إنما النصر صبر ساعة

منذ 2013-08-04

قبل قيام دولة الإسلام في المدينة المنورة؛ كثرت التضحيات والابتلاءات، وتنوّعت أشكالها؛ من سخرية واستهزاء، وتضحيك وتسفيه الآراء، واستضعافٍ، وتكذيبٍ وتخويف، وتشويهٍ ودسائس وافتراءاتٍ وشبهات، ومؤامراتٍ ومؤتمرات، ومفاوضاتٍ ومساومات، وتعذيبٍ وسياط وحرمان، وسجن واعتقال، ومحاصرةٍ ومصادرة أموال وممتلكات ومحاولات اغتيال.


قبل قيام دولة الإسلام في المدينة المنورة؛ كثرت التضحيات والابتلاءات، وتنوّعت أشكالها؛ من سخرية واستهزاء، وتضحيك وتسفيه الآراء، واستضعافٍ، وتكذيبٍ وتخويف، وتشويهٍ ودسائس وافتراءاتٍ وشبهات، ومؤامراتٍ ومؤتمرات، ومفاوضاتٍ ومساومات، وتعذيبٍ وسياط وحرمان، وسجن واعتقال، ومحاصرةٍ ومصادرة أموال وممتلكات ومحاولات اغتيال.

إلا أن هذه التضحيات كانت قليلة بالنظر لما حدث بعد قيام الدولة، وقد أصبح للإسلام شوكة تقف في وجه الحاقدين وفي حلق الفاسدين، فكان الجهاد عنوان المرحلة، والاستشهاد في سبيل الله أسمى الغايات وأولى الأولويات، وكثرة الحركة وعدم الاستقرار في المكان؛ فاتحين للبلاد والعباد للحدود وللقلوب، رافعين الراية، ثابتون على العهد والدرب لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم.



فكَثُر الاستشهاد في سبيل الله فيُتم أطفال، ورُمِّلت نساء، وهُدِّمت بيوت، وكثر الإنفاق وبذل المال في سبيل الإعداد والتمكين، وكذلك نشط المنافقون، وتحرّك المشركون، وتجمّعت الأحزاب والعصبيات وأصحاب المصالح الاقتصادية؛ لاسيما من رجال الأعمال أصحاب رحلتي الشتاء والصيف وتُجّار العبيد وصانعي الأصنام وعبادها وتُجَّارها وآكليها.

ونشطت وسائل الإعلام متمثلة في الشعراء، وتنوّعت الخطط للنيل من المؤمنين ومن دعوتهم ومن دستورهم الخالد ومن نبيهم صلى الله عليه وسلم، ورغم كل ذلك ثبت الرجال وصبروا، وعَظُمَت التبعات، وزادت التضحيات، واقترب الوعد الحق بإرساء دولة الحق والعدل والحرية؛ لأن ما جاء سهلاً سريعاً ضاع سهلاً سريعاً، فبالثبات والتضحيات تقام الأمم والحضارات، ويتحقق موعود الله بإقامة الدول والانتصارات وبشرى الفتح القريب.

فيا كل المسلمون -ولاسيما أبناء الحركة الإسلامية-:



أروا الله من أنفسكم خيراً، وجاهدوا أنفسكم، وحافظوا على فرائضكم وأورادكم، واجتهدوا وانهلوا في سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، وراقبوا ربكم في السِرّ والعلن، في القول والعمل، في المنشط والمكره، في العسر واليسر، وانتقوا كلماتكم وألفاظكم؛ فإنها البضاعة الرابحة للداعية إلى الله: «إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق» (صحيح الترغيب).

وابسطوا أياديكم بالود والرحمة وخفض الجناح وأظهروا عظمة دينكم ورِقّة قلوبكم وحرصكم على بلدكم وأخوتكم لكل البشر وتآخوا في الله وتجمعوا واتحدوا كما فعل الأوس والخزرج من قبل فسدّدُوا وقاربوا ولينوا في أيدي إخوانكم وألِّفوا بين القلوب وأشفقوا على الرعية وسيحوا في الأرض بالعدل والقسط أوصلوا رسالتكم واقنعوا قومكم بالحجة والبرهان و{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل من الآية:125].

واكسبوا القلوب قبل كسب المواقف؛ فإنما نحن ميسرين ولسنا معسرين، دعاة ولسنا قضاة، وارقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد وإنما النصر صبر ساعة {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم من الآية:4-5].



ماهر إبراهيم جعوان

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام