زوجي سريع الغضب

منذ 2014-04-14

أنا متزوجة منذ سنة ونصف، أحب زوجي وهو يحبني، لكن المشكلة أنه سريع الغضب على أتفه المواضيع... إذا كان عصبيًا ما أقدر أكلمه؛ لأنه لا يدري ما يقول... يسب ويلعن... بصراحة أنا أحاول أن لا أكلمه، لكن الصبر له حدود، أخاف يأتي يوم إذا سبني أرد عليه... أنا سعيدة معه، لكن أتمنى أن يبعد عن الغضب.. يا ليت تساعدوني في طريقة تبعد عنه الغضب.

السؤال:

السلام عليكم...

أنا متزوجة منذ سنة ونصف، أحب زوجي وهو يحبني، لكن المشكلة أنه سريع الغضب على أتفه المواضيع... إذا كان عصبيًا ما أقدر أكلمه؛ لأنه لا يدري ما يقول... يسب ويلعن... بصراحة أنا أحاول أن لا أكلمه، لكن الصبر له حدود، أخاف يأتي يوم إذا سبني أرد عليه... أنا سعيدة معه، لكن أتمنى أن يبعد عن الغضب.. يا ليت تساعدوني في طريقة تبعد عنه الغضب.

 

الجواب:

أختي السائلة الكريمة: أنا سعيدة بهذا الحب الجميل الذي يجمع بينك وبين زوجك، وبهذه النعمة التي أنعم الله بها عليك.

أما مشكلتك فتحتاج منك أن تدركي أولا مقاصد الزواج وأهدافه، وهنا أذكرك بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].

فلو نظرت معي إلى هذه الآية الكريمة، وتدبرت في معانيها ستجدي أن من حكمة الزواج أن يجتمع الحب والمودة مع الرحمة، وهذه معالم على طريق السعادة الزوجية، ومصابيح تنير حياة الزوجين.

 

فالشعور بمعنى المودة والمحبة الصادقة، طاقة تساعد الزوجين على مواجهة تحديات وضغوط مشاكلهما، كما أن وجود معنى الرحمة داخل حياتهما يجعل سفينتهما تتحرك بهدوء، وتواجه العواصف، حتى ترسو على مرفأ آمن.

فلا يكتمل أختي الكريمة معنى الحب بدون وجود مشاعر الرحمة، ولا يكتمل معنى الرحمة بدون وجود مشاعر الحب بينكما.

 

فحاولي وأنت تتساءلي عن حلول لتهدئة زوجك والحد من غضبه، أن تبحثي كذلك عن أسباب قلقه وتوتره وعصبيته، وتسعي بعدها لإسعاده ومساعدته في تهدئة طبعه، وتلطيف مزاجه، وتوفير الأجواء والظروف المريحة لنفسيته، وإخماد شرارة غضبه، وإطفاء بركان انفعالاته بمياه عذبة من نهر الرحمة والصبر والرفق.

وتوثيق عُرى المودة والمحبة بين قلبك وقلبه، وتمتين رباط اللين، والصفاء، والرقة، والعطاء...

وإشاعة المشاعر المتدفقة بالرحمة، وبالتسامح، والمغفرة، وسعة الصدر، والصبر، وكظم الغيظ أمام زوجك وفي حضوره، والتفهُّم لظروفه وضغوط حياته، وتبرير سلوكه وتصرفاته.

 

فأنت تمتلكين طاقة من المشاعر تحتاجين فقط لتوظيفها، لاحتواء زوجك بإيجابياته وسلبياته، ولامتصاص غضبه وانفعالاته الشديدة، وتحمُّل كلماته الجارحة، لأنك منبع الحنان، والعطف، والعطاء الذي لا ينضب معينه، ولأنك بحكم تكوينك كمرأة مؤهلة لتجسيد كل هذه المعاني والمشاعر الصادقة والأصيلة، التي تربيت عليها في بيت أهلك ولاحظتها في تصرفات والدتك مع والدك.

 

ولأنك مصدر السكن والاحتواء الحقيقي لزوجك، ولا يمكن أن تصلحي للسكن إلا إذا كنت مؤهلة لذلك.

فاعملي على أن تحافظي على حبك لزوجك وحب زوجك لك، بصبرك وتحملك لعيوبه، ولسلبياته، وتحرري من نظرتك للجانب المظلم من شخصيته، ووجِّهي عنايتك للجانب المشرق حتى تشعري بالسعادة ولذة العيش معه، وتصفو لك الحياة، وتستقبلي الأيام القادمة بقلب كبير، وأمل مفعم بالتفاؤل والبهجة والسرور.

 

وكوني ببيتك القدوة والداعية التي تنشر الخير، وتشيعه في قلب زوجها، بنصحه ووعظه وإرشاده إذا انحرف عن طريق الهدى والفلاح، وتنبيهه لأخطائه وعيوبه، فأنت مرآته التي يرى فيها صلاحه وفساده، وعدله وجوره، وشدته ورقته، يرى فيها كل شيء بشفافية وصدق، واختاري دائمًا الوقت والمكان المناسب، لينصت لحديثك، ويحفظ عنك ما تلقينه إليه، فيستقبله بحب وإيجاب وقبول.

 

واستخدمي في إقناعه بفكرتك وبرؤيتك للأمور، الأسلوب الهادئ، والمنطق الجميل، والكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والحكمة البالغة.

وإن تكرر خطأه لا تملّي من هدايته لجادَّة الطريق، ورده للحق، وصرف نفسه عن الباطل، مطبقة للتوجيه النبوي: «مَن رأى مِنكُم مُنكرًا فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لَم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ. وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ» (صحيح مسلم).

 

ولا تستعجلي جني الثمار، وحصاد النتائج الطيبة، لأن رسالة التغيير تحتاج لوقت وسعة صدر، ورجاء لا ينقطع وأنت في بداية زواجك، فلا تتذمري بسرعة، وتشتكي تصرفات زوجك، حتى لو كانت تضايقك، لأنك لو سألت زوجك ستجدي أنه هو كذلك يشتكي من بعض تصرفاتك السلبية، ويصبر عليك، وقد لا يذكرها، حبًا واحترامًا لك.

 

في الختام أنصحك أختي الكريمة بأن تحافظي على حب زوجك وتضاعفي من هذا الحب، بما تقدمين له من مشاعر جميلة، وكلمات راقية، ونصائح رشيدة...

واعلمي أن سعادتك الزوجية تستحق أن ندفعي لأجلها رصيدًا من الصبر لا ينفذ، ورصيدًا من المجاهدة والمكابدة لا يتوقف.

 

أسأل الله العلي القدير أن يرزقك السعادة، وينشر المحبة والرحمة بينك وبين زوجك، ويزين بيتكما بزينة الحياة الدنيا، ويكرمكما بالذرية الصالحة.

 

أجاب عنها: صفية الودغيري.

التاريخ: 27/7/1432 هـ.