جواهر مختارة من كتاب أدب الدنيا والدين
هذه بعضُ مقتطفات من أمثالِ الحكماء، وآداب البلغاء، وأقوال الشعراء، وآثار الأولياء، اقتطفتها من كتاب الحافظ الماوردي رحمه الله (المتوفى سنة: 450هـ) المُسمّى بـ (أدب الدنيا والدين)
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد، أفضل المخلوقين، وعلى آله وأصحابه أنصار دينه الأولين، وعلى أتباعهم في مسالكهم إلى يوم الدين.
ثُمَّ أمَّا بعدُ:
فهذه بعضُ مقتطفات من أمثالِ الحكماء، وآداب البلغاء، وأقوال الشعراء، وآثار الأولياء، اقتطفتها من كتاب الحافظ الماوردي رحمه الله (المتوفى سنة: 450هـ) المُسمّى بـ "أدب الدنيا والدين"، وهو كتابٌ قيمٌ، نفيسٌ، عظيمُ النفع، فريدٌ في بابه، له في القلوب أجمل تأثير، ولقد أفاض المؤلف رحمه الله في الحض على تهذيب الأخلاق، والحث على تطهير النفوس والألباب، وتحليتها بالفضائل والآداب، والرُّقي بها إلى معالي الأخلاق والقيم، وفضائل المُثل والشِّيَم.
وقد قسّم المؤلف رحمه الله كتابه إلى خمسة أبواب:
الأول: فضل العقل وذم الهوى.
والثاني: أدب العلم.
والثالث: أدب الدين.
والرابع: أدب الدنيا.
والخامس: أدب النفس.
وهذه الأبواب الخمسة من صميم الأخلاق الدينية الإسلامية، القائمة على الكتاب والسنة.
ولقد حذفت أحاديث الكتاب المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لحاجتها إلى صيانة وتنقيح وتخريج، واكتفيت بالآثار المرفوعة والمقطوعة، إلى جانب أقوال الأدباء والحكماء.
وها أنذا أضعها بين أيديكم؛ راجياً من الله جل وعلا عظيم النفع والفائدة للجميع، وأن يجعلها في ميزان حسنات جامعها وقارئها.
إنه جل وعلا جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدين.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن القلوب تمَلُّ كما تملُّ الأبدان فاهدوا إليها" (طرائف الحكمة؛ ص:13).
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أصل الرجل عقله، وحسبه دينه، ومروءته خلقه" (ص:17).
قال بعض الحكماء: "العقل أفضل مرجو، والجهل أنكى عدو" (ص:17).
قال بعض الأدباء: "صديق كل امرئ عقله وعدوه جهله" (ص:17).
قال إبراهيم بن حسان:
يزين الفتى في الناس صحة عقله *** وإن كان محظوراً عليه مكاسبه
يشين الفتى في الناس قلة عقله *** وإن كرمت أعراقه ومناسبه
يعيش الفتى بالعقل في الناس إنه *** على العقل يجري علمه وتجاربه
وأفضل قسم الله للمرء عقله *** فليس من الأشياء شيء يقاربه
إذا أكمل الرحمن للمرء عقله *** فقد كملت أخلاقه ومآربه
(ص:17).
قال صالح بن عبد القدوس:
إذا تمَّ عقل المرء تمّت أموره *** وتمّت أمانيه وتمَّ بناؤه
(ص:18).
قال عامر بن قيس: "إذا عَقَلَكَ عقلُك عما لا ينبغي فأنت عاقل" (ص:19).
قيل: "عليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن فقدوا ذكاء الطبع فقد مرّت على عيونهم وجوه العِبر، وتصدّت لأسماعهم آثار الغير" (ص:20).
قال بعض الحكماء: "كفى بالتجارب تأدباً، وبتقلب الأيام عظة" (ص:20).
قال بعض الشعراء:
ألم تر أن العقل زين لأهله *** ولكن تمام العقل طول التجارب
(ص:20).
قال الأصمعي رحمه الله: "قلت لغلام حدث من أولاد العرب كان يحادثني فأمتعني بفصاحة وملاحة: أيسرّك أن يكون لك مائة ألف درهم، وأنت أحمق؟ قال: لا والله. قال: فقلت: ولمَ؟ قال: أخاف أن يجني عليَّ حمقي جناية تذهب بمالي ويبقى عليَّ حمقي" (ص:21).
حكى ابن قتيبة: "أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرّ بصبيان يلعبون وفيهم عبد الله بن الزبير فهربوا منه إلا عبد الله، فقال له عمر رضي الله عنه: ما لك؟ لم لا تهرب مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم أكن على ريبة فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقاً فأُوسِع لك" (ص:21).
قيل لعلي رضي الله عنه: كيف يحاسب الله العباد على كثرة عددهم؟ قال: "كما يرزقهم على كثرة عددهم" (ص:23).
قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: كم بين السماء والأرض؟ قال: "دعوة مستجابة" (ص:23).
قال بعض الحكماء: "كفاك من عقلك ما دلَّك على سبيل رشدك" (ص:25).
قال بعض البلغاء: "قليل يكفي خير من كثير يطغي" (ص:25).
قيل في منثور الحكم: "كل شيء إذا كثر رخص إلا العقل فإنه إذا كثر غلا" (ص:25).
أنشد بعض أهل الأدب هذه الأبيات، وذكر أنها لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:
إن المكارم أخلاق مطهرة *** فالعقل أولها والدين ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها *** والجود خامسها والعُرف ساديها
والبِرّ سابعها والصبر ثامنها *** والشكر تاسعها واللين عاشيها
والنفس تعلم أني لا أُصدِّقها *** ولست أرشد إلا حين أعصيها
والعين تعلم في عيني محدِّثها *** من كان من حزبها أو من أعاديها
عيناك قد دلّتا عيني منك على *** أشياء لولاهما ما كنت تبديها
(ص:26).
قال بعض الحكماء: "الحاجة إلى العقل أقبح من الحاجة إلى المال" (ص:26).
قال أنوشروان لبزرجمهر: "أي الأشياء خير للمرء؟ قال: عقل يعيش به. قال: فإن لم يكن؟ قال: فإخوان يسترون عيبه. قال: فإن لم يكن؟ قال: فمال يتحبب به إلى الناس. قال: فإن لم يكن؟ قال: فعي صامت. قال: فإن لم يكن؟ قال: فموت جارف" (ص:26).
"كانت ملوك الفرس إذا غضبت على عاقل حبسته مع جاهل" (ص:27).
قال الشاعر:
لكل داءٍ دواءً يُستطب به *** إلا الحماقة أعيت من يداويها
(ص:28).
قال الماوردي: "أما الهوى فهو عن الخير صاد، وللعقل مضاد؛ لأنه ينتج من الأخلاق قبائحها، ويظهر من الأفعال فضائحها، ويجعل ستر المروءة مهتوكاً، ومدخل الشرّ مسلوكاً"(ص:29).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "أخاف عليكم اثنين: اتباع الهوى وطول الأمل. فإن اتباع الهوى يصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة" (ص:29).
قال الشعبي: "إنما سُمِّيَ الهوى هوى؛ لأنه يهوي بصاحبه" (ص:29).
قال أعرابي:
الهوى هوان ولكن غلط باسمه، فأخذه الشاعر، وقال:
إن الهوان هو الهوى قلب اسمه *** فإذا هويت فقد لقيت هوانا
(ص:29).
قيل في منثور الحكم: "من أطاع هواه، أعطى عدوّه مناه" (ص:29).
قال بعض الحكماء: "العقل صديق مقطوع، والهوى عدو متبوع" (ص:29).
قال هشام بن عبد الملك بن مروان:
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى *** إلى كل ما فيه عليك مقال
(ص:30).
قال بعض الحكماء: "الهوى ملك غشوم، ومتسلِّط ظلوم". وقال بعض الأدباء: "الهوى عسوف، والعدل مألوف" (ص:30).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إياكم وتحكيم الشهوات على أنفسكم فإن عاجلها ذميم، وآجلها وخيم، فإن لم ترها تنقاد بالتحذير والإرهاب، فسوفها بالتأميل والإرغاب، فإن الرغبة والرهبة إذا اجتمعا على النفس ذلَّت لهما وانقادت" (ص:31).
قال ابن السماك: "كن لهواك مسوفاً، ولعقلك مسعفاً، وانظر إلى ما تسوء عاقبته فوطِّن نفسك على مجانبته فإن ترك النفس وما تهوى داؤها، وترك ما تهوى دواؤها، فاصبر على الدواء، كما تخاف من الداء" (ص:31).
قال الشاعر:
صبرت على الأيام حتى تولَّت *** وألزمْت نفسي صبرها فاستمرّت
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن طمعت تاقت وإلا تسلّت
(ص:31).
قال بعض الأدباء: "من أمات شهوته، فقد أحيا مروءته" (ص:31).
قال بعض العلماء: "ركّب الله الملائكة من عقل بلا شهوة، وركّب البهائم من شهوة بلا عقل، وركّب ابن آدم من كليهما؛ فمن غلب عقله على شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته على عقله فهو شرّ من البهائم" (ص:31).
قال عبيد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه:
ولست براء عيب ذي الود كله *** ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا
فعين الرضى عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
(ص:32).
قيل في المثل: "العقل وزير ناصح، والهوى وكيل فاضح" (ص:32).
قال الشاعر:
إذا المرء أعطى نفسه كلما *** اشتهت ولم ينهها تاقت إلى كل باطل
وساقت إليه الإثم والعار بالذي *** دعته إليه من حلاوة عاجل
(ص:32).
قال بعض الحكماء: "نظر الجاهل بعينه وناظره، ونظر العاقل بقلبه وخاطره" (ص:32).
قال العباس بن عبد المطلب: "إذا اشتبه عليك أمران فدع أحبهما إليك، وخذ أثقلهما عليك. وعلة هذا القول هو أن الثقيل يبطئ النفس عن التسرُّع إليه فيتضح مع الإبطاء وتطاول الزمان صواب ما استعجم، وظهور ما استبهم" (ص:33).
قال بعض الحكماء: "ما كان عنك معرِضاً، فلا تكن به متعرِّضاً" (ص:33).
وصف بعض البلغاء حال الهوى وما يقارنه من محن الدنيا، فقال: "الهوى مطية الفتنة، والدنيا دار المحنة، فانزل عن الهوى تسلم، وأعرِض عن الدنيا تغنم، ولا يغرنك هواك بطيب الملاهي ولا تفتنك دنياك بحسن العواري. فمدة اللهو تنقطع وعارية الدهر ترتجع، ويبقى عليك ما ترتكبه من المحارم، وتكتسبه من المآثم" (ص:33).
وقال آخر:
يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلّا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تعذر إن وعظت ويقتدى *** بالقول منك ويقبل التعليم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله *** عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
(ص:34).
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الناس أبناء ما يحسنون" (ص:36).
قال مصعب بن الزبير: "تعلم العلم فإن يكن لك مال كان لك جمالاً، وإن لم يكن لك مال كان لك مالاً" (ص:36).
قال عبد الملك بن مروان لبنيه: "يا بني تعلموا العلم فإن كنتم سادة فُقتم، وإن كنتم وسَطاً سُدتم، وإن كنتم سوقة عشتم" (ص:36).
قال بعض الحكماء: "العلم شرف لا قدر له، والأدب مال لا خوف عليه" (ص:36).
قال بعض الأدباء: "العلم أفضل خَلَف، والعملُ به أكملُ شرف" (ص:36).
قال بعض البلغاء: "تعلم العلم فإنه يقومك ويسددك صغيراً، ويقدمك ويسودك كبيراً، ويصلح زيفك وفاسدك، ويرغم عدوك وحاسدك، ويقوم عوجك وميلك، ويصحح همتك، وأملك" (ص:36).
قال ابن المعتز في منثور الحكم: "العالِم يعرف الجاهل؛ لأنه كان جاهلاً، والجاهل لا يعرف العالِم؛ لأنه لم يكن عالِماً" (ص:37).
أنشد ابن لنكك لأبي بكر بن دريد:
جهلت فعاديت العلوم وأهلها *** كذاك يعادي العلم من هو جاهله
ومن كان يهوى أن يرى متصدِراً *** ويكره لا أدري أُصيبت مقاتله
(ص:37).
قيل لبزر جمهر: "العلم أفضل أم المال؟ فقال: بل العلم. قيل: فما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياء ولا نكاد نرى الأغنياء على أبواب العلماء؟ فقال: ذلك لمعرفة العلماء بمنفعة المال وجهل الأغنياء لفضل العلم" (ص:37).
قيل لبعض الحكماء: "لم لا يجتمع العلم والمال؟ فقال: لعز الكمال" (ص:37).
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله *** فأجسامهم قبل القبور قبور
وإن امرأ لم يحي بالعلم ميت *** فليس له حتى النشور نشور
(ص:37)
وقف بعض المتعلمين بباب عالِم ثم نادى: "تصدَّقوا علينا بما لا يتعب ضرساً، ولا يسقم نفساً. فأخرج له طعاماً ونفقة. فقال: فاقتي إلى كلامكم، أشد من فاقتي إلى طعامكم، إني طالب هدىً لا سائل ندى. فأذن له العالِم، وأفاده من كل ما سأل عنه فخرج جذلاً فرحاً، وهو يقول: علمٌ أوضحَ لبساً، خير من مال أغنى نفساً" (ص:37).
قال بعض العلماء: "لو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته كنا قد بدأنا العلم بالنقيصة، ولكنا نطلبه لننقص في كل يوم من الجهل ونزداد في كل يوم من العلم" (ص:38).
قال بعض العلماء: "المتعمِّق في العلم كالسابح في البحر ليس يرى أرضاً، ولا يعرِف طولاً ولا عَرضاً" (ص:38).
قال الرشيد عن المهدي بيتين وقال أظنهما له:
يا نفس خوضي بحار العلم أو غوصي *** فالناس ما بين معموم ومخصوص
لا شيء في هذه الدنيا نحيط به *** إلا إحاطة منقوص بمنقوص
(ص:38).
قد يتعلق بالدين علوم قد بين الشافعي فضيلة كل واحد منها، فقال: "من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن تعلم الفقه نُبل مقداره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن تعلم العربية رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه عمله" (ص:38).
قيل في منثور الحكم: "إن زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير" (ص:40).
أنشد عن الربيع للشافعي رضي الله عنه:
ومنزلة السفيه من الفقيه *** كمنزلة الفقيه من السفيه
فهذا زاهد في قرب هذا *** وهذا فيه أزهد منه فيه
إذا غلب الشقاء على سفيه *** تقطع في مخالفة الفقيه
(ص:40).
قال يحيى بن خالد لابنه: "عليك بكل نوع من العلم فخذ منه، فإن المرء عدو ما جهل، وأنا أكره أن تكون عدو شيء من العلم"، وأنشد:
تفنن وخذ من كل علم فإنما *** يفوق امرؤ في كل فن له علم
فأنت عدو للذي أنت جاهل *** به ولعلم أنت تتقنه سلم
(ص:41).
قال بعض الأدباء: "كل عز لا يوطده علم مذلة، وكل علم لا يؤيده عقل مضلة" (ص:41).
قال بعض علماء السلف: "إذا أراد الله بالناس خيراً جعل العلم في ملوكهم، والملك في علمائهم" (ص:41).
قد بيّن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "فضل ما بين العلم والمال، فقال: العلم خير من المال. العلم يحرسك، وأنت تحرس المال. العلم حاكم والمال محكوم عليه" (ص:42).
قيل في منثور الحكم: "جهل الصغير معذور، وعلمه محقور، فأمّا الكبير فالجهل به أقبح، ونقصه عليه أفضح؛ لأن علو السن إذا لم يكسبه فضلاً ولم يفده عِلمَاً وكانت أيامه في الجهل ماضية، ومن الفضل خالية، كان الصغير أفضل منه؛ لأن الرجاء له أكثر، والأمل فيه أظهر، وحسبك نقصاً في رجل يكون الصغير المساوي له في الجهل أفضل منه" (ص:43).
قال بعض الحكماء: "من صاحب العلماء وُقِّر، ومن جالس السفهاء حقر" (ص:43).
قيل لبزرجمهر: "ما لكم لا تعاتبون الجهال؟ فقال: إنا لا نكلف العمي أن يُبصِروا، ولا الصم أن يسمعوا" (ص:45).
قال بعض البلغاء: "أخبث الناس المساوي بين المحاسن والمساوئ؛ وعلة هذا أنهم ربما رأوا عاقلاً غير محظوظ، وعالِماً غير مرزوق، فظنوا أن العلم والعقل هما السبب في قلة حظه ورزقه" (ص:45).
قالت الحكماء: "لو جرت الأقسام على قدر العقول لم تعش البهائم. فنظمه أبو تمام"، فقال:
ينال الفتى من عيشه وهو جاهل *** ويكدي الفتى من دهره وهو عالِم
ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا *** هلكن إذن من جهلهن البهائم
(ص:45).
"العلم والعقل سعادة وإقبال، وإن قل معهما المال، وضاقت معهما الحال. والجهل والحمق حرمان وإدبار وإن كثر معهما المال، واتسعت فيهما الحال" (ص:46).
قيل في منثور الحكم: "كم من ذليل أعزَّه عِلمَه، ومن عزيز أذلَّه جهله" (ص:46).
قال بعض الأدباء: "من لم يفد بالعلم مالاً كسب به جمالاً، وأنشد بعض أهل الأدب لابن طباطبا":
حسود مريض القلب يخفي أنينه *** ويضحى كئيب البال عندي حزينه
يلوم علي أن رحت للعلم طالبا *** أجمع من عند الرواة فنونه
فأعرف أبكار الكلام وعونه *** وأحفظ مما أستفيد عيونه
ويزعم أن العلم لا يكسب الغنى *** ويحسن بالجهل الذميم ظنونه
فيا لائمي دعني أغالي بقيمتي *** فقيمة كل الناس ما يحسنونه
(ص:46).
جهاد حلس
- التصنيف:
- المصدر: