زوجة رجل مشغول!

منذ 2014-01-19

أنه لا بد أن تُحسنِي اختيار الوقت المناسب للحديث مع زوجكِ في الأمور التي يحبها، وأن تُقدِّري اهتمامه بعمله، وأن تنشغلي أنتِ أيضاً بأولادكِ وهواياتكِ واهتماماتكِ في الحياة، وألا تجعلي من زوجكِ محوراً لحياتكِ فتنتظرين عودته لتستمدي الحياة من وجوده؛ مما يشعره بأنكِ تُمثلِين عبئاً عليه.

 

 

ظاهرة انشغال الزوج باتت أحد الظواهر الملموسة في عصر تتسارع فيه الأحداث وتتعاظم معه المسئوليات، وقد يكون انشغال الزوج إما في طموحاته ومستقبله المهني أو التجاري، أو انشغاله في الدعوة إلى الله عز وجل؛ وفي كلا الحالتين يأتي هذا الانشغال على حساب الاهتمام بالزوجة والأولاد، وتَحمِل كامل مسؤولياتهم ومتطلباتهم: «ولأهلك عليك حقاً» (صحيح البخاري).



 

بعض الرجال يُبرِّرون انشغالهم بالعمل؛ بأنه نابع عن إحساسهم بوظيفتهم الحقيقية، والغريب أن يحاول الزوج المشغول أن يُشعِر زوجته دائماً بأن هذا الوضع طبيعي، ويمارس سُلطاتِه تحت شعار قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء من الآية:34]؛ متجاهلاً قوله عز وجل {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء من الآية:228]، وأن أداءه لحقوق الآخرين واجب عليه مثل الواجب الآخر الذي يشغله، وطبيعة الحياة تستوجب من الإنسان الكدح لتحقيق التوازن بين العديد من الواجبات المتنافرة.



 

إن عليك أخي الزوج المشغول أن توازن بين الاستغراق في أعمالك والاهتمام بزوجتك وأولادك، لأننا مأمورين شرعاً أن نُعطي لكل ذي حقٍ حقه دون إفراط وتفريط، ولا بد أن تعي حقيقة دورك التربوي قبل أن تجد ولدك قد فسد أو انحرف أو ضل الطريق، فحينئذ ماذا ستُفيدك أموالك وأعمالك؟ هل سترده إلى جادة الطريق؟ أم هل ستقَوم خلقه بعد فوات الأوان!



 

يقول ابن القيم الجوزية في كتابه (تحفة المودود في أحكام المولود): "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يُكرِمه وقد أهانه، وأنه يرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده، وفوَت عليه حظه في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء".



 

كوني متفهمة لأعبائه



 

المشكلة الأساسية عند معظم الزوجات أنها تُفكُّر بالأمور من زاويتها هي ومن خلال ما تريده؛ فتراها كثيراً ما تَظلم الزوج عندما تطلب أكثر من حقها، أو عندما تطلب حقها في غير الوقت المناسب أو بطريقةٍ غير مناسبة، عندما تسيئ فهم ظروف زوجها ودوره وأعباءه، أو عندما تفشل في التعويض عن انشغال الزوج بمجالاتٍ وأنشطةٍ خاصةٍ تملأ بها فراغ وقتها، وخاصة الزوجة الشابة التي لم تنشغل بعد بالأولاد ومشاكلهم.



 

لكي يعود زوجكِ إليكِ:

  • مسألة قولكِ بأن زوجكِ لا وقت لديه للاهتمام بكِ وبأولادكما ليس حقيقياً؛ فالمشكلة ليست في الوقت وإنما في تنظيم الوقت، وهذا عمل برامجي يحتاج إلى مشاركتكِ له في وضع برنامج مرن يتناسب مع وقته هو، والعِبرة ليست بكمّ الساعات التي يقضيها الزوج في المنزل، وإنما كيف يقضي ذلك الوقت مع أبنائه وزوجته.
  • حاولي أن تجعلي مواعيد ثابتة يومياً للجلوس معه ومع الأطفال ولو لفترة بسيطة، احرصي على مشاركته لكم وجبة أو وجبتين للطعام يومياً حسب وقته.
  • رتبي لقاء أسبوعي أو شهري لتناول الطعام خارج المنزل، بدعوة منكِ، ورتبي زيارات اجتماعية للأهل معا أسبوعياً أو شهرياً.
  • اجعليه أكثر تعلقاً بكِ وبالأطفال، وعندما يعود من عمله حاذري من التذمُّر، بل استقبليه بوجهٍ بشوش.
  • تقرَّبي منه بمهاتفته في عمله للسؤال عنه، أو ترك رسالة ودية على جواله تشعره أنكِ تشتاقين إليه حتى في عِزِّ انهماكه بالعمل، وهو ما سيجعله يلتزم بالرد عليكِ ومبادلتكِ الرسالة بمثلها.
  • أكثري من التودُّد له، واجعلي البيت جنة حقيقية حتى يشتاق لكِ وللبيت، وأفردي له مكتباً مستقلاً بالبيت يستطيع من خلاله أن يتابع أعماله من داخل منزله، واغتنمي أيام الأجازات والعطل للمكوث معه.
  • أشعريه دائماً أنه رجل ناجح ولا تشعريه بأي تقصير تجاه البيت، بل قولي له بأنكِ في البيت تقومين بخلافته فيه، وعزِّزي طموحه وطلبه للعلم أو العمل، وحاولي مشاركته في اهتماماته دون إزعاج له.
  • واجبات يسمعها خلال القيادة، أشعريه بأن نجاحه في البيت يزيد من نجاحه بالعمل.
  • أنتِ لا تقدرين على محاربة الرجل بسلاحه لأنه ثقيل في يدكِ الناعمة، وتتعبين جد التعب من حمله، فإذا كان زوجكِ مولعاً بالتردد إلى الأندية العمومية، وأردتِ أن تستبقيه عندكِ، فلا تؤذيه بهجر القول، بل اجعلي بيتكِ الصغير نادياً رحباً، له فيه كل ما يَسرُّه ويُسليه، واستنبطي كل يوم مسرة تجتذبينه بها، وسيُريكِ الزمان أن أسلحة المرأة الماضية هي: الجمال والاستسلام والحلم واللطف والسكينة والاتكال والخجل والحنان، ولعلكِ تظنينها أسلحة ضعيفة، ولكن أؤكد لكِ أنها إذا شحذتها الحمية والأمانة كانت ماضية جداً، وكافية لأن تدمث الطباع الخشنة، وتخفض من غلواء الرجل، وتحط من كبريائه.
  • حاولي أن تسندي بعض المسؤليات التربوية لزوجكِ، واتفقي معه على أنها من واجباته مثل: أخذ الأولاد الذكور لحضور الصلوات المفروضة في المسجد، أو حضور بعض مجالس العلم معه لسماعه والاستفادة والإقتداء به، مصاحبة الأولاد لبعض أعماله التي تكسبهم خبرة ووعي وثقافة... إلى غير ذلك.
  • اجعليه مشارِكاً لكِ في بعض أعباء المنزل على قدرِ ما يَسمح وقته وجهده، كقضاء لوازم المنزل من مأكولات وملابس معكِ، أو متابعة ومذاكرة لبعض أولاده معكِ، ومشاركة لكم في جلسة أسبوعية على الأقل لمعرفة أحوال الأولاد ثم إلقاء بعض التوجيهات منه لهم... إلى غير ذلك.
  • جدير بأن تبحثي عن وسيلة لملئ فراغ وقتكِ وتقدير الأمور حق قدرها، وإياكِ ثم إياكِ أن تتحوَّلي إلى عبء يثقل كاهل زوجكِ أكثر مما هو مثقل، إنكِ بذلك تُعمِّقين الهوة بينكِ وبينه.
  • عليكِ أن تكفي عن التعامل مع الزوج على أنه المصدر رقم واحد للإشباع الإنساني من خلال الحوار معه، بل لا بد من تنمية باقي جوانب حياتكما المشتركة وتحسين علاقتكِ العاطفية به، والكف عن انتقاده؛ فالرجل الناجح لا يحب الانتقادات، ويعتز بنفسه كثيراً وقد يعود عزوفه عن الحديث معكِ لاعتراضكِ على آرائه.

ومجمل القول؛ أنه لا بد أن تُحسنِي اختيار الوقت المناسب للحديث مع زوجكِ في الأمور التي يحبها، وأن تُقدِّري اهتمامه بعمله، وأن تنشغلي أنتِ أيضاً بأولادكِ وهواياتكِ واهتماماتكِ في الحياة، وألا تجعلي من زوجكِ محوراً لحياتكِ فتنتظرين عودته لتستمدي الحياة من وجوده؛ مما يشعره بأنكِ تُمثلِين عبئاً عليه.
 

alnaggar66@hotmail.com

 

خالد سعد النجار

كاتب وباحث مصري متميز