مخيم اليرموك يستغيث... فهل من مغيث؟

منذ 2014-01-16

قد يكون الخير الذي تحمله هذه المجاعة الأسدية المميتة هي إعادة إيقاظ قضية اللاجئين الفلسطينيين المشتتين في ربوع المعمورة، والذين خرجوا من ديارهم بغير وجه حق، واستولى العدو الصهيوني على ديارهم وممتلكاتهم، فقد كادت القضية أن تكون في طي النسيان، ولكنه حق يأبى النسيان.

 
 
 
المتابع للصور والتقارير المصورة التي تبثها وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة يلمس عظم وحجم المأساة الحقيقية التي يعيشها سكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بسوريا، حيث يعاني عشرات ألوف اللاجئين الفلسطينين من حصار بشار وشبيحته الذين يمنعون عن سكان المخيم دخول المواد الغذائية والطبية ومواد التدفئة؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث مجاعة شديدة في مناطق عدة من المخيم، ارتفع على أثرها عدد الذين قضوا جوعًا في المخيم المحاصر منذ أكثر من 180 يومًا إلى ما يزيد عن 45 شخصًا، أغلبهم من الأطفال والشيوخ؛ ليظل السؤال حائراً هل سنظل نحصد كل يوم عدد موتى الحصار والمجاعة مثلما نفعل في حالة ضحايا نيران بشار الذين اقترب عددهم الموثق من المائة ألف نفس؟

 
مخيم اليرموك الذي تم إنشاؤه عام 1957 على مساحة 2.11م2 ويقدر عدد سكانه بأكثر من 120.000 نسمة يقع بجنوب العاصمة  دمشق ولذا فهو في قلب الحدث من الثورة السورية، ونيران الأسد الوحشية، والأمم المتحدة تقول بكل وضوح "لقد تدهورت الحالة في مخيم اليرموك بصورة تدريجية لما يقارب عشرين ألف فلسطيني إضافة لعائلات سورية محاصرين في اليرموك، حيث لم تتمكن وكالة الأونروا من دخول المنطقة لتقديم إمدادات الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها، منذ سبتمبر الماضي". وقد وصل التحدي الأسدي مداه بأن تقوم قوات الأسد  المحاصرة للمخيم بتعليق (حقيبة خبز) على مدخل المخيم، وكل من يتقدم لأخذها يموت قنصاً؛ كما أدى الحصار إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حال توفرها، فوصل سعر كيلو الأرز إلى 6000 ليرة سورية أي ما يعادل 42 دولارًا.
 
 
مخيم اليرموك تشرف عليه ثلاث جهات:
 
الأولى: وكالة الأمم المتحدة الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين: الأونروا؛ والتي تدير بالمخيم 28 مدرسة منها 20 مدرسة ابتدائية و8 مدارس إعدادية ومركزي مرأة وخدمات ودورات تدريبية، إضافة إلى ثلاثة مجمعات طبية تضم عددا من العيادات التخصصية ومزكز للخدمة الاجتماعية والذي يقوم بتقدير ودراسة الحالات الصعبة التي تحتاج إلى مساعدات عينية (إعاشة) حيث تقدر عدد الإعاشات التي توزع في سورية بحوالي 25 ألف إعاشة.
 

الثانية: الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب؛ واعتبارا من عام 1969 أصبحت ميزانية الهيئة جزءًا من ميزانية الجمهورية العربية السورية.

 
الثالثة: البلديات و المجالس المحلية؛ وقد أدى تشكيل بلدية مخيم اليرموك وتكليفها بالإشراف على تنظيم شؤون المخيم إلى وقف اعتراف الأونروا بمخيم اليرموك كمخيم للاجئين.
 
 
وبالتالي فإن الأشراف الفعلي على المخيم تدور رحاه بين الأمم المتحدة والنظام الأسدي في سوريا، ومن هنا كانت تعقيدات وصول المساعدات الإغاثية إلى المخيم لأن التحكم في تحركاتها جميعها تقع تحت إمرة النظام الأسدي الوحشي، فما هو الحل إذن لتلك الإشكالية الإغاثية المعقدة في ظل الاعتداء الأسدي الغاشم والدمار القائم في سوريا؟ الحلول في تصوري يمكنها أن تأخذ الصورة التالية:
 

أولاً: قيام علماء الأمة ودعاتها بإحداث نوع من الزخم الإعلامي والدعوي في ربوع الأمة من أجل إحداث نوع من الضغط الشعبي على الحكومات للتحرك الفعال لإنقاذ مخيم اليرموك من مجاعة الموت الأسدية.
 
ثانياً: قيام وزراء خارجية الدول المؤثرة في المعادلة الدولية والتي لديها بعض أوراق الضغط المالية واللوجيستية بالضغط على روسيا وأمريكا من أجل إلزام الجانب الأسدي بإخراج ضعفاء الحصار والمجاعة بمخيم اليرموك من المعركة الدائرة.
 
ثالثاً: تكوين لجان أزمات بالمؤسسات الإغاثية الدولية الفاعلة للدراسة العاجلة لأزمة ومجاعة مخيم اليرموك من كافة أبعادها، وبطريقة أكثر عمقاً وتركيزاً من التناول الإعلامي المتاح، وفي ضوء هذه المدارسة يتم تحديد أنسب وأنجح الوسائل لضمان وصول المساعدات الإغاثية لمخيم اليرموك المحاصر.
 
رابعاً: إحداث نوع من التعبئة الإعلامية الدولية لنشر أزمة حصار مخيم اليرموك على أوسع نطاق، ومن ثم إحراج كافة الأنظمة الداعمة لبشار، وذلك بهدف الضغط في اتجاه رفع  الحصار عن مخيم اليرموك.
 
خامساً: يمكن تحريك دعوى جنائية دولية مستعجلة لوقف حصار بشار لمخيم اليرموك وإلزامه بالرفع الفوري للحصار، والسماح لدخول المساعدات الإغاثية للمخيم، وتمكين وكالات الإغاثة الدولية بالقيام بدورها الإنساني داخل المخيم.
 
قد يكون الخير الذي تحمله هذه المجاعة الأسدية المميتة هي إعادة إيقاظ قضية اللاجئين الفلسطينيين المشتتين في ربوع المعمورة، والذين خرجوا من ديارهم بغير وجه حق، واستولى العدو الصهيوني على ديارهم وممتلكاتهم، فقد كادت القضية أن تكون في طي النسيان، ولكنه حق يأبى النسيان. 


الهيثم زعفان