ماذا تحب الزوجة من زوجها وماذا تكره؟

منذ 2014-01-25

في كثير من المجتمعات يكثر الاهتمام بما هو مطلوب من المرأة تجاه زوجها وبيتها, ويكثر الحديث عن توصيف دورها والواجب عليها وغير ذلك, بينما يقل الاهتمام بمتطلبات هذه المرأة وحقوقها, وما تحبه وما تكرهه, وماذا تطلب هي ممن حولها من متطلبات تعينها على حسن تأدية دورها كما ينبغي.


في كثير من المجتمعات يكثر الاهتمام بما هو مطلوب من المرأة تجاه زوجها وبيتها, ويكثر الحديث عن توصيف دورها والواجب عليها وغير ذلك, بينما يقل الاهتمام بمتطلبات هذه المرأة وحقوقها, وما تحبه وما تكرهه, وماذا تطلب هي ممن حولها من متطلبات تعينها على حسن تأدية دورها كما ينبغي.


 

وقد علمنا ديننا الحنيف أن للمرأة حقوقا مهمة, فقال سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة من الآية:228]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (الجامع الصغير).


 

وقد سبق في مقال قريب أن تحدثنا عما يحبه الزوج من أخلاق وسلوكيات زوجته وما يكره, وقد جاءتني رسائل تطلب تكملة الجانب الآخر من الرؤية فيما يتعلق بما تحبه الزوجة من سلوكيات زوجها وصفاته وما تكره لتكتمل الصورة المرجوة للبيت المؤمن السعيد.

 

فالحياة الزوجية إنما هي مشاركة بين الزوجين, ولا ينبغي أن يضيع فيها حق الزوجة مما تحب وما لا تحب, فيهمنا الوقوف عند ما تحبه ومالا تحبه الزوجة من زوجها, كي ينظر كل من الطرفين في جميع النقاط فيكمل ما يفتقده ويحاول إصلاح نفسه بقدر ما يستطيع.


 

وقد حاولت استقراء أهم تلك النقاط فكانت كما يلي:


 

1- الزوجة لا تحب الزوج العصبي الغضوب الذي يحول دائما البيت عند أي مشكلة إلى جمرة نار, يغضب من أقل القليل, فيعبس في وجهها لأجل أية خطأ ترتكبه أو نسيان أو غفلة, فتعيش معه في حالة ارتباكية حساسة بئيسة, تخشى من أي خلل, وترتعد من صرخاته التي تعلو في جنبات البيت بالتهديد والوعيد، لكنها تحب الرجل الهادئ الحكيم الرصين في حل المشكلات واستيعاب الأمور.


 

2- لا تحب الزوجة الزوج الذي يفشي مشكلاتها, ويأخذ حديثها و أخبار حياتها ويسردها مع أصحابه تارة أو مع أهله تارة أخرى, بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى المؤمنين عن إفشاء أسرار بيوتهم نهياً شديداً فيما يخص خصوصياتهم, والكراهة متوجهة أيضا نحو إفشاء الأسرار البيتية عامة, فالزوجات يحببن إخفاء مشاكلهن وأسرار حياتهن حتى مع أخواتهن وأقربائهن ليظهرن بمظهر لائق بهن, ويفضلن أن تنتهي المشكلات بشكل ودي منزلي بدون تدخل الآخرين.

 

حتى في حالة بعض النساء اللاتي يكثرن الشكوى لأمهاتهن وأخواتهن, فإنهن لا يفضلن أن يقوم بذلك الزوج بنفسه بأية حال.


 

3- لا تحب الزوجة من زوجها مقارنتها بأقرانها من النساء, سواء أخواتها أو أخواته, أو أقاربها, بل تريد أن تكون الأولى في عين زوجها, والمقارنة هنا تختلف وتتعدد وقد تبدأ بمقارنة في عمل الطعام، أو الاهتمام بذاتها، أو ترتيب منزلها، أو تربية أولادها, لكنها تحب منه عندما يجد تقصيراً في هذه الأمور منها أن ينصحها دون جرح لمشاعرها بذكر آخرين.


 

4- لا تحب الزوجة من زوجها أن يمنعها عن زيارة أهلها ورحمها, كأخواتها وإخوانها أو أقاربها, أما من يمنع زوجته عن زيارة والديها, فهذا لا يليق به كزوج مسلم فلابد أن يعلم أن لأبويها عليها حقوقا حتى بعد خروجها من بيتها إلى بيته لكن بموافقته ومعونته, ولئن أعانها على بر والديها سيكون ذلك دافعا لها لإعانته على بر والديه, بل إن منعه إياها عن التواصل مع رحمها يولد البغضاء في قلبها ويشعرها بوجودها في سجن وانطواء, وتكون دائما في تطلع للحظة فك ذلك الحصار عنها مما ينتج عنه ما يمكن ألا يحمد عقباه.


 

5- لا تحب الزوجة الزوج البخيل الشحيح, فكثير من الزوجات يعلمن عن أزواجهن قدرته على سد فاقة الأسرة, والاستجابة لحاجيات البيت, بينما هو مقتر عليهم, بخيل في العطاء, يعطي جزءا ويمنع البقية, ويسمح بشيء ويرفض أشياء.

 

وقد لا يقتصر البخل على الوجه المادي, بل قد يكون بخلا عاطفيا في التعبير عن تقديره لزوجته وحبه لأسرته, فهو بالخارج مع أصحابه مرح بشوش مقبل, أما مع أهل بيته فهو بخيل عليهم حتى بالكلمات الطيبة.


 

6- لا تحب الزوجة من زوجها الحديث في الشيء الذي يؤذي نفسها, فبعض الزوجات ومع ازدياد مشاغل الحياة عليهن وإرهاقهن بتربية الأبناء, وانهماكهن معهم قد يحدث منهن بعض التقصير غير المقصود تجاه أزواجهن, فيكيل الزوج لزوجته الاتهامات ويجمع النواقص, وربما هددها بالزواج عليها.

 

وبعض الأزواج يتخذ من حديثه عن الزواج الثاني مزاحاً, وربما يكون ذلك الكلام جاداً, وسواء أكان مزاحاً او جاداً, فهذا الكلام قد يؤذي نفسها, فإن أراد الزواج فعلا فهو حر في قراره, وإن لم يرد الزواج فلا داع لأذية نفسها.


 

7- تكره الزوجة من زوجها أن يهينها أمام الناس أو الأصحاب فبعض الأزواج قد يغضب من زوجته في أي مناسبة أو أي تجمع عائلي, وفي مجمع الناس وعلى مرآى ومسمع منهم, تخرج منه كلمات التقليل وربما الإهانة, والانتقاص, إن ذلك لا يحزنها منه فقط, بل يراكم في قلبها البغض يوما بعد يوم دون أن يشعر, فالزوجة تحب منه أن يحترمها ويقدرها ويرفع مكانتها أمام والديه وأهله والناس جميعاً.


 

8- لا تحب الزوجة من زوجها أن يجعلها كتحفة بالبيت, لا رأي لها , فلا يسمع منها, ولا يسمح بمناقشة الأمور معها, فإذا قال أمراً لا فلا راد له, لكنها تحب المشاركة في أحوال بيتها والاستماع لأفكارها, ربما تكون صاحبة رأي وأفكار ترفع من شأنهما.


 

9- لا تحب الزوجة من زوجها الاستعلاء عليها, سواء بثقافة أو بتعليم أو بالحسب والنسب لكنها تحب منه التواضع, أو يساعدها للارتقاء بمستواها إذا كانت أقل منه علما, فقد اختارها على حالها, وعليه واجب تجاهها في ذلك, فلماذا يستعلي عليها بعد ذلك!


 

10- لا تحب الزوجة من زوجها الكذب والغموض وعدم توضيح الأمور, لكنها تريد منه الصراحة والوضوح في حديثه وأفعاله لأن ذلك يوطد الثقة بينهما.

 

وبعض الأزواج يكثر من استخدام التورية في كلامه لدرجة أن تفهم الزوجة منه ذلك, فيفقد ثقتها فيه و ويفتح الباب للشكوك والتأويلات في كل كلامه, وهذا يقلل من تقديره في قلبها ويهز قيمته, أما لو أراد استخدام التورية فيما يصلح معه البيت فليكن ذلك قليلا وعند الحاجة وبذكاء لا تدركه.



 

11- لا تحب الزوجة الزوج الذي يخالف الفطرة في خروجه ودخوله لبيته, فبعض  الأزواج يحبون الخروج, فيقومون بالسهر خارج البيت مع أصحابهم, وقد لا يعودون إلى بيوتهم إلا أواخر الليل, وهذا من أشد الأشياء تأثيرا سلبيا في العلاقات وافتعال المشكلات الزوجية.

 

فخير الأمور أوسطها, فللزوج عمل يقوم به فيخرج له, وكذا لا مانع من الخروج مع الأصحاب للترفيه وفعل ما يشاء من الفضائل والمباحات, لكن لبيته ولأولاده ولزوجته حق عليه, سواء في المجالسة أو المسامرة, وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره السمر بعد العشاء, لكنه كان ربما انقلب إلى بيته فتحدث مع أهله قبل ان يأوي إلى النوم, وكان كثيرا ما يتحدث ويتودد بالحديث الحسن مع أهل بيته صلى الله عليه وسلم.



 

12- لا تحب الزوجة "الغنية" أن ينظر زوجها لمالها, ويحزن منها إذا منعت الإنفاق داخل بيته, لكنها تحب من زوجها أن تطيب نفسه بكون لها ذمتها المالية الخاصة بها, فإن منحت بطيب نفس فبها ونعمت وإلا فلا يؤذيها أو يجبرها على ذلك بلا سبب.

 

وقد توجد أشياء تريدها وتستحي أن تطلبها منه, فلا تريد أن تكلفه مالا يطيق, كما تريد أن يكون لها حرية في ذلك المال, ربما تريد أن تهدي والديها أو أخواتها أو صديقاتها أو تتصدق من مالها الخاص, أو تشتري أشياء لنفسها تراها مهمة وهو يراها غير ضرورية, فليترك لها حرية التصرف مادام في حدود الحكمة والفضل والعمل الصالح والنافع.


 

13- لا تحب الزوجة من الزوج أن ينظر إليها كسلعة مؤقتة, فكلما كانت رائجة عنده كلما ارتقت في عينيه, لكنها حينما تمرض أو تتألم أو تتعب أو ترهق أو تكبر أو تحدث لها تغيرات العمر من الشيب والضعف أن يهمل شأنها, فإن ذلك من طبع الخسة وقلة الوفاء, فإن مقام الزوجة عند الزوج يجب أن يكون محفوظا ,ويزداد كلما مرت الأيام.


 

14- لا تحب الزوجة من زوجها أن يعاملها كآلة يطلب منها شئونه, فإذا ما توقفت الآلة غضب, فإنما الزوجة بشر تشعر وتتألم, وتتعب, فينبغي أن يعاملها كما عامل النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته, وأمر بالرفق معهن وأمر بمعونتهن وكان ربما أعانهن صلى الله عليه وسلم في شؤون البيت.


 

15- لا تحب الزوجة من زوجها أن يسيء ذكر أهلها أو يسئ إليهم أو أن يذكر نواقصهم بينما هو في ذات الوقت يحسن ذكر أهله, ويذكر ميزاتهم, إنما عليه أن يراعي ذكر المحاسن لجميع الناس أو فليصمت عنهم.


 

16- لا تحب الزوجة من الزوج إهمال ذاته وسوء رائحته وفظاظة سلوكياته,  فكما يطلب المحاسن من زوجته ينبغي عليه تطبيقها على نفسه.


 

17- كذلك في أمور الإيمان والعبادة, وهي أمور يجب الإخلاص فيها لله سبحانه, وينبغي ألا يفعلها أحد الزوجين ابتغاء وجه الآخر, إنما هي ابتغاء وجه الله وحده, لكن في جانب التطبيق, قد يطلب بعض الأزواج من زوجته أن تكون عابدة قانتة في الوقت الذي هو يفرط فيه في عباداته, فكيف يأمرها بانتظام الصلاة وهو مفرط فيها ومضيعها, وكيف يأمرها بكثرة الذكر وهو غافل يسهر الليالي في اللهو؟!


 

إنها تبادلية كاملة وعطاء متبادل بين الزوجين فكما يرتجي الزوج أموراً, فالزوجة أيضا لها مثل ما يريد, والزوج ليس قدوة لزوجته فقط بل قدوة ومثل أعلى لأبنائه, وإذا أراد أن يحصد لابد له أن يزرع.

أميمة الجابر