عذراً يا شيخ العبيكان

منذ 2006-03-24

نسبت الصحف الى الداعية السعودي الشيخ عبدالمحسن العبيكان قوله انه يعارض المقاطعة التجارية للبضائع الدنماركية، ويرى أنها "نوع من العقوبة وليست من الدين في شيء"، ونقلت عنه (الوطن) قوله خلال ندوة أقامتها جمعية إحياء التراث الإسلامي -فرع الجهراء- أن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم "تكون بتطبيق سنّته وإطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وأن طاعته لا تكمن في مقاطعة البضائع الاستهلاكية..".

ومع احترامنا للشيخ العبيكان وحقه في اعتقاد ما يرى من وجهات النظر ومواقف، فإن موقفه جاء نشازاً وسط هذا المدّ الإسلامي العارم في العالم كله، المؤيد لمعاقبة من تطاولوا على مقام الرسول صلى الله عليه وسلم بمقاطعة البضائع الدنماركية، ويكفيك من العقوبات التجارية أنها حققت ما يلي:

1- أن الحكومة الدنماركية تجاهلت على مدى 4 أشهر احتجاجات المسلمين على الرسومات، فلما فرضت المقاطعة بدأ رئيس الوزراء الدنماركي يحاول الاعتذار وبدأت اطراف سياسية في الدنمارك تحسب خسائر المقاطعة وتراجع مواقفها.

2- أن المقاطعة جعلت دولاً غربية أخرى تدين وترفض الرسومات الدنماركية خوفاً من تداعيات ذلك على مصالحها التجارية في العالم الإسلامي، وصار من الصعب عليها أن تتساهل مع من يوجه الإساءات إلى الإسلام.

3- أن المقاطعة هي أول موقف عارم وموحّد منذ سنوات طويلة يجمع المسلمين في العالم قاطبة على اختلافاتهم الكثيرة، وهذه الوحدة الإسلامية ثمرة مباركة لحملة الانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم وشعارها هو مقاطعة بضاعة المعتدين على مقامه الشريف.

4- أن المقاطعة التجارية هي من الاسلحة السياسية القليلة المتبقية في يد المسلمين في وقت خلت أيديهم من الأسلحة الاخرى الفاعلة، فمن يعارض المقاطعة إنما يجعل المسلمين مجرّدين من أي سلاح، لأن الاحتجاجات اللفظية ليست كالافعال المؤثرة.

5 - قال الشيخ العبيكان في الندوة "أن قرار المقاطعة يجب أن يترك إلى ولاة الأمور"، وهذا غير صحيح فمواجهة العدوان على مقام الرسول صلى الله عليه وسلم فرض عين على كل مسلم، ولا يحتاج الناس فيه إلى أذن من حاكم أو سلطان، بل إن موجة الغضب الشعبي العارم هي التي دفعت حكومات إسلامية كثيرة إلى التحرك واتخاذ قرارات وتبنّي مواقف، يضاف إلى ذلك أن المقاطعة بقرار شعبي تعفي الحكومات من مسؤولية القرار وما قد يترتب على ذلك من عقوبات غربية مضادة بسبب التضامن الأوروبي الرسمي مع الدنمارك.

6- وأخيراً نقول للشيخ أن من يتّبعون الرسول صلى الله عليه وسلم ويتأسّون به كانوا أسبق الناس إلى قرار المقاطعة، ويحسب للمملكة العربية السعودية وشعبها الكريم السبق في الغضبة للرسول صلى الله عليه وسلم والانتصار له، وكان العالم الاسلامي كله تابعاً لهم في ذلك، وأن مقاطعة السوق السعودية للبضاعة الدنماركية هي الأهم من حيث الحجم والتأثير والأثقل في حسابات الشركات الغربية.

فنرجو من الشيخ العبيكان مراجعة موقفه هذا، خصوصاً وأنه لم يؤسس على أدلة شرعية معتبرة، وأنه يخالف ما يشبه الإجماع في العالم الاسلامي على الانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين » أو كما قال.

المصدر: جريدة الوطن الكويتية