مشكلتي ليس لها حل!!

منذ 2014-04-14

أظن أن مشكلتي ليس لها حل؛ ولا أعرف من أين أبدأ؛ فأنا إنسان ذو شخصية ضعيفة، وأعاني من الشهوة الجنسية كثيرًا، لكني لم أقع في أية فاحشة، لست اجتماعيًا، ولا أعرف معاملة النساء، وأعاني من النسيان، وكنت مدمن الحشيش لكي أنسى مشاكلي، أنا أصلي وأدعو الله أن يميتني لأني لا أنفع في شيء، أفكر دائمًا في الانتحار، لكنني أخاف من الله.

السؤال:

أظن أن مشكلتي ليس لها حل؛ ولا أعرف من أين أبدأ؛ فأنا إنسان ذو شخصية ضعيفة، وأعاني من الشهوة الجنسية كثيرًا، لكني لم أقع في أية فاحشة، لست اجتماعيًا، ولا أعرف معاملة النساء، وأعاني من النسيان، وكنت مدمن الحشيش لكي أنسى مشاكلي، أنا أصلي وأدعو الله أن يميتني لأني لا أنفع في شيء، أفكر دائمًا في الانتحار، لكنني أخاف من الله.

 

أنا أقرأ في مدرسة داخلية، واكتشفت أني أذَّل إنسان، أنا دائمًا أجلس وحدي، والدي يثق في، لكنني لا أثق في نفسي، ولا أعرف ماذا أقول؛ ليس لدي أصدقاء؛ وأنا ممل، ومللت حياتي، اللهم أحيني اذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني اذا كانت الوفاة خيرًا لي، أدعو بهذا الدعاء في كل صلاة، أن يريحني الله من عذاب الدنيا، عندي عشرون عامًا، ولا أعرف شيئًا، وهذه مشكلة كبيرة في حياتي.

 

الجواب:

أخانا الكريم:

السلام عليكِ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكِ، وشكر الله لكِ ثقتكِ بإخوانِكِ في موقع (المسلم)، ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين... ثم أما بعد:

هون على نفسك؛ فمازلت في ريعان الشباب (20 عامًا)؛ وأمامك  -بإذن الله- عمر مديد، فَلِمَ كل هذا اليأس؟!، ليس في الدنيا ما يستحق أن يذهب الإنسان نفسه حسرات عليها، ولا توجد مشكلة في الدنيا -مهما عظمت- ليس لها حل، فكما يقولون: لكل مشكلة حل؛ فالكفر الذي هو أكبر المشكلات حله الإسلام، فهو يجب ما قبله؛ والغرق في المعصية حله المبادرة بالتوبة، و...إلخ؛ المهم أن يهديك الله إلى الحل ويوفقك إليه.

 

وعلى الرغم من أنني حزنت كثيرًا لقولك عن نفسك: "أنا إنسان ذو شخصية ضعيفة"، و"أعاني من الشهوة الجنسية كثيرًا"، "لست اجتماعيًا"، و"أعاني من النسيان"، و"كنت مدمن الحشيش لكي أنسى مشاكلي"، و"أدعو الله أن يميتني"، "لا أنفع في شيء"، "أفكر دائمًا في الانتحار"، و"اكتشفت أني أذل إنسان"، "دائمًا أجلس وحدي"، "لا أثق في نفسي"، "أنا ممل"، و"مللت حياتي"؛ إلا أن بعض الكلمات التي جاء في ثنايا رسالتك بثت فيّ الأمل من جديد؛ مثل قولك: "لم أقع في أية فاحشة"، "أصلي وأدعو الله.."، "أخاف من الله"، "والدي يثق في"، "ليس لدي أصدقاء"؛ فضلًا عن حرصك بالدعاء بالمأثور عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم أحيني اذا كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني اذا كانت الوفاة خيرًا لي" في كل صلاة.

 

ولو استعرضنا المشكلات أو الأمراض التي تعاني منها؛ من وجهة نظرك؛ لوجدناها تتلخص في: (ضعف الشخصية)، و(الإفراط في الشهوة)، (الانعزالية)، و(النسيان)، و(الإدمان)، و(الرغبة في الموت)، (الشعور بانعدم الفائدة)، (التفكير في الانتحار)، و(الشعور بالمهانة)، (الوحدة)، (انعدام الثقة في النفس)، (الإحساس بالملل)...؛ وأود بداية أن أطمئنك إلى أنك تمر بمرحلة المراهقة الطبيعية (16-25 عامًا)؛ وهي مرحلة طبيعية يمر بها كل الشباب في هذه السن، وتعتريهم خلالها العديد من الاختلالات السلوكية، والاعتلالات النفسية، نظرًا لثورة التغيرات الفسيولوجية التي يتعرض لها الجسد، وهو ما ينعكس سلبًا على الحالة النفسية.

 

وبعض هذه الأعراض والأمراض لا يزيد عن كونه عرضًا كاذبًا، سرعان ما يزول، وبعضها يكون بسبب عدم وجود معين خارجي؛ كصديق أو زميل أو صاحب أو جار يتصف بالعقل والحكمة والصلاح؛ ليقف بجانبك في هذه المحنة (الطبيعية)، وليكون لك خير معين على الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، وغالبها يكون بسبب البعد عن الله عز وجل، وعدم وجود حصانة إيمانية؛ تقيك من التخبط، والانزلاق في المزيد من المعاصي؛ بدعوى أنها الحل لما تعاني منه.

 

والآن وقد بانت لنا المشكلة؛ واتضحت معالمها؛ فإننا نستعين بالله عز وجل وننصحك بالآتي:-

1- تمتين الصلة بالله عز وجل: ويكون ذلك من خلال المحافظة على الصلاة؛ على وقتها، في الجماعة الأولى؛ في المسجد، وترتيب ورد قرآني يومي مما يتيسر لك (ربع/ حزب/ جزء/...)، التحصن بصيام يوم أو يومين من كل أسبوع (الاثنين والخميس) كنافلة تعينك على كسر حدة الشهوة، وتربي النفس، مع الإكثار من الدعاء والابتهال إلى الله وخاصة في أوقات الإجابة (ساعات السحر؛ ساعة الإجابة من يوم الجمعة/...)، ...إلخ.

 

2- انتقاء صديق صدوق: من الشباب الذي اشتهر عنه الصلاح والتقوى والإيمان؛ فتصاحبه، وتقترب منه، ليكون لك -بإذن الله- خير معين، على كيد الشيطان ومكره وتلبيسه؛ فعن أبي موسى الأشعري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة» (متفق عَلَيْهِ). وعن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: «لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي» (رواه أبو داود والترمذي بإسناد لا بأس به). وعن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: «الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح وقال الترمذي حديث حسن).

 

3- الإرادة القوية والعزيمة على التغيير: ومع وجود الحماية الداخلية (الإيمان بالله)، والحماية الخارجية (الصديق الصالح)، فلا بد من وجود إرادة وعزيمة ورغبة شديدة لديك في التغيير والإصلاح، وتذكر قوله تعالى: {... إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن والٍ} [الرعد:11]، فكن قويًا وتحدَّ شيطانك، واهزمه شر هزيمة، ولا تره من نفسك ضعفًا، فإن الله يدعم الراغبين، ويعطي الطالبين الجادين، ويؤيد الجديرين بالتأييد.

 

4- اشغل وقتك بالنافع المفيد: فكما ورد عن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي أن "المعسكر الذي تسوده البطالة يسوده الشغب"، فكذا النفس الفارغة؛ إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فابدأ في استثمار وقتك؛ بالمذاكرة الجادة إن كنت طالبًا تدرس، أو بالقراءة في العلوم الشرعية، لتضع لنفسك أساسًا تتكئ عليه في الشدائد،

 

وختامًا؛ نسأل الله -عز وجل- أن يشفيك من الأمراض التي تعاني منها؛ وأن يرزقك التغير إلى الأفضل، وأن يصرف عنك رجس الشيطان ووسوسته، وأن يصرف عنك قرناء السوء، سبب كل البلايا التي تصيب الشباب، وإياك واليأس والقنوط من رحمة الله فإنه باب الكفر، وأن يشغلك بالحق، ويثيبك عليه... اللهم آمين... وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

 

أجاب عنها: همام عبدالمعبود.

التاريخ: 11/8/1432هـ.