الكريسماس.. معاص بالجملة

منذ 2013-01-05

مثل هذه المظاهر التي ابتليت بها الأمة الإسلامية مؤخرًا، لا يقرها الشرع الحنيف ولا يرتضيها الدين القيم، وحريّ بأمة الخير أن تستهدي بقيمها السماوية التي يحتويها دينها الخاتم، بدلا من اتباع سنن اليهود والنصارى التي ستنتهي بنا إلى جحر ضب خرب..


من نعم الله تعالى على هذه الأمة أمة الإسلام، أن دينها الخاتم للأديان والرسالات احتوى على خيري الدنيا والآخرة، في تناسق عجيب وتكامل بديع، فالله تعالى بيّن للأمة ما تفعل وما تدع، حتى في حالات اللهو والاسترواح، ومنها الأعياد والمناسبات السعيدة -كالزواج مثلا- فلم تُترك لعبث الجاهلية، أو لتكون مدخلا للشيطان وأعوانه من الإنس والجن، فكل شيء مضبوط ومحسوب في هذا الدين، وهذا كله فيما أقره الشرع ابتداءً وأباحه، أما ما احتوى على مخالفات شرعية في أصله، أو في صورته من المناسبات والأعياد، فلا يجوز لمسلم ارتكابه ومقارفته، دعك من اعتياده والإعداد له.


وأعياد الميلاد أو ما يُسمى بالكريسماس؛ إحدى المناسبات والأعياد التي تورط فيها كثير من المسلمين بسبب التغريب والغزو الحضاري، فأصبحوا يحتفلون بها دون النظر في أصلها، واستُزرعت كإحدى المناسبات الاجتماعية؛ التي ينتظر بعض العابثين قدومها ليستقبلوها بالموسيقى والرقص.

غير أن موضوع الاحتفال بالكريسماس -وتهنئة النصارى بذلك- ينطوي على جانب عقدي خطير يجدر بالمسلم أن ينتبه له، فالنصارى يعتقدون أن المسيح إله، وأن الله تعالى ثالث ثلاثة، ويتصل بهذا مسألة صلب المسيح، وقيامته بعد صلبه، مما يُسمى عند الكنائس الشرقية بعيد القيامة، وهو غير بعيد زمانا ومدلولا عن الكريسماس، وكل هذه المعتقدات كفر صريح، وتهنئة النصارى بالكريسماس يتضمن إقرارهم على معتقداتهم، مما يؤدي بالمهنِئ إلى الكفر أيضا، وهذه مسألة أصبحت في زماننا هذا يجهلها كثير من المسلمين، فتوردهم المهالك.


وقبل أن نمضي في الموضوع قليلا؛ نود أن نبين أن هناك فرقا كبيرا بين عدم النهي عن بر النصارى وإحسان معاملتهم والعدل معهم الواردة في الآية، قال تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِ‌جُوكُم مِّن دِيَارِ‌كُمْ أَن تَبَرُّ‌وهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]؛ وبين التهنئة بأعيادهم الدينية، لأن التهنئة -كما أسلفنا- تتضمن الإقرار بالباطل، وهذا ليس داخلاً في البر والقسط.

إلا أن صورة الاحتفال نفسها، والتي درج عليها الناس في زماننا هذا -حتى في بلاد المسلمين- تلتبس بكثير من المعاصي، وتنطوي على جملة من المفاسد، فصورة الاحتفال أخذت طابع الحفلات الغنائية الليلية، وهذه تجر معها الموسيقى والتبرج والاختلاط، وقد تجر الخمور والمعاصي الأخرى المرتبطة بسعار الشهوات الهائج في مثل هذه التجمعات الشيطانية، كما أن نفث الشيطان في هذه المناسبات، جعل روادها يبتكرون أساليب جديدة موغلة في العبثية والسخف، مثل التقافز في الشوارع من الجنسين، ورش الماء على المارة، والصياح المجنون بلا معنى.. وغيرها من الصور المهووسة.


والخلاصة:
أن مثل هذه المظاهر التي ابتليت بها الأمة الإسلامية مؤخرًا، لا يقرها الشرع الحنيف ولا يرتضيها الدين القيم، وحريّ بأمة الخير أن تستهدي بقيمها السماوية التي يحتويها دينها الخاتم، بدلا من اتباع سنن اليهود والنصارى التي ستنتهي بنا إلى جحر ضب خرب.

ونسأل الله تعالى أن يمر علينا العام القادم وقد اختفت هذه المنكرات، وعلى كلٍ، نحن أحق بالمسيح عليه السلام من نصارى اليوم، وهو نفسه عليه السلام سيتبرأ من النصارى، ويكسر الصليب في آخر الزمان، ويصلي خلف أحد أبناء هذه الأمة، وفي هذا دلالة على خيرية هذه الأمة وخيرية أبنائها الصالحين، وكفى بشهادة المسيح عليه السلام شهادةً.


حسن عبد الحميد