نكتة (الإرهاب) السخيفة لاستئصال الإسلاميين
إن الجماعات التي تتبنى العنف لا تدخل انتخابات بل تخوض معارك حربية ولكن السذاجة والتسرع ومحاولة التكويش على السلطة بأي شكل واستئصال كل ما هو إسلامي واستغلال إحباط الشعب من التدهور الاقتصادي ـ الذي لا يتحمله الإسلاميون وحدهم والدليل حجم الانهيار الحاصل الآن ..
وضعت جميع قنوات التلفزيون المصري الحكومية وبعض القنوات الخاصة لافتة تدعو "لمحاربة الإرهاب" ووضعتها القنوات الحكومية باللغة الإنجليزية رغم أن بثها كله باللغة العربية، وهي إشارة للرسالة التي ينشغل بها النظام الحاكم الآن وهي التوجه للغرب في محاولة مضنية لإقناعه بأن ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا ، والحقيقة أن الغرب يريد من صميم قلبه أن يصدق ذلك ولكن جميع الوقائع لا تسعفه وتضعه في حرج بالغ مع شعوبه ومع المبادئ والقيم التي يتحدث عنها ليل نهار؛ فالغرب ليس قريبا للإسلاميين والخلافات التي بين الغرب والإسلاميين أكبر بكثير من أي خلافات بينه وبين أي نظام عسكري مستبد في أي مكان في العالم ولكن حفظ ماء الوجه فقط هو الذي يجعله حتى الآن لا يستطيع أن يجاهر بدعم الانقلاب الذي حدث في مصر ولكن في نفس الوقت هو لم ولن يتخذ أي إجراءات تؤدي إلى إفشال الانقلاب أو الضغط الحقيقي على الحكام الجدد..
إن المعركة التي ينصرف إليها الإعلام المصري والحكومة الجديدة المؤقتة هو إقناع الخارج والداخل بأنهم في حرب مع الإرهاب ويبدو أن الحكام الجدد لم يستوعبوا فكرة أن لافتة الحرب على الإرهاب التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش أصبحت نكتة سخيفة للغاية حتى أن المجتمع الأمريكي نفسه بدأ يستخف بها وتعرضت لانتقادات بالغة في الدول الاوروبية وأصبحت كما يقولون "موضة قديمة" وما يجعلها غارقة في القدم والسخافة في آن واحد أن من يتهمونهم بالإرهاب هم جماعة لها علاقات واسعة بالعالم وليست خلية منعزلة ولها حزب سياسي معترف به تمكن من الفوز في جميع الانتخابات الديمقراطية التي جرت في البلاد بنزاهة كاملة ولم يتورط أحد من أعضائه في أي عملية مسلحة في البلاد منذ أكثر من 50 عاما بشهادة أعدائه الذين كانوا يلفقون له القضايا بكل الوسائل وليس من بينها الإرهاب وليسألوا في ذلك نظام مبارك الذي مكث في السلطة 30 عاما ولم يوجه هذه التهمة لجماعة الإخوان ولو هناك شبهة ولو صغيرة لفعلها ونكل بهم..ثم أن أحزابا علمانية ومنها حزب المرشح اليساري السابق للرئاسة حمدين صباحي تحالف مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية الأخيرة فهل كان لا يعلم أنها جماعة إرهابية وفجأة علم؟! وهل الإرهاب هذا يخرج هكذا فجأة من جماعة بحجم الإخوان تعمل منذ 80 عاما في مصر وفي العديد من الدول ومنها دول أوروبية تضع كل امكانياتها لمحاربة الإرهاب؟! هل لعاقل أن يصدق أن جماعة الإخوان إرهابية ولا تضعها أوروبا وأمريكا على قائمة الإرهاب طوال السنوات الماضية رغم تواجدها في عدد منها؟! ثم إذا كانت إرهابية فلماذا تدخل الانتخابات في جميع الدول العربية التي يسمح لها بالعمل فيها مثل الأردن ومصر والكويت..
إن الجماعات التي تتبنى العنف لا تدخل انتخابات بل تخوض معارك حربية ولكن السذاجة والتسرع ومحاولة التكويش على السلطة بأي شكل واستئصال كل ما هو إسلامي واستغلال إحباط الشعب من التدهور الاقتصادي ـ الذي لا يتحمله الإسلاميون وحدهم والدليل حجم الانهيار الحاصل الآن وحجم القروض التي تخطط لها الحكومة الجديدة ـ جعل السلطة الحاكمة تتصرف بشكل عشوائي مضحك فنفس الأشخاص الذين كانوا في المعارضة أمس ويغطون العنف سياسيا طوال فترة الرئيس مرسي هم الآن في الحكم ويسمونه "إرهابا" ويقتلون المتظاهرين بالعشرات دون تمييز، وهو ما أكدته منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش..
إن القنوات التي دعمت المتظاهرين ضد الرئيس مرسي بما فيهم البلاك بلوك وغيرهم من الجماعات التي كانت تعتدي على المنشآت وتغلق الطرق وتهاجم خطوط السكك الحديد هي نفسها التي تعتبر المتظاهرين الآن مجرمين يجب قتلهم وتبرر حرقهم وتعطي الشرطة الحق في ذلك بل وتتبنى دون تمحيص روايات الشرطة والجيش.
.إن المستشار السياسي للرئيس المؤقت مصطفى حجازي أحد قيادات جبهة الإنقاذ والضيف الدائم على قناة النهار قبل الانقلاب والذي كان يدافع وينافح عن المظاهرات ضد الرئيس مرسي وعن المعتصمين في التحرير الذين كانوا يغلقون المجمع ويمنعون حركة السير فيه، وكان ينافح عن الذين هاجموا قصر الاتحادية وأحرقوا حديقته يبرر الآن ويدافع عن قتل المعتصمين في رابعة والنهضة والمعتقلين بالعشرات في سيارة الترحيلات هل هذا عقل أم جنون؟! هل يمكن لأحد أن يصدق أن الحرب الآن دائرة ضد الإرهاب وسط هذا العدد الضخم من القتلى مع تعدد وتضارب الروايات بما فها رواية مقتل المجندين في رفح ؟ إن القيادات الحاكمة في مصر الآن لو راجعت تصريحاتها على اليوتيوب فبل الانقلاب ورأيها في الشرطة وقيادات الداخلية وجرائم الداخلية لتتعجب بشدة من رأيها الآن المادح بشدة لهؤلاء..
هل غيرت الداخلية ووزيرها عقيدتهم في أيام قليلة أيها العقلاء؟ أم وحدة الهدف بشأن القضاء عى الإسلاميين هي التي تحركهم؟إن شهادة السيناتور الأمريكي ليندسان جراهام الذي زار مصر مبعوثا من جانب الرئيس أوباما والتقي العديد من المسؤولين في السلطة تؤكد كل حرف ذكرته في هذه المقالة لقد قال في حديث للنيويورك تايمز: إن السيسي منتشي بالسلطة ومشكلته مع الإخوان شخصية، وأن رئيس الوزراء حازم الببلاوي يرفض تماما التحاور مع الإخوان ويصر على استخدام إجراءات عنيفة ضدهم.
خالد مصطفى - 13/10/1434 هـ
- التصنيف:
- المصدر: