الاضطهاد

منذ 2014-03-21

منذ جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، وعالن قومه بضلال ما ورثوه عن آبائهم؛ انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وظلّت عشرة أعوام تعدّ المسلمين عصاة ثائرين

قرر المشركون ألا يألوا جهدًا في محاربة الإسلام، وإيذاء الدّاخلين فيه، والتعرّض لهم بألوان النّكال والإيلام، ومنذ جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، وعالن قومه بضلال ما ورثوه عن آبائهم؛ انفجرت مكة بمشاعر الغضب، وظلّت عشرة أعوام تعدّ المسلمين عصاة ثائرين، فزلزلت الأرض من تحت أقدامهم، واستباحت في الحرم الآمن دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وجعلت مقامهم تحمّلا للضيم، وتوقّعا للويل.

أحبت هذه السخائم المشتعلة حرب من السخرية والتحقير -قصد بها- تخذيل المسلمين وتوهين قواهم المعنوية؛
فرُمي النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بتهم هازلة، وشتائم سفيهة، وتألّفت جماعة للاستهزاء بالإسلام ورجاله على نحو ما تفعل الصحافة المعارضة عند ما تنشر عن الخصوم نكتًا لاذعة، وصورًا مضحكة، للحطّ من مكانتهم لدى الجماهير، وبهذين اللونين من العداوة وقع المسلمون بين شقّي الرحى..

فرسولهم يُنَادى بالجنون ويوصم بالسحر والكذب، ويشيّع ويستقبل بنظرات ملتهمة ناقمة، وعواطف منفعلة هائجة،
وليس حظّ سائر المسلمين بأفضل من هذه المعاملة، فهم -في غدوّهم ورواحهم- محلّ التندّر واللّمز، وانقلبت هذه الحرب إلى تنكيل وسفك دم بالنسبة إلى المستضعفين من المؤمنين، فمن ليست له عصبية تدفع عنه لا يعصمه من الهوان والقتل شيء، بل يحبس على الآلام حتى يكفر أو يموت أو يسقط إعياء.
 

المصدر: فقه السيرة للغزالي

خالد الشافعي

داعية مصري سلفي