الاعتذار من شيم الكبار

منذ 2013-10-26

الخطأ بالتأكيد هو سمةٌ من سمات البشر، وكل إنسان معرضُ للخطأ، وليس من العيبِ أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب والخطأ الأكبر هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ. الاعتذار بلا شك سلوك حضاري وفن ومهارة اجتماعية تزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع، كما أن ديننا الإسلامي الحنيف من أكثر الأديان حثا على التوبة والاعتذار بجميع مفرداتها ومشتقاتها.

 

(آسف جدًا)، (أعتذر منك) كلمتان من عدة كلمات يمكن أن ُتقال، ولكن سحر تلك الكلمات لا ُيضاهيها أي سحر في الاعتذار عن الخطأ.

الخطأ بالتأكيد هو سمةٌ من سمات البشر، وكل إنسان معرضُ للخطأ، وليس من العيبِ أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب والخطأ الأكبر هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ. الاعتذار بلا شك سلوك حضاري وفن ومهارة اجتماعية تزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع، كما أن ديننا الإسلامي الحنيف من أكثر الأديان حثا على التوبة والاعتذار بجميع مفرداتها ومشتقاتها.

ليس غريباً أن يُخطئ الإنسان في حق الآخرين، ولكن المشكلة تكمن في إصلاح ذلك الخطأ بالاعتذار؛ فنحن العرب نرى الاعتذار أنه خضوع وذل ومهانة، بل هو على العكس قوة وشجاعة ومراجعة للذات ونقدها.

في بعض المجتمعات الغربية خاصة يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ والاعتذار أيضًا، فمثلاً اليابان اعتذرت للدول التي احتلتها في جنوب شرق آسيا، واعتذرت كذلك عن ممارساتها الوحشية تجاه أسرى الحرب البريطانيين آنذاك، وفرنسا اعتذرت عن ماضيها الإجرامي في الجزائر وتقدمت باعتذار رسمي لدولة الجزائر، والولايات المتحدة تقدمت باعتذار رسمي لقارة أفريقيا عن ممارستها لعدة قرون من الزمن لتجارة العبيد، هذا اعتذار بين الدول فكيف يكون الاعتذار بين الأفراد.

نحن بحاجة كبيرة لنشر ثقافة الاعتذار في مجتمعنا، فحين نُربي أبناءنا ونُعودهم على كلمات ومفردات التواضع والاعتذار ومن ثم نعلمهم كيفية الاعتذار فهذا بلا شك يستوجب منا الإشادة بتصرف الطفل أمام الآخرين وتعزيز تلك الفضيلة فيه. وقبل ذلك يجب أن يغير الآباء والمعلمين والمسئولين من سلوكهم ويكتسبوا هذه الصفة كدليل على التحضر والرقي ويكونوا قدوة للأجيال الصاعدة.

وكما يقولون دائمًا أن الاعتذار من شيم الكبار.. فمثلاً الأنبياء كانوا يعتذرون عن أي خطأ يرتكبوه؛ موسى عليه السلام بعد أن وكز الرجل بعصاه فقتله: {وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ} [القصص: 15]، ثم قدم الاعتذار: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} [القصص: 16]. وآدم عليه السلام: اعترف بذنبه عندما أخطأ هو وزوجه وأكل من الشجرة المحرمة: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

نحن في أشدِ الحاجة لغرس وتعميق هذه الثقافة في مجتمعنا وفي بيوتنا إذا أردنا النهوض والتقدم والتطور والرفعة لديننا ولوطننا ولمجتمعنا.
 

 

علي حسن السعدني