عيد الحب

منذ 2014-02-19

انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة بين كثير من المسلمين جراء هذا التقليد، تمثلت في تقليدهم للنصارى في الاحتفال بعيد الحب، فتجدهم يهنئ بعضهم بعضاً، ويتبادلون الهدايا والورود الحمراء، وحتى أصحاب المحلات والمكتبات وغيرهم يتجهزون له كما يتجهزون لأي موسم.

 

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

فقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي .صلى الله عليه وسلم قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم». قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟!» (أخرجه البخاري).

 

وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وقد اتبع كثير من المسلمين أعداء الله تعالى في كثير من عاداتهم وسلوكياتهم وقلدوهم في بعض شعائرهم، واحتفلوا بأعيادهم.

 

فقد انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة بين كثير من المسلمين جراء هذا التقليد، تمثلت في تقليدهم للنصارى في الاحتفال بعيد الحب، فتجدهم يهنئ بعضهم بعضاً، ويتبادلون الهدايا والورود الحمراء، وحتى أصحاب المحلات والمكتبات وغيرهم يتجهزون له كما يتجهزون لأي موسم.

 

أصل عيد الحب:

 

يرجع أصل هذا العيد إلى الرومان القدماء، فقد كانوا يحتفلون بعيد يسمى "لوبركيليا" في يوم الخامس عشر من شهر فبراير من كل عام يقدمون فيه القرابين لإلههم المزعوم "لركس" ليحمي مواشيهم ونحوها من الذئاب، كي لا تعدو عليها فتفترسها.

 

وكان هذا العيد يوافق عطلة الربيع بحسابهم المعمول به آنذاك، وقد تغير هذا العيد ليوافق يوم اليوم الرابع عشر من شهر فبراير، وكان ذلك في القرن الثالث الميلادي، وفي تلك الفترة كان حكم الإمبراطورية الرومانية لكلايديس الثاني الذي قام بتحريم الزواج على جنوده، بحجة أن الزواج يربطهم بعائلاتهم فيشغلهم ذلك عن خوض الحروب وعن مهامهم القتالية.

 

فقام فالنتاين بالتصدي لهذا الأمر، وكان يقوم بإبرام عقود الزوج سراً، ولكن افتضح أمره وقبض عليه، وحكم عليه بالإعدام وفي سجنه وقع في حب ابنة السجان، وقد نفذ فيه حكم الإعدام في 14 فبراير عام 270 ميلادي، ومن هذا اليوم أطلق عليه لقب قديس وكان قسيساً قبل ذلك، لأنهم يزعمون أنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين.

 

مظاهر الاحتفال بعيد الحب:

 

أولا: الاستعداد المبكر للمحلات التجارية بالترحيب بعيد الحب، بشعار اللون الأحمر.

 

ثانياً: انتشار البالونات والألعاب والدمى الحمراء، مكتوب عليها (Lov You).

 

ثالثاً: تخصيص هذا اليوم بشيء من الحمرة في الأكل، أو في الشراب، أو في اللباس، أو في السيارات، أو في غير ذلك.

 

رابعاً: قيام بعض أصحاب المنازل بتعليق الورود الحمراء على مواضع في واجهة المنزل كالأبواب والنوافذ والأسوار.

 

خامساً: ربط شريطة حمراء اللون في معصم اليد اليسرى من قبل بعض الطالبات.

 

سادساً: نقش القلوب على اليدين وكتابة الحرف الأول من الاسم للعشيقين.

 

سابعاً: إقامة الحفلات الراقصة، والسهرات المختلطة، فرحاً بتلك المناسبة.

 

ثامناً: تبادل البطاقات والرسائل الخاصة بالاحتفال عبر الجوال أو البريد الالكتروني.

 

حكم الاحتفال بعيد الحب:

 

الاحتفال بعيد الحب، احتفال بِدْعي محرم، وبدعة منكرة؛ لأن الاحتفال به من البدع والإحداث في دين الله عز وجل، بل هو ضلال، وفي حديث العرباض بن سارية أن النبي . صلى الله عليه وسلم . قال: «وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (أخرجه أبو داوود في سننه رقم: [4607]، وفي رواية: «وكل ضلالة في النار».

 

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبّه بقومٍ فهو منهم» (أخرجه أبو داوود في سننه برقم: [4031]).

 

قال ابن تيمية عن أعياد الكفار: "لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختصّ بأعيادهم، لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك.

 

ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة.

 

وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام" ا. هـ. (مجموع الفتاوى [25/329]).

 

إن الأعياد في الإسلام عبادات تقرب إلى الله تعالى وهي من الشعائر الدينية العظيمة، وليس في الإسلام ما يطلق عليه عيد إلا عيد الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى.

 

والعبادات توقيفية، فليس لأحد من الناس أن يضع عيداً لم يشرعه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

وبناءا عليه فان الاحتفال بعيد الحب أو بغيره من الأعياد المحدثة يعتبر ابتداعا في الدين وزيادة في الشريعة، واستدراكا على الشارع سبحانه وتعالى.

 

فلا يجوز للمسلم الاحتفال بهذا العيد أو المشاركة سواء بحضور بعض مراسيمه أو تهنئة الناس به أو جعله يوماً خاصاً، أو بإهداء الورود الحمراء ولبس الأحمر أو طبع أي مما يخص هذا العيد، وعلى أصحاب المحلات التجارية أن يتقوا الله سبحانه فلا يجعلوا هذا اليوم من أيام الموسم، فلا يجوز استيراد وبيع ما هو من خصوصيات هذا العيد من حذاء أو قبعة أو نُصُب تذكاري أو ورود أو حلوى أو هدايا، ونحو ذلك؛ فإنهم بذلك يعينون على معصية الله.

 

قالَ .تعالى.: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة من الآية:2].

 

كما لا يحلُّ لمن أُهديت لهُ هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأنَّ في قبولها إقرار لهذا العيد.

 

وهذه فتوى لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حكم الاحتفال بعيد الحب:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله.

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

 

فقد انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب خاصة بين الطالبات وهو عيد من أعياد النصارى، ويكون الزي كاملاً باللون الأحمر الملبس والحذاء ويتبادلن الزهور الحمراء.

 

نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الجواب / وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

 

الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه:

 

الأول: أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة.

 

الثاني: أنه يدعو إلى العشق والغرام.

 

الثالث: أنه يدعو إلي اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضي الله عنهم.

 

فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيز بدينه ولا يكون إمَّـعَـةً يتبع كل ناعق.

 

أسأل الله تعالى أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه.

 

كتبه محمد الصالح العثيمين في 5 / 11 / 1420هـ.

 

واجبنا نحو هذا العيد:

 

فالواجب على الجميع التعاون على القضاء على هذه الظاهرة المنكرة؛ فعلى الآباء والأمهات تحذير أولادهم من المشاركة في هذا الاحتفال، وعلى المعلمين والمعلمات أن يحذروا الطلاب والطالبات من الاحتفال بهذا العيد؛، وهكذا الخطباء والكتاب والمسؤولون في أجهزة الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، يتعين عليهم بيان حرمة الاحتفال بهذا العيد، وأنها إحداث في دين الله عز وجل، وتشبه بأعداء الله فلا يجوز حضورها ولا تشجيع أهلها ولا تهنئتهم بها، ونحو ذلك مما فيه إعانة على هذا المنكر أو إقرار عليه.