تنديد وإنكار

منذ 2006-12-18

لما رأى أقوام يحملون قلوب الذئاب تحت مسوح الشياة الرد على شتم الرسول صلى الله عليه وسلم هزيلا لا يكاد ينكي بل يبكي استأسدوا وتطاولوا على أعظم من يحب وأجل من يعرف، تطاولوا على رب العالمين جل في علاه، وياليتها كانت من الصليبيين .........

أقدمت مجلة معروفة بعدائها للتدين في بلدنا -المغرب-؛ على جريمة كبرى في حق الأمة الإسلامية تمثلت في المس بعقيدتها ومقدساتها أعظم المس وأكبره؛ عبر نشر كلام زعمت المجلة أنه من (الطرائف) التي يتندر بها المغاربة!!

وفيه سخرية بأركان الإيمان؛ الإيمان بالله ورسوله وملائكته واليوم الآخر والجنة والنار.

ونسب في هذا الكلام لله الجهل والعبث والتشديد على عباده؛ تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.

ونسبوا للرسول صلى الله عليه وسلم وللملائكة مثل ذلك.

وسخروا من الملائكة بكونها تأخذ الرشوة.

وجعلوا ذَكَرَ الرجل كناية على عمود التقوى في كلام ساقط فاحش بذيء.

ونظرا لما في هذا الفعل من المنكر العظيم، والجريمة الكبيرة نُصدر البيان التالي؛ قياما بما أمكننا من واجب النهي عن المنكر؛ بل أنكَرِ المنكر، ومعذرة إلى الله ورسوله فنقول:

أولا: الاستهزاء بالله ورسوله ودينه كفر بالإجماع:

قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (التوبة 66)

قال العلامة القرطبي: "هذه الآية نزلت في غزوة تبوك؛ قال الطبري وغيره عن قتادة: "بيْنا النبي صلى الله عليه وسلم يسير في غزوة تبوك، وركب من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا: انظروا؛ هذا يفتح قصور الشام ويأخذ حصون بني الأصفر! فأطلعه الله سبحانه على ما في قلوبهم وما يتحدثون به فقال: احبسوا علي الركب -ثم أتاهم فقال- قلتم كذا وكذا فحلفوا: ما كنا إلا نخوض ونلعب"؛ يريدون كنا غير مجدين".

قال القاضي أبو بكر بن العربي: "لا يخلو أن يكون ما قالوه من ذلك جدا أو هزلا؛ وهو كيفما كان كفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة فإن التحقيق أخو العلم والحق والهزل أخو الباطل والجهل" قال علماؤنا: انظر إلى قوله: {أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} [البقرة: 67]. [تفسير القرطبي جزء 8 / صفحة 181]

وقوله: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أي: بهذا المقال الذي استهزأتم به" [تفسير ابن كثير (ج 4 / ص 172)].

قال ابن تيمية: "فهؤلاء لما تنقصوا النبي صلى الله عليه و سلم حيث عابوه و العلماء من أصحابه و استهانوا بخبره أخبر الله أنهم كفروا بذلك و إن قالوه استهزاء فكيف بما هو أغلظ من ذلك". [الصارم المسلول جزء 1 / صفحة 37 ]

قال ابن القاسم عن مالك:" من سب النبي صلى الله عليه و سلم قتل و لم يستتاب".

قال ابن القاسم:" أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق و قد فرض الله توقيره".

و كذلك قال مالك في رواية المدنيين عنه: "من سب رسول الله صلى الله عليه و سلم أو شتمه أو عابه أو تنقصه قتل مسلما كان أو كافرا و لا يستتاب".

ثانيا: لا يجوز نقله دون إنكاره ومن فعل لحقه الوعيد، لأن فعله هو أعلى أنواع الإقرار.

ثالثا: نسبة هذا الكفر للمغاربة جريمة وتهمة خطيرة متضمنة لتكفيرهم، وإخراجهم من الملة:

عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا". صحيح مسلم - (ج 1 / ص 194).

وإذا كان هذا يقع من بعض السفهاء الذين لا يقدرون ربهم حق قدره، فلا يصح أن ينسب إلى الشعب المغربي المسلم؛ الذي عبر في مناسبات عديدة عن رفضه لما هو دون هذا في المس بدينه.

رابعا: إن هذا الفعل اللامسؤول يعد من أكبر أسباب تشجيع الإرهاب والسلوكيات المخلة بأمن بلدنا وغيره، ويعد الأخذ على أيدي هؤلاء السفهاء من أهم أسباب منع انتشار الإرهاب، وتجفيف منابعه.

خامسا: إن معاقبة من يتعمد هذا الأمر واجب شرعي، وهو مختص بولي الأمر أو من ينيب عنه؛ وإذا كان القانون الوضعي ينص على ما يلي: "يعاقب بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاث و خمس سنوات و بغرامة يتراوح قدرها بين 10.000 و100.000 درهم كل من نشر في إحدى الجرائد أو النشرات ما فيه مس بالدين الإسلامي".

فإنني أقول: هذا لا يكفي لردع هذا العدوان الكبير والتهكم الخطير بدين الأمة؛ والسخرية بأقدس مقدساتها؛ بل الواجب تطبيق الحكم الشرعي الذي دل عليه القرآن العظيم، والسنة المشرفة، وبينه العلماء وعلى رأسهم المالكية.

وختاما أقول:

قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}(إبراهيم).

 قال الإمام ابن كثير: "يقول تعالى شأنه {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ} يا محمد {غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} أي: لا تحسبه إذ أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم، لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عدا، أي: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ} أي:من شدة الأهوال يوم القيامة.

ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم ومجيئهم إلى قيام المحشر فقال: {مُهْطِعِينَ} أي: مسرعين ..

وقوله: {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} قال ابن عباس، ومجاهد وغير واحد: رافعي رءوسهم.

{لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي: بل أبصارهم طائرة شاخصة، يديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم، عياذًا بالله العظيم من ذلك.

ولهذا قال: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} أي: وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الوجل والخوف. ولهذا قال قتادة وجماعة: إن أمكنة أفئدتهم خالية لأن القلوب لدى الحناجر قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف".

 

المصدر: حماد أبو عبد الله