الدولة الأموية نموذجا لتشويه التاريخ الإسلامي
بقلم / أسامة إبراهيم سعد
الدين
ادعى بعض المؤرخين أن بني أمية أرهقوا البلاد وظلموا العباد ،
وهذا الإدعاء من جملة اللغط الكثير الذي أثير حول بني أميه ، وفيه
مبالغة شديدة .
ولعل بعضهم قد قارن بين خلافتهم وبين الخلافتين الراشدة والعباسية
فظنوا أنها لم تقدم أي تطور للحياة الإسلامية بمفهومها الحضاري ، غير
تلك الفتوحات التي امتدت شرقا وغربا .
وبالغ بعض مؤرخينا المعاصرين والمتأثرين بالنظرة الاستشراقية في تفسير
أحداث التاريخ الإسلامي فاعتبروها دولة مغتصبة للخلافة ، مَتوقة
للزعامة ، قامت دعائمها قوية وطيدة بعد أن شردت آل البيت وأبعدتهم عن
الحياة السياسية ثم حولت الخلافة إلى ملك عضوض يتوارث . والأنكى من
ذلك أن يذهب بعض هؤلاء ( المؤرخين ) إلى الاعتداء على خلفاء تلك
الدولة بالتشريح والتجريح لمواقفهم وأفعالهم تجاه الأمة الإسلامية ،
كمعاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنه ، وابنه يزيد بن معاوية وعبد
الملك بن مروان .. وغيرهم . ثم يقفون عند عمر بن عبد العزيز ـ رحمه
الله ـ ويعدونه النقطة الوحيدة المضيئة في تلك البقعة الزمنية المظلمة
، ناسين أو جاهلين أدوار الخلفاء الآخرين في نشر الإسلام وإعلاء كلمته
في أنحاء الدنيا .
ولنا مع هؤلاء وقفه بسيطة بما يسمح به المقام ..
إذا نظرنا إلى الخلافتين السابقة واللاحقة لخلافة بني أمية لوجدنا
الآتي .
الخلافة الراشدة وهي تلك الفترة السابقة لعهد بني أمية فهي فترة
ربانية بحق لما فيها من ولع بالدين وحب للعلم وشغف بالدراسة وزهد في
الدنيا فرعاياها تلاميذ مدرسة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأعظم بها
من مدرسة !
وخلفاؤها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ وكم
يتشوق الناس لتلك الخلافة .
والخلافة العباسية . وهي اللاحقة لعهد بني أمية ، امتازت تلك الخلافة
وعصرها بالبحث العلمي والنهضة العلمية والأدبية وذلك بعد أن اتسعت
رقعة الدولة الإسلامية شرقا وغربا ، وحدث الامتزاج بين الحضارات
القديمة ليبرز في النهاية الحضارة الإسلامية بصورتها الرائعة وبريقها
الأخاذ وفي تلك الخلافة تم تدوين التاريخ وكتابته ، وإن كانت إرهاصاته
بدأت في نهاية عهد بني أمية إلا أن حركة التأليف والتأريخ ظهرت بوضوح
في ذلك العصر .
ويكفينا أن نعرف أن تاريخ بني أمية قد كتب في عهد بني العباس ( ألد
أعدائهم ) فكان في هذا نظرة مجحفة ظالمة لهم .
ومن هنا نجد أن لكل حقبة من التاريخ مزاياها الخاصة .
فدولة رائدة عادلة صنعتها يد النبي ـ صلى الله عليه وسلم وساسها خيرة
أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ ، ثم دولة فتوحات ثم دولة حضارية بالمعنى
المادي والمعنوي .
فما الثانية إلا نتيجة للأولى وما الثالثة إلا خلاصة المرحلتين الأولى
والثانية .
وما كتبه الحانقين على هذه الدولة في عصرنا الحاضر مستمد من مصدرين
.
الأول : كتابات المستشرقين الحاقدين على الإسلام وتاريخه وحضارته .
وخاصة دولة بني أمية التي أدخلت الإسلام بلادهم حتى كادت أن تدخل
باريس من الغرب وحاصرت القسطنطينية وأخذت كثيرا من ملك الدولة
البيزنطية من جهة الشرق .
الثاني : الروايات الشيعية الملفقة والموجودة في بعض كتب التاريخ .
كتلك الروايات التي نقلها الطبري عن أبي مخنف ذلك الشيعي الكذاب
وغيرها كثير .
وكيف لهم يجهلون قدر تلك الدولة العظيمة التي اتسعت رقعتها من الصين
شرقا إلى جنوب فرنسا غربا ، كل هذا تحت خلافة واحدة تعلي كلمة التوحيد
وتدافع عنه وتنشر الإسلام في كل مكان فإن كان لبعض خلفائها هنات ، فلا
نقف عندها لنحلل ونعطي الأمر أكثر مما يستحق ، ونذهب نعمم ونقول للناس
بأنهم كانوا ظالمين ومعتدين ، فهذا خطأ بين وخطب فادح .
وهذه النظرة المغلوطة للتاريخ الإسلامي وأحداثه قد بدت جلية واضحة في
القرن الماضي حيث العلمانية تطبق ذراعيها على عالمنا الإسلامي ، وحيث
الصحوة الإسلامية التي لاحت بوادرها في الأفق ، وراحت تعيد البعث في
الأمة من جديد لتعود سيرتها الأولى كما كانت في عهدها الأول ( خير أمة
أخرجت للناس ) . مما يشي بأنه حقد على الإسلام لا حقد على بني أمية
.
- التصنيف: