الإنسانية المفقودة
قلوب لا تؤثر فيها أهات الثكالى ولا دموع اليتامى، ولا أنّات الأرامل ولا عذابات المظلومين المعتقلين، قلوب لا تنفطر على حال وطن سليب تُسرَق حريته وإرادته ومستقبل أبنائه ويتحكم فيه أعدائه، قلوب لا تهتز للقتل ولا للحرق ولا للاعتقالات ولا لإهدار حقوق الإنسان، قلوب تسكت على الظلم والطغيان تصمت على تلفيق الاتهامات للأبرياء، والأصل عندنا أن الإحساس بالآخر نعمة عظيمة يرفع صاحبه في أعلى درجات المؤمنين.
نحن أصحاب رسالة ودعوة ربانية لنرشد الخلق على الخالق ولتعبيد الناس لربّ الناس جل وعلا، ولتعلوا راية الإسلام ربوع الدنيا بكل جوانبه؛ الإسلام السياسي والدعوي والتربوي والسلوكي والأخلاقي والعبادي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والرياضي.
فلا نعادي أحد لمنصبٍ ولا كرسيٍ ولا لشيء من حطام الدنيا، وإنما لتكون كلمة الله هي العليا شاء من شاء وأبى من أبى، وليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار بعزِّ عزيزٍ أو بذل ذليل ولينصرن الله من ينصره. فلين قلوبنا ورقتها من ديننا ومنهجنا وعقيدتنا. وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من قسوة القلب فقال: « » (السلسلة الصحيحة).
وقال أيضاً صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن الذي لا يُقبِّل ولده ولا يرحمه: « » (صحيح البخاري).
فيا صاحب القلب الرقيق؛ أبشر بالأمن والإيمان، ورحمة الرحمن، والوعد بالجنان، وصحبة الحبيب العدنان، ولا تبخل بطلاقة وجهك، وابتسامتك الحانية، واللمسة الرقيقة الدالة على المحبة رغم الحزن والجرح والألم والقلوب المكلومة بجراحها، رغم الظلم والطغيان، رغم السجن والسجان، رغم الشهداء والمعتقلين والمصابين والمفقودين، رغم تآمر المتأمرين وخيانة الخائنين، رغم الانقلاب والانقلابين فقد كان صلى الله عليه وسلم بسّام المُحيا: « » (رواه البخاري).
وانظر إلى وصية الحبيب المصطفى لرقة القلب ولين الجانب؛ فيقول صلى الله عليه وسلم: « » (السلسلة الصحيحة).
فيا صاحب الإنسانية المفقودة صحّح وجهتك، وأصلح بوصلتك، وجدّد نيتك، وأعلم أنه لن يكون في كون الله إلا ما يريده الله، فيُمهلنا ويختبرنا ويقيم علينا الحجة ويُشهِد علينا جوارحنا، ليميز الخبيث من الطيب وأهل الحق من أهل الباطل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} [الصف من الآية:14].
ماهر إبراهيم جعوان
- التصنيف: