النصيرية وإجرامهم عبر التاريخ

منذ 2013-06-17

إن الأمة التي لا تقرأ تاريخها، ولا تستفيد منه في حاضرها ومستقبلها، لهي أمة مقطوعة منبتة، ولو أن المسلمين في هذا العصر استوعبوا دروس الماضي لما أخطئوا في كثير من الأمور؛ لأن من سنن الله في خلقه أن كثيراً من الأحداث التي تقع في عصر من العصور لا تلبث أن تتكرر في عصور أخرى، يقول المؤرخ ابن الأثير: "وإنه لا يحدث أمر إلا وقد تقدم هو أو نظيره، فيزداد الإنسان بذلك عقلاً، ويصبح لأن يقتدي به أهلا".










 

يا رب أم وطفل حيل بينهما *** كما تفرق أرواح وأبدان

وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت *** كأنما هي ياقوت ومرجان

يقودها العلج للمكروه مكرهة *** والعين باكية والقلب حيران

لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ مِن كمَدٍ *** إن كانَ في القلب إسلامٌ وإيمانُ


فتلك بعض أفعالهم التي سجلت في كتب التاريخ، ونقلها مؤرخ نصيري منهم، لا يمكن اتهامه بالتحيز ضدهم.. تاريخ يحكي آلام المسلمين من الباطنيين، ويفصح عن عذاب أهل الشام بأيدي النصيريين.. تاريخ ينضح باللؤم والغدر والخيانة، ويقطر بالدم.

الخطبة الثانية:


سئل شيخ الإسلام بن تيمية عن طائفة النصيرية، فأجاب رحمه الله: "الحمد لله رب العالمين، هؤلاء القوم المسمون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت، وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المرسلين قبل محمد صلى الله عليه وسلم ولا بملة من الملل السالفة بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها، يدعون أنها علم الباطن، فإنه ليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته وتحريف كلام الله تعالى ورسوله عن مواضعه، إذ مقصودهم إنكار الإيمان وشرائع الإسلام بكل طريق مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس قولهم: إن "الصلوات الخمس"معرفة أسرارهم و "الصيام المفروض" كتمان أسرارهم "وحج البيت العتيق" زيارة شيوخهم، وأن "يدا أبي لهب هما أبو بكر وعمر"، وأن: "النبأ العظيم والإمام المبين هو علي بن أبي طالب"، ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين. كما قتلوا مرة الحجاج وألقوهم في بئر زمزم وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي عندهم مدة وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى وصنف علماء المسلمين كتبا في كشف أسرارهم وهتك أستارهم؛ وبينوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد الذي هم به أكفر من اليهود والنصارى ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام".

وما ذكره السائل في وصفهم قليل من الكثير الذي يعرفه العلماء في وصفهم، ومن المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين.


ومن أعظم المصائب عندهم فتح المسلمين للسواحل وانقهار النصارى، بل ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ومن أعظم أعيادهم إذا استولى - والعياذ بالله تعالى - النصارى على ثغور المسلمين فهؤلاء المحادون لله ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها فاستولى النصارى على الساحل، ثم بسببهم استولوا على القدس الشريف وغيره، فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب في ذلك ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم.



عبد الرحمن الجليل