يا أهل الجنوب الوحدة أولاً
تعرض جنوب اليمن في ظل النظام السابق لتهميش كبير ومظالم قاسية تراكمت عبر سنين متتابعة، ممَّا أوجد احتقاناً شديداً بين إخوة الجنوب والشمال..
زاد من استثارتها وتصاعدها العصبيات الحزبية والقبلية، ومن حق الجنوبيين أن يرفعوا أصواتهم قوية للمطالبة بحقوقهم والدعوة إلى إنصافهم، ومن الواجب أن يتصدى لذلك العلماء والدعاة ووجهاء القبائل؛ فرفع الظلم وإقامة العدل ممَّا تواتر الأمر به في نصوص الكتاب والسنة، وتوافقت عليه العقول الصحيحة والفطر السليمة.
ومع إقرارنا بتلك الحقوق والواجبات إلا أنني أُنبِّه إلى أن الدعوات الانفصالية التي تطالب بالانقسام أو بحق تقرير المصير دعوات جاءت في غير محلها، وخارج وقتها وسياقها؛ فاجتماع المسلمين ووحدتهم من أصول الإسلام التي تواترت النصوص على تقريرها والأمر بالاعتصام بها.
قال الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} [آل عمران: 103]، وقال عز وجل:{ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} [الأنفال: 46]، وقال سبحانه وتعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} [آل عمران: 105]، وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} [الأنعام: 159].
ولا يجوز شرعاً، ولا عقلاً أن يتجاوب الدعاة والوجهاء مع دعوات العامة العصبية، أو يجاملوهم في التشرذم ويزينوا لهم ذلك، أو يستخدموا ورقة الوحدة أو الانفصال لتحقيق مصالح مناطقية أوحزبية أو شخصية، وقد صح في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «من نصر قومه على غير الحق، فهو كالبعير الذي تردى، فهو ينزع بذنبه».
وإنما الواجب على الدعاة والوجهاء بيان حكم الله عز وجل في التنازع والتفرق، وترسيخ دعائم الوحدة، وتبصير الناس بمخاطر الانفصال، ويبنى ذلك على قاعدتين:
الأولى: تعزيز أصول المحبة والأخوة والاجتماع والائتلاف والوحدة على شرع الله تعالى، ومعالجة المشكلات التي تحدث برؤية شرعية واعية.
الثاني: الدعوة إلى بسط العدل، وإقامة الحق بتجرد وموضوعية.
والداعية الرباني ينبغي أن يكون له دور رائد في إزالة الاحتقان العصبي ومعالجة النعرات الجاهلية، وإطفاء فتيل الصراعات القبلية، وتربية الناس على تعظيم الشريعة والاعتصام بالجماعة، وتصحيح اتجاهات الرأي العام بوعي وحكمة؛ فالرائد لا يكذب أهله.
- التصنيف:
- المصدر: