أسباب كبوة الأمة الإسلامية وسبيل النهوض

منذ 2014-02-26

هذا موضوع شغل كثيرًا من المفكرين وكثير من الناس ضلوا وتركوا دينهم نتيجة لهذه الكبوة فوجب أن نقرر أسباب الكبوة الحقيقية وأسباب النهوض.

 

هذا موضوع شغل كثيرًا من المفكرين وكثير من الناس ضلوا وتركوا دينهم نتيجة لهذه الكبوة فوجب أن نقرر أسباب الكبوة الحقيقية وأسباب النهوض.



هل الإسلام هو سبيل الخروج؟

بالطبع الإجابة هي نعم، ولكن يجب علينا أن نعرف ما هو الإسلام!

 

إن الجزيرة العربية كانت بدوًا لا تمتلك أيًا من سمات الحضارة قبل الإسلام وكان العالم كله أيضًا يغط في نوبة من التخلف العميق، عندما أتى الإسلام تغير حال العرب فجأة بشكل غير مسبوق ليمتد سلطانهم من الهند شرقًا إلى المغرب غربًا ومن فرنسا شمالًا إلى اليمن جنوبًا، وكان هذا التفوق بسبب التقدم في كل من مجالي الروح والمادة جنبًا إلى جنب. فقد ربى الإسلام، المجتمع الزكي القلب، الذكي العقل، المجتمع القوي دون ظلم، الرحيم دون ضعف، والعالِم بشئون الدنيا والآخرة دون أدنى ذرة من عُجبٍ أو غرور.

 

إذًا من الواضح أن الإسلام كان هو سبب تقدم الأمة في رعيلها الأول.



معنى الحضارة

إن الحضارة هي الأخلاق في المرتبة الأولى وكل ما أدى إلى تمام الأخلاق ومكارمها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

» صدق الرسول الكريم.

 

ولم تكن الحضارة يومًا ما ولن تكون هي الانغماس في وسائل التقنية مع هبوط الروح وارتكاسها في أسفل سافلين، كما هو الوضع عليه بالنسبة لكثير من المجتمعات المتقدمة علميًا والتي نطلق عليها خطًا لفظ "متحضرة"، فوجب التنبيه على الفرق بين التقدم المادي والحضارة الحقيقة وإذا التزمنا بهذا التعريف للحضارة فإننا لا نكاد نجد أمة متحضرة في يومنا هذا، فالغرب المتقدم ماديًا مرتكس روحيًا وأخلاقيًا في أغلب الأحوال، والأمة الإسلامية لم تُحصِّل لا تقدمًا ماديًا ولا ارتقاءً روحيًا فهم أقل تحضرًا في يومنا هذا من الغرب!

 

ولكي تتحقق الحضارة بمعناها الحقيقي لا بد من قوة تحميها، وهذه القوة لن تتأتى إلا بالتفوق في مجال المادة بجانب التفوق والسمو الروحي والأخلاقي.



معنى الإسلام الحقيقي الذي يؤدي إلى الحضارة:

إن الإسلام هو الاستسلام لله وحده استلامًا كاملًا وطاعته في أوامره والبعد عما نهى عنه، والإسلام هو دين الله المُنزَّل والذي فصَّله الله ووضحه في كتابه الكريم القرآن وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحيث أن الإسلام هو دين الله الخاتم فهو دين العالمين جميعًا في كل مكان وكل زمان، وبالتالي فإن حصر الإسلام وتقييده بمكان أو زمان يشوهه ويساهم فيما تعاني منه الأمة الآن من كبوة على كبوة.



السبيل إلى ارتقاء الأمة مرة أخرى: سبيلان رئيسيان:

أولًا: فهم الإسلام فهمًا صحيحًا والعودة إلى أصوله الخالدة ونبذ كل ما استجد عليه وأُلصق لصقًا به وهو ليس منه، وهذا لن يتأتى إلا بفصل الإسلام الإلهي عن الفكر الإسلامي البشري ومعرفة ما ينبغي تقديسه وما لا ينبغي.

 

فالفكر الإسلامي الذي هو تفسير البشر في كل عصر من العصور للإسلام، يجب ألا يؤخذ بدون تحقيق وتمحيص، ويجب أن يكون مرجعنا الأساسي في فهم الإسلام هو القرآن والسنة الخالدان مع التوازن بين عدم إهمال التراث الإسلامي وعدم تقديسه.

 

ثانيًا: نعتبر أن القرآن يتنزل علينا الآن فنطبقه على ظروف الحياة المعاصرة.



تأثير الفهم الخاطئ للإسلام:

والفهم الخاطئ للإسلام قد يؤدي بالأمة إلى التخلف بدلًا من التحضر، فالإسلام يجب أن يتبناه البشر كنظام كامل في حياتهم يضع لهم ضوابط وحدود هذه الحياة، وعندما يقع المسلمون في الخطأ الفاحش أن يؤمنوا ببعض الكتاب ويكفروا ببعض أو أن يسيئوا فهم معاني الإسلام الأساسية تحدث الكارثة.



أمثلة للفهم الخاطئ لمعانٍ أساسية في الإسلام:

1- مفهوم التوكل: الفهم الخاطئ لهذا المعنى هو أن يظن الشخص أنه سوف يأتيه رزق الله بدون سعي أو جد، مع أن الحديث النبوي واضح وصريح في المعني الصحيح للتوكل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطيور في أغمادها، تغدو خماصًا وتعود بطانًا»

، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

 

إن الفهم الخاطئ يقف في فهم الحديث عند كلمة "أغمادها" وينسى أو يتناسى أن رزق الله لن يأتي إلا باحترام قوانين الله ونواميسه وسننه، وهي أن الطيور "تغدو خماصًا" ويكون نتيجة هذا السعي أن "تعود بطانًا" وهو ذا المعنى الحقيقي للتوكل، وهو أن يسعى الإنسان فيعطيه الله مع سعيه رزقًا مع اعتقاده بأن الرزق هو بسبب إرادة الله وليس بسبب السعي، وإنما السعي هو شرط تحقيق إرادة الله بالرزق وهو سنة ربانية يجب فعلها وإلا فإن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.

 

2- مفهوم العبادة: والفهم الخاطئ للعبادة هو اقتصارها على الصلاة والصوم والزكاة وحسب، والمفهوم الصحيح هو أن تكون صلاة المسلم ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين، قال تعالى:

{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

[الأنعام: 162]، صدق الله العظيم.

 

فيجب أن تكون حياة المسلم متمحورة حول رضا الله سبحانه وتعالى، وهذا لن يأتي إلا بأن يأخذ الإسلام كله بجدٍ وقوة ويعمل به في كل أمور حياته، فليس من المقبول أن يكون المسلم صائمًا نهاره قائمًا ليله مؤدٍ لصلواته وهو خائب في المجال الدراسي أو العملي، فلو أنه اقترف هذا فإنه قد يكون أخذ ببعض الإسلام وترك بعضًا وهذا هو عين الضلال.


 

وأختم كلامي بالمقولة الشهيرة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".

 

فلا مكان بيننا لا للعلمانية ولا لترك الدنيا إذا أردنا الحضارة، فلنجعل الدنيا مطيةً لنا لإدراك الآخرة ولنجعلها بين أيدينا وتحت أقدامنا وليست في قلوبنا، ولنعبد الله وحده نستغنى عن العالمين، ولنسخر أنفسنا لله يسخر الله لنا الكون كله.

 

والله أعلم.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي