افردها الله يكرمك
الكثير منا يجيد العبوس والتقطيب، ولكن القليل من يجيدون لغة الابتسام وإدخال السرور على قلوب الناس، وللأسف قد يظن الظان أنه بتقطيب وجهه يظهر الجدية، ولكن الشرع له نظرة أخرى.
الجملة عنوان المقال يتداولها المصريون للتعبير عن الانزعاج من عبوس أحدهم، وقسوة تعابير وجهه -تكشير الوجه- فيطالبونه بالبشاشة وبسط الوجه، الكثير منا يجيد العبوس والتقطيب، ولكن القليل من يجيدون لغة الابتسام وإدخال السرور على قلوب الناس، وللأسف قد يظن الظان أنه بتقطيب وجهه يظهر الجدية، ولكن الشرع له نظرة أخرى، وهو ما أشار إليه الشرع المطهر في مواضع عدة..
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق» (رواه مسلم)، وفي رواية: «كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق» (رواه الترمذي:1970، وأحمد:3/360، رقم:14920، والطبراني في المعجم الأوسط:31/ 9، رقم:9044، وحسنه الترمذي، والبغوي في شرح السنة:3/406، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي:1970).
جاء في (دليل الفالحين): "أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين" (دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين لابن علان:2/356)، وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبسُّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرَّجل في أرض الضَّلال لك صدقة، وبصرك للرَّجل الرَّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشَّوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة» (صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي:1956، وشعيب الأرناوؤط في تحقيق صحيح ابن حبان:2/287).
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: "مكتوب في الحكمة: ليكن وجهك بسطًا، وكلمتك طيبة، تكن أحبَّ إلى النَّاس من الذي يعطيهم العطاء" (رواه البيهقي في شعب الإيمان:6/254 رقم:8057).
عن جرير رضي الله عنه قال: "ما حجبني النَّبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسَّم في وجهي" (رواه البخاري:3035، ومسلم:2475) قال أبو حاتم: "البَشَاشَة إدام العلماء، وسجيَّة الحكماء؛ لأنَّ البِشْر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغي، ومنجاة من الساعي، ومن بَشَّ للنَّاس وجهًا، لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك" (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء:1/75).
وأخيراً: القليل مع الابتسام أفضل من الكثير بلا رحمة.
قال الجاحظ: "زعمت الحكماء أنَّ القليل مع طلاقة الوجه أوقع بقلوب ذوي المروءات من الكثير مع العبوس والانقباض" (الرسائل للجاحظ:1/30).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: