لحظة من فضلك، قبل أن تدخل بيتك

منذ 2013-06-22

عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل بيته ، فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ههنا ، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال : أدركتم المبيت والعشاء» [رواه الألباني في صحيح الجامع].

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أما بعد: فأعتذر إليك أخي لأخذي شيئاً من وقتك, وتأخيرك عن الدخول لمنزلك- العامر بطاعة الله تعالى إن شاء الله- ولكن ما أردت إلا الخير والنصح لك.


أخي -يا رعاك الله- أقدم بين يديك بعض الأمور التي ينبغي مراعاتها عند دخول بيوتنا:


الأمر الأول: ذكر الله تعالى ودعاء دخول المنزل:

عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجل بيته ، فذكر اسم الله تعالى حين يدخل وحين يطعم ، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء ههنا، وإن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال: أدركتم المبيت والعشاء» (رواه الألباني في صحيح الجامع).


قال الإمام النووي رحمه الله:"يستحب أن يقول: باسم الله, وان يكثر من ذكر الله تعالى , وأن يُسلم سواء كان في البيت آدمي أم لا, لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور:61]" (الأذكار للنووي61).



وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولج الرجل بيته فليقل اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله» (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع).



الأمر الثاني: استخدام السواك:

سألت عائشة: «قلت: بأي شيء كان يبدأالنبي صلى الله عليه وسلم إذادخل بيته؟ قالت :بالسواك» (رواه مسلم).
  

الأمر الثالث: الاستئناس:


الاستئناس: طلب الإيناس من الأنس ضد الوحشة.



وهو معنى زائد على الاستئذان وسابق له على قول بعض العلماء. و"الاستئناس تنبيه والاستئذان عهد فندب إلى أن يبتدئ بالتنبيه ثم بالعهد ليكون أوكد للعهد وأقوى للحجة" (نوادر الأصول في أحاديث الرسول 2\89).



وينبغي لك أخي الحبيب قبل أن تدخل بيتك أن تستأنس وتعلم أهلك بأنك قد حضرت ولا تباغتهم وتفاجئهم بحضورك حتى لا ترى منهم ما تكره.



ومن طرق الاستئناس وإعلام أهل البيت بالدخول عليهم.



· ذكر الله وتسبيحه:



عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: قلت:«يا رسول الله هذا السلام فما الاستئناس ؟ قال : يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت» [القرآن لابن كثير].



· النحنحة :



عن زينب ? زوجة عبد الله بن مسعود- رضي الله عنهما قالت:" كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه".


· تحريك النعل:

قال الإمام أحمد: "إذا دخل الرجل بيته استحب له أن يتنحنح أو يحرك نعله".

و"سئل رحمه الله عن الرجل يدخل إلى منزله ينبغي له أن يستأذن؟ قال : يحرك نعله إذا دخل" (الآداب الشرعية ابن مفلح 1/424 ابن كثير 3/372).

ويمكن في الحاضر أن يعلم الرجل أهل بيته بقدومه وذلك عن طريق الهاتف الجوال أو بالمنبه الكهربائي (الجرس) وذلك بالضغط عليه بصورة معينة يعرف منها أن هذا من أهل البيت, خصوصاً إذا سور البيت بعيدا عنه بحيث لا يسمع التسبيح والنحنحة ونحوها . والله أعلم.

ويستحب كذلك الاستئناس قبل الدخول على الزوجة لئلا يرى منها ما يكره.


· الأمر الرابع:يستحب أن يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله: (الآداب الشرعية 1/425).


قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف:39].

قال الإمام مالك رحمه الله: "ينبغي لمن دخل منزله أن يقول هذا" (القرطبي 10/264).



الأمر الخامس : يستحب تقديم رجله اليمنى:

التيامن مستحب في كل أمور الشخص , اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره ، وفي شأنه كله» (رواه البخاري]) ويستثنى من ذلك ما يستقبح مثل الخلاء ونحوه.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وقد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى: تقدم فيها اليمنى إذا كان من باب الكرامة كالوضوء والغسل, والابتداء بالشق الأيمن في السواك , ونتف الإبط, وكاللباس, والانتعال, والترجل ودخول المسجد, ودخول المنزل, والخروج من الخلاء, ونحو ذلك, وتقديم اليسرى في ضد ذلك, كدخول الخلاء, وخلع النعل , والخروج من المسجد" (مجموع الفتاوى 21/108/109).




الأمر السادس: الاستئذان:




الاستئذان : "التماس الإذن تأدباً خشية الإطلاع على عور" (أحكام الاستئذان في السنة والقرآن/أحمد العريني13).
وهو أدب رفيع من آداب دخول البيوت وغيرها مما يحسن الاستئذان فيه , والحديث هنا عن الاستئذان في بيت الشخص هل يستأذن عند الدخول على زوجته أم لا؟




الجواب: قال ابن كثير رحمه الله: "وفي الأثر عن ابن جريح قال: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته ؟ قال: لا وهذا محمول على عدم الوجوب, وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به لاحتمال أن تكون على هيئه لا تحب أن يراها عليها" (تفسير ابن كثير).





وممن يحسن الإستئذان عليهم قبل الذخول :



أ)- الأم:



عن علقمة قال جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: أستأذن على أمي فقال : ما على كل أحيانها تحب أن تراها» (رواه البخاري في الأدب المفرد).


وسأل رجل حذيفة رضي الله عنه فقال: أستأذن على أمي فقال: إن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره» (رواه البخاري في الأدب المفرد وعبد الرزاق في مصنفه).




وعن موسى بن طلحه قال: «دخلت مع أبي على أمي فدخل فاتبعته فالتفت فدفع في صدري حتى أقعدني على إستي ثم قال أتدخل بغير إذن» (رواه البخاري في الأدب المفرد).



ب)- الاستئذان على الأب:



عن جابر رضي الله عنه قال: «استأذن الرجل على ولده وأمه وإن كانت عجوزاً وأخيه وأخته وأبيه» (رواه البخاري في الأدب المفرد)



ت)- الاستئذان على الأخت:



عن عطاء قال سألت بن عباس فقلت: أستأذن على أختي فقال : نعم فأعدت فقلت : أختان في حجري وأنا أمونهما وأنفق عليهما أستأذن عليهما قال: نعم أتحب أن تراهما عريانتين؟ ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ...} [النور:58]
قال فلم يؤمر هؤلاء بالإذن إلا في هذه العورات الثلاث.




قال: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} [النور :59].



قال ابن عباس: "فالإذن واجب , زاد بن جريح على الناس كلهم" (رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني).



وقال ابن مسعود رضي الله عنه: عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم وأخواتكم (ابن كثير3/372).



ونشير هنا إلى بعض آداب الاستئذان التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم:



1. أن يكون طرق الأبواب برفق ولين.



2. الاستئذان ثلاثاً.



3. عدم استقبال الباب. بل يقف عن اليمين أو الشمال.



4. حفظ النظر من التطلع إلى عورات أهل البيت.



5. إذا قيل لك ارجع فارجع, قال تعالى: {وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ۖ هُوَ أَزْكَىٰ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [النور:28].





الأمر السابع: السلام:


عن أبي أمامه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل» (رواه أبو داود وصححه الألباني).




وعن أنس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :«يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهل بيتك» (رواه الترمذي وقال : حديث حسن غريب).



وعن جابر رضي الله عنه: أنه قال: "إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة" (رواه البخاري في الأدب المفرد).




الأمر الثامن : لا تقل أنا عندما تُسأل من الطارق أو من أنت ونحوه:



«عن جابر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: (من ذا). فقلت : أنا ، فقال : ( أنا أنا). كأنه كرهها» (رواه البخاري).


ويجوز أن يقول : أنا أبو فلان أو أبوكم أو نحو ذلك لحديث أبي ذر رضي الله عنه عندما قال: أنا أبو ذر (متفق عليه ).


وأم هانئ رضي الله عنها لما استأذنت قالت : أنا أم هانئ [متفق عليه].




الأمر العاشر: السؤال عن الأهل:



قال ابن القيم: "وكان إذا دخل بدأ بالسؤال" (زاد الميعاد 2/381).



فيستحب لك أخي أن تحمل الأطفال وتقبلهم وتتلقاهم بالبشر والسرور وتسلم عليهم...




الأمر الحادي عشر: وإذا قدمت أخي من سفر فلتراعي الأمور التالية مع ما سبق:




· يستحب أن لا تطرق أهلك ليلاً:



«عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قدم أحدكم ليلا، فلا يأتين أهله طروقا ؛ حتى تستحد المغ?به ، و تمتشط الشعثه» (رواه الألباني فى صحيح الجامع).



(قوله : طُروقاً : أي ليلاً . النهاية في غريب الحديث 3/112)



وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يطرق أهله ليلا . وكان يأتيهم غدوة أو عشية» (رواه مسلم)



(المُغِيبةُ والمُغِيب : التي غاب عنها زوجُها. النهاية في غريب الحديث 399/3).



وكلما طالت الغْيبة عن الأهل كان عدم طرقهم أولى، واستحب إعلامهم، فعن جابر رضي الله عنه «إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا» (رواه البخاري).


· وفي الوقت الحاضر مع تطور الاتصالات يمكن أن يُعلم الرجل أهله بموعد وصوله مما يزيل وقوعه في النهي والحرج.



قال ابن حجر : فعلى هذا من أعلم أهله بوصوله وأنه يقدم في وقت كذا مثلاً لا يتناوله هذا النهي . وقد صرح بذلك ابن خزيمة في صحيحه ثم ساق من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة فقال : «لا تطرقوا النساء ليلا» (رواه الألباني فى صحيح الجامع) وأرسل من يؤذن الناس أنهم قادمون.




· صلاة ركعتين في المسجد لمن قدم من السفر.



عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلما قدمنا المدينة قال لي ادخل المسجد فصلي ركعتين» (رواه البخاري ومسلم).



قال كعب بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه» (رواه البخاري ومسلم).



قال النووي (رحمه الله):"في هذه الأحاديث استحباب ركعتين للقادم من سفره في المسجد أول قدومه وهذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر لا أنها تحية المسجد والأحاديث المذكورة صريحة فيما ذكرته.وفيه استحباب القدوم أوائل النهار".



"وفيه أن يستحب للرجل الكبير في المرتبة ومن يقصده الناس إذا قدم من سفر للسلام عليه أن يقعد أول قدومه قريباً من داره في موقع بارز سهل على زائريه إما المسجد وإما غيره" (شرح مسلم 5/192-193).



أخي الحبيب أسأل الله أن يكون دخولك خيرا وبركة عليك وعلى أهلك وأن يرزقك حسن المخرج كما أنعم عليك بحسن المدخل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين