم، مَثلُ الجسدِ. إذا اشتكَى منه عضوٌ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى» (رواه مسلم)، وأنا أرى أننا أهدينا فلسطين لإسرائيل، وضيعنا بغداد، سلمنا سوريا.
والآن آراكان. آراكان تلك البقعة المنسية، آراكان تلك البقعة التي يمارس فيها العدو ما شاء، ذلك الشعب الذي يباد بأكمله وأمتي لا زالت نائمة.
يا أمتي ارعِنِي سمعِك.
في آراكان آباؤنا يقتلون إخواننا يعتقلون، أخواتنا تغتصبن.
يا أمتي أي خير في رجالك، إن كانوا لا يستطيعون الحفاظ على طهر أخواتهم من قذارة ذلك النجس؟!
في آراكان يا أمتي قرى تُحرق، مساجد تُهدم، دينٌ يهان، شعبٌ يباد.
في الوقت الذي ننغمس نحن في الذل، ولا نستطيع أن نقدم شيئاً، إلا استجداء الغرب وانتظارهم، ها هم أمام أعينكم، ها هم البوذيون في آراكان يمارسون أبشع المذابح التي لم تعرف التاريخ مثلها، أمام الغرب بأكمله.
يا أمتي لن أطيل عليك الكلام. فقط أردت أن أذكرك: "نحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله".
إبراهيم محمد صديق
Ebrahim.m.s@hotmail.com
- التصنيف: