الماسة المُحرّمة...!
في إحدى الرّحلات البهيجة، توجّهتُ لزيارة متحفٍ عريق. هُناك كانت توضع للعرض؛ أعرق و أرقى التُّحف، كما كان يُحفظُ أغلى و أندر ما توصّل الإنسان لِاكتشافه و الحُصول عليه. من بين النّوادر الثّمينة الغالية، كانت هناك ماسةٌ منقطعة النّظير...تلك كانت أكبر و أفخم و أغلى ماسة على الإطلاق في هذه المعمورة، قال عنها الكثير أنّها لا تُقدّر بثمن، كما أنّه من المُستحيل و الّلامعقول أن يتوصّل أحدٌ لرُؤيتها عن قُرب، ناهيكَ عن التّفكير في مسّها أو رفعها لِمُجرّد النّظر إليها عن كثب، ذلك كان من أبعد المُستحيلات، فهي محفوظة في عُلب الدّيباج المحفوفة بأفخر أنواع القطيفة، داخل صندوقٍ من زُجاج فخمٍ و خاصّ جدّا، مصمّم خصّيصًا لحِفظها. هو الآخر داخل صندوقٍ أفخم و أكبر و الكلّ في غرفة من زُجاج أمتن و أمتن، الكلّ محفوظٌ بشبكة من الّليزر تترقّب اقتراب أحدٍ ما لِتُطلق صفّارات الإنذار...كانت تبرق من بعيدٍ جدًّا، لا يكادُ المرء يراها، فقد وُضعت في تلك الغرفة المُظلمة نسبيًّا و سُلّط عليها شُعاعٌ ضئيلٌ من النّور الخاصّ المدروس...فكما قال صاحب المتحف: لا يُمكن لمثل هذه الماسة النّادرة الثّمينة أن توضع في نور قويّ أو ضوء ساطع، فذلك من المُحتّم سيُهلِكها و يُخرّب تكوينها و يطمس بريقها الطّبيعي الأخّاذ. و حين سُئِل عن مدى حِرصه على حِفظها بعيدًا عن أيدي و أعيُن البشر، قال أنّ ذلك أفضلُ و أبقى لمثل هذه الماسة الثمينة النّادرة الغالية العريقة، أتَرى إن كانت أيدي النّاس تطالها أو تطال حتّى العلبة الّتي تُحفَظ فيها !! لكانت سُرقت أو وقعت أو انكسرت أو تلطّخت فذهبت بذلك قيمتها و اندثر جمالها و بريقها، و لَتحوّلت إلى مُجرّد قطعٍ من الكريستال أو الزجاج المُبعثر الّذي لا قيمة له و لا معنى ! و عدا ما قد يتعرّض له صاحبها من الخسارة الماليّة و المعنويّة، فإنّها ذاتها تفقد عزّها و مكانتها، و تفقد بذلك اهتمام الغير بها و تقديرهم لقيمتها !!!
سُبحان الله !! حين يستمع المرء إلى هذا و يَلحظُ تلك الماسة الغالية، لا يسعُه إلاّ أن يذكر المرأة و قدرها في الإسلام. إذا كانت تلك الماسة تحظى بِكُلّ ذاك الحِفظ و الدّلال و السّتر وهي جماد ! فكيف بمن تحيا و تحملُ الرّوح بين جنبيها، تُربّي الأجيال و تصنعُ الرّجال، تنهضُ بالأمم وتُقيم الحضارات.. السّكن، المودّة، الرّحمة المُجسَّدة في مخلوق بريء، عاطفي، حسّاس، شفّاف ! ألا تستحق أن تُحفظ في خمارها و حجابها بعيدًا عن أعيُن السُّفهاء، و تنأى بِنفسها و رُوحِها و جسدها بعيدًا عن أيدي الّلصوص؛ لُصوص الشّرف، سارقوا الحياء، عسى أن يحفظها ذلك من الكسر ؟؟ كما أشار رسول الله صلّى الله عليه و سلّم في خطبته الأخيرة:" رِفقًا بالقوارير"...صدقت يا رسول الله ! رِفقًا بالقوارير؛ لقد أجدت الوصف ! فهي حافظة و حاوية مع شفافيّتها و سُرعة انكسارها...فيا من كانت لديك فتاة مسلمة، احفظها كما تحفظ أثمن ما في الوُجود، و حافظ عليها و على إحساسها الرّقيق !
و يا أيّتها الحبيبة الرّفيقة، الأخت، الأم، البنت...يا امرأة، يا مُسلمة ! التزمي بتقواكِ واحفظي نفسكِ و حافظي على ذاتك و شعورك فلستِ واللهِ بأقلّ قدرًا ولا بأهونَ منزلةً من الماسة المُنقطعة النّظير، فأنتِ باللهِ أفضل منها لأنّك رُزقتِ الحياة و الحياء، و كرّمكِ الله بالإسلام و حفظكِ و حافظ عليكِ بالحجاب.
- التصنيف: