(حزب الله) في ذكرى خضوعه السادسة: شبيح دولي متجول

منذ 2013-03-24

أن حزب الله بلجوئه إلى السلاح التقليدي وهو الاختطاف والاغتيال؛ فهو يوشك أن يأرز إلى حصنه الأخير، حيث أوعز إليه آمروه أن يسخن جبهته لإرسال رسائل متعددة إلى الداخل اللبناني بأنه ما زال قوياً، ومسيطراً، وللخارج العربي الإسلامي السني بالطبع، بأنه مستعد لممارسة التشبيح بشكل دولي إذا ما انهزم النظام السوري، وبالتالي فإن دواء الشبيحة لدى الضعفاء هو السكون والتراجع ثم دفع الإتاوة! هذا قد كان وارداً في وقت.


اليوم يكون قد مرت ست سنوات هادئة على إسرائيل من جبهة حزب الله.
2220  يومًا مرت بلا رصاصة على الكيان الصهيوني من الجنوب اللبناني، إنها أطول فترة تمر على الغاصبين بهذا الأمان في لبنان، إنها تتويج لعملية معقدة انتهت بتفريغ جنوب لبنان من المقاومة الفلسطينية واللبنانية الحقيقية، التي لأجلها تم تهجير الفلسطينيين من جنوب لبنان إلى بلاد عربية.

الآن بوسع إسرائيل أن تحتفل بالنصر؛ فالجنوب اللبناني معزول عن فلسطين بقوة متعددة الجنسيات (يونيفيل) بعمق 15 كيلو متراً، ومعزول تالياً بحزب الله الذي يؤكد دوما على أنه في مقابل خمسة آلاف اختراق لقرار 1701 الأممي القاضي بوقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل؛ ظل ملتزماً بالقرار.. وبالتالي صارت إسرائيل في أمان تماماً كل هذه السنوات.

وفي مثل هذا اليوم الذي قبلت فيه ميليشيا حزب الله التقهقر في العمق اللبناني قبل ست سنوات، يعيش الحزب أجواء حرب ضروس في سوريا، تولى الحزب فيها أمر التشبيح وقتل المدنيين، وعندما انفضح الحزب تماماً مع أسر عنصر من عناصره في قلب دمشق حيث انضم مع الآلاف من زملائه إلى قطاعات المرتزقة الذين جاءوا من قلب إيران والعراق للقتال إلى جانب السفاح الصهيوني بشار الأسد، بادرت شيعته في لبنان إلى تفجير الموقف، وممارسة تشبيح مماثل في لبنان؛ فاختطفت سوريين أبرياء وسعودي وتركي لمبادلتهم بأسيرها الشبيح الأسير في دمشق، وبرغم أن حزب الله قد سعى إلى إلباس رد فعله برداء عشائري، حين تولت عشيرة المقداد التي ينتمي إليها عنصر الحزب المأسور إلا أن التهديد باختطاف قناصل ورعايا دول قطر وتركيا والسعودية وغيرها، وقطع طريق المطار لا يمكن تأطيره داخل حيز عشائري؛ فأبسط ردات فعل العشيرة كان قطع طريق المطار، وهي وسيلة يلجأ إليه حزب الله كلما أراد أن يستعرض قوته في العاصمة اللبنانية مثلما فعل في الذكرى الأولى لمغامرته عندما قضاها في ملاحقة العزل من السنة في اجتياح بيروت الشيعي الشهير (2007)، وبالتالي فالحديث عن عشيرة غاضبة إلى حد تهديد دول الإقليم أمر يبعث على السخرية.

حزب الله يريد أن يقول إن قبضته قوية، لكنه كشف عنها هزيلة واهنة؛ فهو لم يضف جديداً في موضوع التشبيح المحلي والبلطجة الدولية؛ فالحزب عريق في هذا المجال، ولديه سجل حافل بعمليات القتل والتفجير في الكويت (طائرة الجابرية وغيرها) وشرق السعودية (تفجير الخبر) وتدريب الميليشيات البحرينية والحوثية باليمن، والقتال إلى جوار ميليشيا الصدر في العراق، وأخيراً اندفاع مجموعات ميليشياته عبر الحدود في قلب سوريا، لكن ما أضافه بالفعل هو الكشف عن هشاشة وضع بشار الأسد نفسه، والتوتر الشديد لحلفائه في لبنان.

إنها مشاعر الحصار الأخير، والهزيمة المدوية، ضربات خبط عشواء وتهور وهياج من أجل تخفيف الضغط ليس عن بشار وحده وإنما على كل الحلفاء من طهران إلى الضاحية؛ فالعاصمة الإيرانية تشعر بقلق شديد بعد أن ازداد الحنق عليها إقليمياً وبدأت حساسياتها القومية والدينية تشهد تململاً متزايداً؛ وحتى الزلزال لم يعفيها من الملاحقة الشعبية بالتقصير؛ فالصور التي انتشرت لشاه إيران وهو يتفقد مناطق زلزال قبل عقود برزت على صفحات التداول الاجتماعي الإيرانية، لتجسد مأساة تبريز، وتقلق الآذريين، بعد أزمة الدجاج، والتحضير الجاد لثورة الأحواز، ونظام بشار بدأ يتفكك بالفعل ولم تُجد معه كل أجهزة الإنعاش والتنفس الصناعي الإيرانية والروسية والصينية، والعاصمة العراقية بدت منزعجة من مظاهرات المرجع الشيعي الصرخي التي انطلقت على خلفية اقتصادية واجتماعية (وليست طائفية بالمناسبة)، وقد تمتد إلى قطاعات شعبية سنية، وأخرى ظنت أن عليها أن تدفع الخمس للملالي فوجدت نفسها تدفع أربعة أخماس دخلها ونصيبها إلى الدولة!

أما في البيت الداخلي للبنان، فالنظام السوري الإيراني العتيد المهيمن على كل مفاصل الحكم اللبناني بدأ يترنح، وسمعنا للمرة الأولى أن مسؤولاً سورياً رفيع المستوى بحجم (علي مملوك) يلاحقه القضاء اللبناني، وهو بالطبع هزة ارتدادية للزلزال الحاصل في سوريا، والذي بدأ يمس أهم مقرات ومؤسسات الدولة السورية.

ما يمكن استخلاصه، أن حزب الله بلجوئه إلى السلاح التقليدي لإخوان الصفا وفرق الحشاشين التاريخية، وهو الاختطاف والاغتيال؛ فهو يوشك أن يأرز إلى حصنه الأخير، حيث أوعز إليه آمروه أن يسخن جبهته لإرسال رسائل متعددة إلى الداخل اللبناني بأنه ما زال قوياً، ومسيطراً، وللخارج العربي الإسلامي السني بالطبع، بأنه مستعد لممارسة التشبيح بشكل دولي إذا ما انهزم النظام السوري، وبالتالي فإن دواء الشبيحة لدى الضعفاء هو السكون والتراجع ثم دفع الإتاوة! هذا قد كان وارداً في وقت سابق، لكن الأمر الآن مختلف جذريًا فمحال أن يغيب شبيح لمدة طويلة ثم يبرز نحيلاً في أسمال بالية وينتظر بعدُ أن يرهب الجيران!