نصيحتي لطالب العلم المبرز

منذ 2014-01-12

إلى طالب العلم الذي أتقن كثيرا من المسائل واستظهر الأدلة ولازم أهل العلم وبرز على الأقران وظهر فضله للعيان وأوشك أن ينضج علمه ويقطف ثمرة العلم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
إلى طالب العلم الذي أتقن كثيرا من المسائل واستظهر الأدلة ولازم أهل العلم وبرز على الأقران وظهر فضله للعيان وأوشك أن ينضج علمه ويقطف ثمرة العلم.
إليك أتوجه بهذه النصائح والوصايا من القلب عل أن تجد منك قلبا زكيا وأذنا صاغية وتنتفع بها فأقول:
 
1- بداية ما شاء الله تبارك الله على ما آتاك الله من فضله فاشكر الله على هذه النعمة ولا تكفرها واسأل الله أن يجعل مانلته معينا لك على الخير ونشر العلم وتبصير الأمة.
 
2- عليك بالإخلاص واجتهد في تحقيق النصيحة.
 
3- اجعل نصب عينك الجنة ورضا الله وحده دون ما سواه.
 
4- اجعل غرضك من العلم رفع الجهل عن نفسك وعن الأمة ولا يكن غرضك الانتصار لمذهب أو طريقة أو شيخ متعصبا له ولو في سبيل الباطل فإن فعلت بطل سعيك وكان العلم? قمة عليك.
 
5- لا تنظر أبدا للصيت والمنصب ولا تغتر ببريق الشهرة فكم أهلكت عالما وأفسدت ناسكا.
 
6- لا تكترث أبدا بمدحك ولا ذمك من الخلق وعليك بتحقيق الزهد في باب المدح والثناء.
 
7- تعامل مع الله بصدق وعزيمة وهمة وأبشر بكل خير فإن الصدق يبارك العلم ويثبته.
 
8- ليكن لك سمت أهل العلم من الوقار والخشية والورع يميزك عن غيرك وتحل بالفضائل والأخلاق الحسنة.
 
9- إياك والعجب بحفظك واستحضارك للأدلة فيحملك ذلك على الترفع على من سبقك في العلم فكم من شاب هلك وفشل علمه وذهبت بركته لما وقع ذلك في قلبه. وتذكر أن لهم فضلا وجميلا في عنقك فلا تنس فضلهم ولا تجحد معروفهم.
 
10- داوم على مذاكرة العلم والمسائل وسؤال العلماء فإن العلم ذكر لا يثبت إلا بترداده وربما سمعت فائدة ونكتة قد خفيت عليك. وأعظم ما يعين على ذلك صاحب ذو همة تذاكره وتختلف عليه.
 
11- احرص على العمل بعلمك ومطابقة أفعالك أقوالك حسب الطاقة وإن بدر منك تقصير فبادر بالتوبة والإنابة ولا تجاهر بالمعاصي وابك على خطيئتك وداوم على الفرائض والنوافل وكن متبعا للشرع في الظاهر والباطن.
 
12- إلزم جادة العلماء في مسائل العلم والفتوى ولا تغرب وتذهب إلى شذوذات المسائل وتفتي بالغرائب لتعرف بين الناس وتثير الجدل حولك فإن من ابتلي بذلك ذهبت مروءته وفسد دينه وتركه الناس ولم يركنوا لرأيه.
 
13- إياك والتصدر لكبار المسائل ودعها للأئمة لتبرأ عهدتك ويسلم دينك ولا تسارع في الدخول في الفتن وحاول أن تدفع ذلك عنك دفعا شديدا والمعافى من عافاه الله حتى يصلب عودك في العلم وتكون إماما في العلم يصدر الناس عن رأيك وتبتلى بالسؤال فإذا وقع ذلك فاستعن بالله وتحر الصواب وتكلم باجتهادك ولا تجبن.
 
14- اعلم أن عين الحكمة والرأي الصواب ليس في تشقيق المسائل وكثرة الكلام كعادة أهل زماننا وإنما يكون في صدق النية وتحري الحق وتوفيق الرب والتأمل في الدليل الشرعي وكلام الأئمة ولو كان كلمات يسيرة فلا تغتر بكثرة الكلام وعليك بالزبد وإعمال الفهم واسأل الله التسديد والإصابة.
 
15- تجنب الجدل في النقاشات العلمية وإياك والدخول في الردود والمناظرات فإن ذلك يشغلك عن كثير من العلم ويشعب قلبك وما ابتلي امرؤ بالجدل إلا وفتح عليه باب من الشر وفاته كثير من الخير.
 
16- ليكن لسانك ورعا عن الخوض في أعراض المسلمين ولو كانوا من المخالفين وإياك وتجريح الولاة والعلماء فإن من استخف بالكبار عرض نفسه للمهانة وذهب دينه.
 
17- شاور من تثق به من ذوي الحكمة والتجربة في كل خطوة تخطوها.
 
18- تأن وتريث في كل قرار مصيري في مجال العلم والدعوة ولا تعجل وتستبد برأيك فإن من استأثر برأيه ولم يشاور أهل الفضل وقع في المصائب والعجائب.
 
19- وطن نفسك على حصول الأذى والضرر من عدوك ومن أقرانك ومن الجهال فإن ابتليت فالزم الصبر ولا تشك حالك للخلق ولا يحملك ذلك على التقاعس وترك العلم والدعوة فإن من بذل نفسه للخلق وجاهد في ذات الله بعلمه وقلمه لا بد أن يبتلى ويمحص.
 
20- اعلم أن الله اصطفاك وميزك وجعلك من ورثة النبي صلى الله عليه وسلم وحملت أمانة عجز عن حملها كثير من الرجال فحافظ عليها ولا تضيعها وتخلق بأخلاق العلم وكن مزكيا للعلم ولا تبخل به ولا تطلب به عرضا من الدنيا ولا تضيع نفسك بهجرك العلم وإقبالك على الراحة وملذات الدنيا.
 
21- إلزم سنة النبي صلى الله عليه وسلم واحرص على إتباع السلف في كل صغير وكبير وحافظ على المنهج الوارد في الوحيين وتكلم بخطاب الشرع ولا تدخل في الرأي والفكر ولا تغتر بأطروحات أهل العصر وتفتتن بلغة الغرب فإن من دخل في هذا الباب التبس علمه بالشبه وهجر الخطاب الشرعي وأخطأ الطريق. فلا تكونن كبني إسرائيل الذين استبدلوا المن والسلوى بأدنى الطعام.

 
أيها الطالب المبرز الموفق كم أنا فرح ومغتبط بك فاستعن بالله ولا تكسل ولا تفتر همتك فإن الطريق طويل والصوارف كثيرة والموعد الجنة، أسأل الله أن يفتح عليك من المعارف وأسرار الشريعة، ويحفظك من كل سوء، ويقيك شر كل عدو وحاسد، ويثبتك على الحق وجادة العلماء الربانيين، ويجعلك هاديا مهديا مباركا أينما كنت ناصرا للسنة وقامعا للبدعة ذابا عن حياض الإسلام وأهله.
 
 
خالد بن سعود البليهد