احذروا مدارس النصارى

منذ 2013-11-22


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه، وبعد:

فرغم مُضِيّ أكثر من ربع قرن على يوم دخولي المدرسة الابتدائية، إلا أنني لا زلت أذكر هذه اللحظة بوضوح شديد، وكأنها حدثت البارحة فحسب.

لقد كانت المرة الأولى التي أرى فيها فصلاً دراسيًّا، إلا أن المدرسة بفصولها وأولادها لم تَلفِت انتباهي، ولم تُثِر اهتمامي، وإنما كان اللافت لي هو هذه المعلمة "المحجَّبة"، الحنون التي أحببتها جدًّا، ولا أزال.

لا زلت أذكرها قريبةً مني، تعلّمني كيف أستعمل القلم الرصاص في كتابة الكلمات قبل أن أتمكن -بعدُ- من كتابة الجمل.

ولا زلت أذكر صورتها تسوِّي لي ثيابي بعد فاصل طويل من اللعب والمرح، وتعلّمني ألا أبادر بأكل شطائري "السندوتش" من أسفل؛ طلبًا للإدام "الغموس" قبل الخبز!

اللهم احفظها حيةً، وارحمها ميتةً، وبارك لها في أهلها وذريتها، آمين!

لا زلت أذكرها وغيرها من المدرسين الأفاضل الذين كانوا يحرصون على اصطحابنا -في وقت "الفسحة"- إلى المسجد؛ حيث نتعلم الوضوء والصلاة، ونتعلم أن الولد الصالح هو ذلك الذي يحافظ على الصلاة متى نودي بها.

أكاد أجزم أن هذه المرحلة كانت -بعد توفيق الله عز وجل- سببًا في صمود فطرتي بعد ذلك أمام عواصف المسخ، ومحاولات التشويه التي تعرّضت لها عبر مشاهد الأفلام والمسلسلات والأغاني، ورفاق السوء، وعبر المحاولات المستميتة لاستغلال فترة المراهقة والشباب، في تنكيس هذه الفطرة، وإبعادها عن طريق الإسلام العظيم، وإذكاء نار الشبهات والشهوات فيها، وإلهائها عن الغاية التي خلقت لها؛ فكل هذا لم يغيِّر من هذه الفطرة شيئًا يذكر، والفضل لله عز وجل أولاً وآخرًا، ثم لمعلمتي الحنون وإخوانها الأفاضل!

لم تنتهِ قصتي مع معلمتي بعدُ؛ كما لا ينتهي عجبي من بعض المسلمين الذين يدفعون أبناءهم في عمر الزهور إلى مدارس النصارى، يعلِّمونهم أمر دينهم ودنياهم؛ بحجة أن هذه المدارس أجود تعليمًا، أو أرقى مستوى، أو أحسن تأديبًا، أو غير ذلك!

يلتحق الطفل -غضًّا طريًّا ذا فطرة نقيّة- بهذه المدارس، فيطالع فيها -أول ما يطالع- صورة الربّ المزعوم "يسوع"، وصورة "الصليب المبارك" الذي صُلِب عليه الربّ كما يزعمون، وصورة "مارية" أم هذا الربّ؛ {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف:5].

ويرى الطفل في معلماته "الكافرات"، وفي مديرة المدرسة "القدِّيسة"، معاني الحب، والرحمة، والشفقة، التي يتعمدون إبداءها في أسمى معانيها، وربما زاد الأمر على ذلك بعض القصص المشوقة عن "قصة الربّ يسوع، وكيف جاء إلى الحياة بعد أن أعجب الأب بحَمار خدود الأم مارية، فتزوَّجها، وأنجبا هذا الابن الإله"، -تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا-.

وهذه القصة ليست من نسج خيالي، كما قد يظن البعض؛ وإنما هي قصة ألقيت -بالفعل- على أسماع بعض أبناء المسلمين في إحدى هذه المدراس الدنسة!

فأجبني، بالله عليك: أيُّ معاني الولاء والبراء، والحب في الله والبغض فيه، يبقى بعد ذلك في نفس هذا الطفل المجني عليه؟!

وأي قدرة على التمييز بين الحق والباطل، والهدى والضلال، تبقى بعد ذلك في نفس هذا المظلوم الصغير المجني عليه؟!

وهل يسهل بعد ذلك على هذا الطفل أن يعتقد أن معلمته هذه، إنما هي حطبٌ من حطب جهنم، إن ماتت على عقيدة التثليث؟!

وهل يسهل عليه بعد ذلك أن يدعوَها وأمثالها إلى الإسلام؛ لينقذها من النار؟!

وهل يسهل عليه بعد ذلك أن يَعِي معنى قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة من الآية:28]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمدٍ بيده، لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلت به، إلا كان من أصحاب النار» (رواه مسلم).

وهل يُؤتَمن هؤلاءِ على دين أبنائنا، وعلى تعليمهم "عقيدة التوحيد"، والصلاة، وتلاوة القرآن؟!

فأي ذنب عظيم، وإثم كبير، وخطيئة عظمى، وجريمة كبرى؛ تلك التي يجنيها الوالد على ولده، بإلحاقه بإحدى هذه المدارس التنصيرية؟!

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: «ما من مولود إلا يُولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه» (متفق عليه).

نصر بن إبراهيم بركات