كيف تحيا في عالم الأموات

منذ 2013-06-19

وما هي الحياة الحقيقية؟ وهل تعني الحياة الأكل والشرب والعمل وبناء المدن وتشييد المباني وصناعة الآلات؟ وهل تعني الحياة كثرت الاختراعات والانغماس في الشهوات والملذات؟




يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَأَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَأَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ومَا يَشْعُرُونَ



فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ

واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ

إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ ورَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وأَطَعْنَا وأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَيعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يدهلِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍوَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّـهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَرَبَّنَا إنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ . رَبَّنَا وآتِنَا مَا وعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ولا تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعَادَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَأَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْإن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمرإن لحوم الحمر لا تحل لمن يشهد أني رسول اللهوَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعُروفِ

 

وهل أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد


ذلك الشعار الجاهلي الذي يغيب عقل الإنسان عن الإتباع والهدى والخير.. تقول لأحدهم الغيبة.. النميمة.. أعراض الناس.. أحفظوا ألسنتكم.. لا تجوز هذه الأعمال.. يرد عليك قلوبنا صافية ونحن نمزح فقط.

الله أكبر تمزح في كبيرة من كبائر الذنوب.. وهناك من تذكرة بحرمة الدماء والأعراض والأموال فيرد عليك الحياة فرص أو أنه يعمل ذلك من أجل فلان وعلان من الناس فلا يحتكم إلى دين أو شرع.. و تجد تلك المرأة التي تؤمر بالطهر والعفاف و بالحجاب وأنه فريضةٌ من الله وفيه خير الدنيا وسعادة الآخرة ترد عليك وأنت تسألها لماذا لا تستجيبين لأمر الله؟ فإذا بها تحدثك عن التطور والحداثة ومسايرة العصر وأن الإيمان في القلوب والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ . إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ} [الأنفال:20-22]. وقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص:50].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم...

قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..

الخطبة الثانية:


عباد الله:

اعلموا أن للاستجابة لأمر الله ورسوله ثمار في الدنيا والآخرة فمن استجاب لله؛ استجاب الله له، يقول تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران:195]. وقال عز وجل مبيناً نتيجة الفريقين: {لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [الرعد:18]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبي»، قالوا: يا رسول الله ومن يأبي؟ قال: «من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» (رواه البخاري).

والاستجابة سبب من أسباب إجابة الدعاء: فهي طريق لرضا الله تعالى، فتحقيق الإيمان وامتثال أوامر الله تعالى جعلها الله تعالى من شروط إجابة الدعاء فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].

ومن فوائد وثمار الاستجابة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم هي مغفرة الذنوب، قال تعالى على لسان الجنِّ: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف من الآية:31].

إن الإعراض عن منهج الله وعدم الاستجابة لأوامر الشرع في أقوالنا وأفعالنا وتصرفاتنا يجلب على الأمة والمجتمع كثير من الويلات والمصائب وتحل العداوة والبغضاء بين الناس بسبب ذلك... بين الرجل وزوجته وأولاده وبين المدير وموظفيه وبين المعلم وطلابه وبين الجار وجيرانه وبين الحاكم والمحكوم، وهي سنة الله في خلقه حكاها في كتابه فقال تعالى: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة:14].

عباد الله:


ومن ثمرات الاستجابة: النصر والتمكين لهذه الأمة أفراداً وشعوباً ومجتمعات، وما فتحت ممالك الأرض شرقاً وغرباً في بلاد فارس والروم وأفريقيا والأندلس والصين وشرق آسيا وأوروبا إلا بالاستجابة لأمر الله ورسوله، وما تطورت حضارة المسلمين في جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والأدبية إلا بسبب ذلك ولم تكن الاستجابة لأمر الله ورسوله في يوم من الأيام عائقاً لبناء هذا الحياة بمفهومها الحقيقي ذلك. إن الإسلام يملك الطاقات الفكرية، والروحية، والأخلاقية، التي تكفل الحياة الطيبة للإنسان المسلم وحتى غير المسلم بما أوجبت من حقوق وواجبات وبما شرعت من قيم وأخلاق.

وما ضعفت أمتنا وساءت أحوالنا واستبد بنا غيرنا وما تسلط علينا الظلمة وسفكت دمائنا واحتلت أرضي المسلمين واستبيحت مقدساتهم.. ما حدث ذلك كله إلا عندما تعلقنا بغير الإسلام واعتقدنا أن هذه الحضارة المادية هي طريق الحياة السعيدة فزادت تعاستنا وكثرت مشاكلنا واستمر ضعفنا.. فما أحوجنا اليوم إلى أن نقيم شرع الله في حياتنا فيعرف كل واحد منا حقوقه وواجباته فيلتزم بها ويؤديه كما أمر.. وما أحوجنا إلى أحياء قيم الخير في نفوسنا لنسعد في حياتنا.

وما أحوجنا اليوم إلى الانطلاق من توجيهات هذا الدين لبناء الحياة وتعمير الأرض والاعتزاز بهذا الدين ودعوة البشرية قاطبة إليه وتعريفهم به، وإن من الأمور التي تدعو للتفاؤل وتبشر بالخير أن تجد كثير من رجال الإسلام ونسائه وشبابه قد أدركوا أهمية الاستجابة لله ورسوله في استقامت النفس وصلاح الدنيا ودوام النعم فالتزموا بذلك، ولم تغرهم كثرة الشهوات والشبهات ولم تستعبدهم المادة ولا الحضارة المادية وأيقنوا أن ما عند الله خير وأبقى وهي الحياة الحقيقية في الدنيا قبل الآخرة.

قال تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ . فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ} [الشورى:47-48].

اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح فساد أحوالنا واجعلنا يا ربنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وردنا إلى دينك رداً جميلاً وخذ بنواصينا إلى كل خير.

هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين.