الخرس الزواجي

منذ 2014-01-17

أصبح صمتُ الزوج الدائم شكوى الكثير من السيدات؛ وذلك لعدم وجودِ حوارٍ بين الزوجين؛ وذلك نظرًا لِما يشعُرْن به من الأسى والمرارة بسبب العجز في التواصل مع الزوج؛ حيث تقول الكثيرات منهن: إن الزوجَ عند جلوسه مع أصدقائه أو أقاربه يكون متحدثًا ومحاورًا بدرجة ممتازة على عكس سلوكه معها، كما أنه عندما يكون في لحظات الصمت القاتلة داخل المنزل قد لا يكسِرُ هذا الصمتَ إلا جرسُ تليفونه الخاص، فعندها يتحول فجأة إلى شخص آخر، ولكن هل حاولت إحدى هؤلاء السيدات أن تحطِّم جدران الصمت التي كوَّنتها الأيامُ والزمن بينها وبين زوجها؟ هل حاولت إحداهن معرفة سبب ذلك؟


أصبح صمتُ الزوج الدائم شكوى الكثير من السيدات؛ وذلك لعدم وجودِ حوارٍ بين الزوجين؛ وذلك نظرًا لِما يشعُرْن به من الأسى والمرارة بسبب العجز في التواصل مع الزوج؛ حيث تقول الكثيرات منهن: إن الزوجَ عند جلوسه مع أصدقائه أو أقاربه يكون متحدثًا ومحاورًا بدرجة ممتازة على عكس سلوكه معها، كما أنه عندما يكون في لحظات الصمت القاتلة داخل المنزل قد لا يكسِرُ هذا الصمتَ إلا جرسُ تليفونه الخاص، فعندها يتحول فجأة إلى شخص آخر، ولكن هل حاولت إحدى هؤلاء السيدات أن تحطِّم جدران الصمت التي كوَّنتها الأيامُ والزمن بينها وبين زوجها؟ هل حاولت إحداهن معرفة سبب ذلك؟

أسباب الصمت الزواجي:
قد يرجع سببُ الصمت بين الزوجين إلى أن الزوجةَ لا تهتم أثناء حديثها مع زوجها إلا بالحديث عن الاحتياجات المادية للأسرة، ولا تلاحظ أن كثرةَ الأعباء المادية ترهق الزوجَ؛ مما يدفع الزوج إلى تجنُّب الحديث معها؛ لأنه أصبح يعرِفُ ما سوف تتحدث عنه الزوجة مسبقًا. كما أن التطور الكبير للتكنولوجيا وزيادة وسائل الترفيه أدى إلى ضياع الوقت، كما في ظهور التليفزيون وما تبِعه من تعدُّد القنوات الفضائية، وظهور الكمبيوتر والإنترنت؛ حيث أثَّر ذلك بشكل كبير على استمرار لغة الحوار والاتصال بين الزوجين، وأدى إلى هروب الأزواجِ إلى مشاهدة التلفاز، أو إلى الجلوس أمام الإنترنت وانعدام لغةِ الحوار بين الزوجين.

ويؤكد الخبراء النفسيون أن هروب الزوج إلى المكوث طويلاً أمام الإنترنت إنما هو نوعٌ من العقاب النفسي القاسي للزوجة، وهي وسيلةٌ لفرض الصمت الزواجي على الحياة الأسرية، وإغلاق نوافذ التواصل، سواء بالكلام مع الزوجة، أو بالإنصات إليها. كما تُشيرُ الدراسات إلى أن لجوء الزوجِ إلى الإنترنت يعني أن الزوجَ غيرُ سعيد بأسلوب وتصرفات زوجته في الحياة، وقد يرجع اهتمامُ الزوج الزائد بالإنترنت بسبب الأعباء المادية والالتزامات الحياتية المختلفة؛ مما يسبِّبُ له حالةً من الصمت، ويهرب إلى الإنترنت؛ مما ينتج عنه العديدُ من المشاكل والخلافات بين الزوجين.

كذلك من أسباب الصمت بين الزوجين اختلافُ ثقافتهما واهتماماتهما. كذلك التكبُّر بين الزوجين؛ فهناك الكثير من الأزواج يرى أن زوجته لا تعرف شيئًا، ولا تستطيع أن تصل إلى مستواه العقلي والعلمي؛ فهؤلاء الأزواج يرَوْنَ أنفسَهم الأفضل دائمًا.

أصدقاء وصديقات العمل؛ فقد يكون لدى الزوج الكثير من الأصدقاء والصديقات في العمل الذين يتحدَّثُ إليهم طوال اليوم أثناء وجوده في العمل، وحين يرجع إلى المنزل يكون قد وصل إلى درجة الإشباع من الكلام، وبالتالي فهو لا يريد الحديثَ أو الكلام عن أي شيء، ولكن نجد هذا النوع من الأزواج يريد ممارسةَ نوعٍ آخر من النشاط داخل المنزل غير الكلام، فهو يريد مثلاً مشاهدة التلفاز، أو قد يريد النوم، أو يريد الجلوس على الإنترنت، وهنا نجد أن هذا الزوجَ لم يُراعِ مشاعر زوجته التي ظلت تنتظرُه طوال النهار حتى يأتيَ من العمل لتتحدثَ معه، خاصة إذا كانت هذه الزوجةُ لا تعمل.

عدم الإنصات من جانب الزوجة؛ فهناك الكثيرات اللاتي يجهَلْنَ أهمية الإنصات؛ فأغلبُ النساء يُرِدْن الحديث، ولا يعرِفْنَ مهارة الإنصات، وذلك يجعل الزوجَ يشعُر بالملل أثناء الحديث، ويحاول أن يلجَأَ إلى الهروب من الحديث معها لأي شيء آخر
.
علاج الخرس الزواجي:
لعلاج ذلك؛ هناك الكثير من الخطوات، والتي منها:
• لا بد أن يكون لدى الزوجين النيةُ الأكيدة لتغيير الوضعِ القائم؛ حيث إنه من الصعب أن يُحدِث طرفٌ واحد هذا التغيير؛ حيث إن الحياة الزوجية شراكة بين الزوجين

• على الزوجين ألا يتحدَّث كلٌّ منهما مع الآخر إلا بالحسنى؛ فقد قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 53]. كما قال سبحانه وتعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

• على الزوجة أن تجعَلَ الابتسامةَ والهدوء عنوانَ حديثها؛ فالابتسامة والهدوء هما أحد أسرار الجاذبية، وعن طريقها تُؤسَرُ القلوب، كما أننا نأخُذ بها الأجر؛ كما قال الرسول الكريم: «تبسُّمُك في وجه أخيك صدقةٌ» (قال الألباني حسن غريب).

• حاولي مشاركةَ زوجك في الأنشطة التي يحبها، مثل: مشاهدة التلفاز، أو الجلوس معه على الإنترنت.

• عدم العناد مع الزوج، بل حاولي دائمًا أن توافقيه الرأيَ في الأشياء التي لن تضرَّ أي أحد من أفراد الأسرة، وهي ليست أساسية في حياتكما؛ فمثلاً إذا كان يشجِّعُ فريقًا معينًا في لعبة معينة، فلا داعي أن تشجِّعي أنت الفريق الآخر الذي يلعب ضده، بل حاولي أن تشجعي الفريق الذي يشجعه، إذا قال الزوج رأيًا معينًا -كأن يكون رأيًا متعلقًا ببرنامج تليفزيوني، أو مسلسل- فحاولي أن تُبدي إعجابَك بهذا الرأي، وتُشعريه أن رأيه صحيح، بل إنك لولا عقلُه الكبير لَمَا كنتِ لتصلي إلى هذه الدرجة من المعرفة، وهذا ليس نفاقًا؛ لأن هذا لن يضرَّ أحدًا، وهذه الأشياء والآراء ليست أساسية في حياة الأسرة، بل إن شاء الله سوف تأخذين عليها أجرًا من الله عز وجل إذا نويتِ أن ذلك إرضاء لله عز وجل وهو من باب حُسن التبعُّل للزوج، كما أنه ليس كذبًا؛ لأن الكذب بين الزوجين مباح، وهو الكذب في التعبير عن المشاعر والمجاملة بينهما.

• على الزوجة أن تبتعد عن كثرة الشكوى، سواء من الأولاد أو من الحياة بصفة عامة، وأن تختارَ الزوجة الوقتَ المناسب لعرض المشكلة، فلا تطرح المشكلةَ على الزوج فور عودته من العمل مثلاً.

• التواضع بين الزوجين، فلا يتعالى أيٌّ منهما على الآخر.

• الاعتراف بالخطأ من جانب الزوجين، وعدم إصرار كل طرف على رأيه والتمسك به، خاصة إذا اقتنع أيٌّ منهما برأي الطرف الآخر.
ــــــــــــــ
المراجع:
• عادل هندي: 30 مهارة للسعادة الزوجية، القاهرة، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع، 2012م.
• كلثوم بلميهوب: الاستقرار الزواجي دراسة في سيكولوجية الزواج، الجزائر، المؤسسة العربية، 2010م.
• وفاء يسري إبراهيم: مهارة الاتصال في الخدمة الاجتماعية، الفيوم، ناس للطباعة والتوزيع، 2005م.
• يوسف أبو الغيط، اكتسبي مهارات التواصل مع الزوج والأولاد، الجيزة، دار عباد الرحمن للنشر والتوزيع، 2010م.

سامية عطية نبوية