مواقف من أحداث مصر

منذ 2013-08-29

ليس بعيدا عن أي مسلم ما تشهده مصر هذه الأيام من اعتداء على المدنيين المؤيدين لشرعية الرئيس محمد مرسي الذي انتخبه الشعب في انتخابات شهد العالم بنزاهتها، وكذلك حرق واستهداف المساجد بدعوى الحفاظ على الأمن وقتل الأبرياء في الشوارع..


ابتدع فلاسفة الغرب ومصلحيهم في العصور الوسطى الديمقراطية للتخلص من البطش الذي تعرضت له شعوب أوروبا باسم الدين والكنيسة، وخرجت مسميات فكرية مثل الليبرالية ومبادئ العقد الاجتماعي وتأسست برلمانات تنتخبها تلك الشعوب، لكي تحكم تلك الشعوب نفسها بنفسها، ومنذ تلك اللحظة إلى أيامنا هذه والديمقراطية كلمة ساحرة تصلح في كل زمان ومكان إلا في بلاد المسلمين.

وبالرغم من قبول بعض الجماعات الإسلامية للديمقراطية بعد أن تقلصت طرق إصلاح قواعد السلطة الحاكمة في ظل عدم وجود تطبيق لشرع الله في الكثير من البلدان الإسلامية التي تحتكم لقوانين فرنسية وبريطانية، فإن فوز تلك الجماعات بالمجالس النيابية ومناصب الحكم في تلك البلدان مثل مصر وتونس وفلسطين والجزائر من خلال الانتخابات، جاءت بنتائج عكسية عليها إذ تكشف الوجه الآخر لليبرالية التي تحكم منذ عقود مدعومة بغطاء غربي وصهيوني مكشوف، حيث شنت حملات أمنية وإعلامية فاسدة على الإسلاميين، وبدا الكثير من الذين يحسبون أنفسهم من أدعياء الفكر والثقافة يرجمون هذه الجماعات بكم من عبارات التخوين والفساد وغيرها.


وليس بعيدا عن أي مسلم ما تشهده مصر هذه الأيام من اعتداء على المدنيين المؤيدين لشرعية الرئيس محمد مرسي الذي انتخبه الشعب في انتخابات شهد العالم بنزاهتها، وكذلك حرق واستهداف المساجد بدعوى الحفاظ على الأمن وقتل الأبرياء في الشوارع وإعدام الناس وحرق جثامينهم دون أي اعتبار لإنسانيتهم وحقهم في التعبير عن رأيهم، ومثلما يجتمع قلة من الفاسدين فكريا على دعم الجريمة وتبنيها والدفاع عنها على الفضائيات فقد أدلى الكثير من علماء العالم الإسلامي بدلوهم في هذا المقال.

حيث قال الأمين عام لرابطة علماء المسلمين الشيخ ناصر العُمر على موقعه على توتير: "مع الحزن ومرارة ما حدث في مصر، فإن في ذلك من الدروس والعبر والبشائر ما لا يحصى، فأبشروا، فإني أرى الوعد الحق: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:227 ]". واستكمل العمر معزيا الشعب المصري: "عزاؤنا لأهلنا في مصر: {رَ‌بَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْ‌عَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَ‌بَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَ‌بَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88]". وقال: "أغرق الله فرعون فتوارث الأحفاد منهجه، فقتلوا المؤمنين سجدا، كما قتل فرعون السحرة ساجدين، وشعارهم شعار فرعون: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ} [طه: 71]".


أما الداعية المعروف محمد العريفي، فقال على صفحته على موقع فيسبوك: "يا من يؤيد قتل وتحريق أهلنا بـمصر أقسم بالله أني ناصح: تذكر وقوفك بين يدي الله خائفاً عارياً، ويسألك عما كتبت {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} [الزخرف: 19]". وتابع العريفي: "يا جماعة: إن مصر ليست كأي بلد، هي تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، يا أهلي ومشايخي: احقنوا الدماء، الأرواح، الأعراض... انشروا الهدوء والسَّكِينة. {احْشُرُ‌وا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} [الصافات: 22] قال ابن عباس: "يُحشر الظالمون مع شبهائهم ونظرائهم"؛ ومن عاون الظالم أو سكت عنه وهو قادر على منعه، فهو شريك له". وأضاف العريفي قائلا: "يا أهلنا بمصر، دماؤكم دماؤنا، لا يرضى قتلكم وحرقكم إلا عدو للإسلام والمسلمين، بل عدو للإنسان، اللهم تقبل الشهداء، واربط على قلوب أهليهم".

بدوره أكد الشيخ الموريتاني محمد الددو على صفحته على موقع تويتر أن الأمة في هذه الأيام تجدد تاريخها، وقال: "الوقوف مع الحق ونصرة المظلومين والدفاع عن الدين والمقدسات قضايا الأمة العادلة هي فرصة ليعبر فيها المؤمن عن ولائه لله ورسوله وللمؤمنين". وأضاف قائلا: "إن الأمة هذه الأيام تجدد تاريخها وتعيد جولة أخرى من أيامها؛ وتَصْدُق الله مرة أخرى؛ فتضحي بخيرة أبنائها، فهي أمة التضحيات". وعلى حد وصفه فإن: "إن ما يقع في مصر هو مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل في المعركة المستمرة إلى قيام الساعة وهذا الصراع هو إحدى سنن الله المنظمة لهذا الكون".


ومن وجهة نظر الشيخ عبد العزيز الطريفي بحسب ما نشره على صفحته على تويتر فإن ما يجري في مصر حرب على الإسلام، حيث قال: "ما يحدث في مصر حربٌ على الإسلام وإن سموها بغير اسمها، قال فرعون لقومه: {وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّ‌شَادِ} [غافر: 29] سمى ضلاله (رشاداً) وموسى وأتباعه (سحرة)". وأضاف أيضا: "لا يحارب الإصلاح إلا من لديه فسادٌ يخشى زواله".

أما الإعلامي والمفكر الكويتي محمد العوضي فغرد على تويتر قائلا: "بعد مجازر ليبيا سوريا مصر أسأل: ترى ما هي العقيدة القتالية لجيوشنا العربية ومن هو نموذج (العدو) الذي يزرع في وجدان القادة والجنود؟!". وتابع حديثه مضيفا: "في مصر 3 قوى عسكرية مسلحة (منظمة): الجيش، الداخلية، البلطجية، والأخيرة كبيرة العدد واسعة الانتشار الأشد شراسة و... الأرخص ثمناً!!".


ومن جانبه قال الشيخ نبيل العوضي موجها رسالته للشعب المصري: "يا أحرار مصر… {استَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِله يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ منْ عِبَادِهِ ۖ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]. وأضاف: "هم مع طواغيتهم دومَا... وإن قتلوا الأبرياء وإن سفكوا الدماء وإن دمروا المساجد وإن حرقوا المصاحف بل… وإن أظهروا الكفر وحاربوا الإسلام!!!". وكتب على صفحته على تويتر قائلا:"لا تستغرب مما يحدث… {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأعراف: 179]". وتابع أيضا :"اللهم انصر شعب سوريا وشعب مصر وكل شعب مستضعف على الطواغيت المجرمين اللهم إني كفرت بكل طاغوت وآمنت بك وحدك".

ولم يبتعد الشيخ سلمان العودة أيضا عن مواقفه الثابتة اتجاه قضايا الأمة الإسلامية فقد كتب على صفحته على التويتر قائلا: "ضحايا 11سبتمبر أقل عددا من ضحايا مصر هذه الأيام... آنذاك لم يبق ذو صوتٍ إلا استنكر وكنت ممن بادر بذلك... أين هذه الأصوات الآن؟!". وأكد أنه أرسل اعتذاره عن الكتابة في صحيفة الأهرام المصرية احتجاجا على ما يحدث. وقال أيضا: "آه... الآن فهمت! عليك أن تقول أن الاعتصام كان دموياً والفض كان سلمياً لكي تُقبل رسمياً!"، وأضاف أيضا: "هل نحسب الضحايا بالمعايير الشرعية الإنسانية فنتألم لكل روح تزهق.. أم نعود لمعايير التخلف ولا نبالي أكان الرقم 100 أو1000 أو 2000؟".


ومن الأردن كتب المحلل السياسي ياسر الزعاترة حول الأحداث في مصر قائلا: "روبرت فيسك يقول عن مذبحة ميدان رمسيس: "كانت وصمة عار، والفصل الأكثر إثارة للخجل في التاريخ المصري" وهل يخجل القتلة؟!". ويضيف قائلا: "يزين بعضهم حسابه بشعارات دينية، وتراه يبرر القتل والظلم. أي تناقض يحمل هذا في داخله، ومن أي فقه ينهل؟! لماذا يحمل نفسه وزر دماء بريئة؟!". ويتابع: "يبدو أن مشغلي محمود بدر (بتاع تمرد) في مباحث أمن الدولة لم يقولوا له إن أوباما مؤيد للانقلاب، إنه لن يوقف المساعدة".

وليس بعيداً عن الصراع بين الحق والباطل حيث سوريا تعيش مأساة مماثلة، فقد علق الإعلامي السوري فيصل القاسم قائلا: "لا يسعك إلا أن تموت من الضحك وأنت ترى القابعين في الحضن الصهيوني وهم يهاجمون المؤامرات الصهيونية، الصفقات المبرمة حول الملف المصري لا شك أنها تشمل الملف السوري، فوراء الأكمة ما وراءها". وأضاف أيضا: "نظرة العرب إلى العسكر تذكرني بمتلازمة ستوكهولهم التي تقدس فيها الضحية الجلاد، أليس كل مصائبنا من العسكر؟".


ومن قلب الحدث حيث يسقط المئات من الأبرياء شهداء دفاعا عن حقهم في الحياة، يقول الشيخ محمد يسري إبراهيم الأمين العام لهيئة الحقوق والإصلاح المصرية : "أيها العلماء والدعاة في مصر الأزهر، والسلفية في العالم بأسره: أن تصلوا متأخرين لنصرة المصريين خير من ألا تصلوا أبدا!". ويتساءل قائلا:"وهل يمكن بهذه الوحشية أن تقضي على معارضيك الذين هم اﻷغلبية في عدة استحقاقات انتخابية أنت أدرتها وأعلنت نتيجتها؟". ويتابع حديثه على حسابه على تويتر: "من لا دين له يستعين بأصحاب كل دين باطل على سفك الدم المسلم!". ويضيف يسري قائلا: "وثقة بالله وتوكلا عليه إن الذي يجري اﻵن لا بقاء ولا استقرار له! وكيف يكون وهو مخالف لكل شرع وعقل وقانون؟!".


8/20/2013 - إعداد مجلة البيان