عِزَّة المسلم طريقنا إلى السعادة والرُّقي
نحن نعيش في حالة من التخلّف الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، وفي المقام الأول التخلُّف الديني بالبعد عن تعاليم الإسلام ومقاصد الشريعة، ولأن الأمم في كافة أرجاء الدنيا تبحث عن التقدم وتبغي لأبنائها الرُّقي والعيش في الرخاء والرفاهية فإن أعظم أمة حققت هذا وزيادة أمة الإسلام، ولكن المسلمون لَمّا ابتعدوا عن دينهم وصاروا يلهثون وراء غيرهم يبتغون العِزّة عندهم ويبغون منهم المعرفة وأضحوا يقلدونهم في كل شيء ويستوردون منهم أي شيء أفكاراً وسياسات.
فنحن نعيش في حالة من التخلّف الاقتصادي والثقافي والسياسي والاجتماعي، وفي المقام الأول التخلُّف الديني بالبعد عن تعاليم الإسلام ومقاصد الشريعة، ولأن الأمم في كافة أرجاء الدنيا تبحث عن التقدم وتبغي لأبنائها الرُّقي والعيش في الرخاء والرفاهية فإن أعظم أمة حققت هذا وزيادة أمة الإسلام، ولكن المسلمون لَمّا ابتعدوا عن دينهم وصاروا يلهثون وراء غيرهم يبتغون العِزّة عندهم ويبغون منهم المعرفة وأضحوا يقلدونهم في كل شيء ويستوردون منهم أي شيء أفكاراً وسياسات.
مناهج ونظريات صرنا إلى هذا التخلُّف، ولعل المائة عام الماضية تُعبِّر عن حالة التخلُّف والبُعد عن الدين واضحة المعالِم والتي أدّت بنا إلى السقوط في هاوية التبعية والإنهزامية، الممقوتتان.
وأتذكر هنا ما قاله شيخنا الفاضل محمد الغزالي رحمه الله: "لقد فكرت طويلاً في هذا المسخ الذي أصاب طوائف من أمتنا، فأصابها ما أصاب اليهود قديماً عندما جعلهم الله قردة وخنازير! إن هذا المسخ بدأ بين المثقفين الذين احتقروا لغتهم، وأهانوا تراثهم الأدبي، وشعروا ألا كيان لهم إلا إذا تحدثوا بلسانٍ أجنبي، وتعاملوا بتقاليد مستوردة...".
وفي كتابه الرائع "الإسلام" يوضح الدكتور "سعيد حوى" بأن طريق المسلم هو طريق الله الذي دلّ عليه كل نبي وكل رسول، ووضحّه كاملًا خاتَم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108].
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم دِينًا قِيَمًا مِلَّة إِبْرَاهِيم حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام:162].
ويذكر في موضع آخر: "وينتج عن هذا كله أن المسلم الحق إنساناً متميزاً تميزاً تاماً عن غيره في كل شيء؛ فهو متميزاً في عقائده وعبادته ومناهج حياته وفي هدفه النهائي وهدفه القريب"، ولعلنا إذا علمنا أن طريقنا واضح وأننا متميزون عن غيرنا، فهذا يجب أن يدفعنا إلى أن نعتزّ بديننا ونتمسك به، ونفخر بانتمائنا له، فكلما تمسك المسلم بدينه واعتز به كلما استطاع أن يحقق النصر لأمته، وأن يرفع رايتها عالية خفاقة.
أما إذا انهزم المسلم من داخله وأصابته الهزيمة النفسية فصار يبحث عن العِزّة عند غيره أو في أحوال غيره أو منهاج مخالفيه وأصبح يقلدهم تقليداً أعمى؛ فلا شك أن هذا يقود إلى الهزيمة لأمته ويصبح هذا الإنسان عنصراً سلبياً في مجتمعه عنصراً ضاراً لأن هذه الهزيمة ستنعكس ولا شك على أقواله وأفعاله ولربما تأثر به الكثير.
إن في ديننا وتاريخنا الكثير من المواقف التي تُعد نِبراساً يضيء الطريق لكل مسلم لا يعرف معنى العِزّة وكيف تكون؟
وكيف أنها تكون حتى في أشد لحظات الضعف والانكسار أو حتى الهزيمة كما هي في لحظات الانتصار والنجاح.
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "خرج وكان هو أمير المؤمنين بذلك الوقت وحيداً مع غلام له على بعير واحد. فكان يتناوب هو والغلام في الركوب عليه وعمر لو أراد لحمل إلى القدس في موكب مهيب تتصدّع له الأرض تحت أقدام الفرسان.
ولكنه أراد أن يُعطي لملوك الأرض درساً في التواضع والعِزّة بالله لا بغيره، ولما وصل عمر والغلام القدس كان دور الغلام ليركب البعير وأراد الغلام أن يُقدِّم أمير المؤمنين عليه ليراه الناس راكباً ولكنه أبى ذلك ودخل القدس ماشياً والغلام راكب ولما رآه المسلمون كبّروا وهلّلوا وسُمِّيَ الجبل الذي كَبّر عنده عمر بن الخطاب "جبل المُكبِّر" فيما بعد.
واقترب أمير المؤمنين من الجيش فإذا عليه ثياب متواضعة مشققة الجوانب، وجعل النصارى ينظرون من أسوار القدس إلى هذا المنظر العجيب ولسان حالهم يقول: "أهذا أمير كل هذه الجيوش الجرارة؟!".
ثم إن الأمير وصل إلى مخاضه في أرض مليئة بالطين، وحاول الغلام مرة أخرى أن يجعل أميره يركب البعير خوفاً من أن يُصيب الطين والبلل ثيابه فقال له عمر: اركب.
فركب الغلام وأخذ عمر بزمام البعير يجرُّه في المخاضة ونزع نعليه فاحتملهما، وشدّ البعير والناس تنظر متعجبة إلى هذا المنظر، لم يحتمل أبو عبيدة رضي الله عنه هذا المنظر فاستعجل إلى أمير المؤمنين.
وقال: يا أمير المؤمنين قد صنعت اليوم صنعاً عظيماً عند أهل الأرض، فهل لك أن... فضربه عمر في صدره مؤنِّباً، وقال: "أما لو قالها غيرك يا أبا عبيدة لقد كُنَّا قوماً أذلاء فأعزَّنا الله بالإسلام وكُنَّا ضعافاً فقوانا الله".
وكان سيدنا سعد بن عبادة من نِتاج تربية النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد ربّاه النبي على العِزّة وعدم إعطاء الدنية مهما كان الخطب، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن الأحزاب قد تكالبوا على المسلمين في غزوة الخندق أراد أن يُوهِن صفوف المشركين وذلك بمصالحة غطفان على ثلث ثمار المدينة، فأرسل وفداً إلى غطفان يدعوهم إلى ترك مواقعهم والسفر إلى بلادهم وتكون لهم ثلث ثمار المدينة، فوافقوا وكتبت بذلك الكتابة وبقى التوقيع على ذلك.
فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سيدي الأنصار "سعد بن عبادة وسعد بن معاذ" يستشيرهما في ذلك بصفتهما سادة سكان المدينة وأهل الزروع فيها، فقالا له: يا رسول الله أمراً تحبه فنصنعه، أم شيئاً أمرك الله به لابد لنا من العمل به، أم شيء تصنعه لنا؟
قال: « ».
فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كُنَّا وهؤلاء القوم على شرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرِفه، وهم لا يطعمون أن يأكلون منها ثمرة إلا قرى، أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزَّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السيرة النبوية لابن هشام). »، فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب، ثم قال ليجهدوا علينا" (
- التصنيف:
- المصدر: