كيفية الرد على من قال بخلق القرآن

منذ 2014-04-16

كلام الله صفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة؛ كعلمه وسمعه وبصره وغضبه ورضاه.

السؤال:

ما الدليل على أن القرآن منزَّل وليس مخلوقًا؟ وكيف الرد على من قال إن القرآن مخلوق؟ وإذا قلت: دليل من القرآن مثل قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ...} الآية، وغيرها الكثير من الآيات. أي: أنه نزل من السماء فيقولون لك: كذلك الملائكة تنزل من السماء وهي مخلوقة وغيرها من الأمثلة؟ أفيدوني رحمكم الله تعالى.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولًا: يجب على المسلم أن يؤمن بأن الله يتكلم كلامًا مسموعًا يسمعه مَن شاء الله كما سمع موسى كلام الله من الله بلا واسطة، فالله كلَّمه نداءً، أي: بصوتٍ مرتفع، وناجاه، أي: كلَّمه بصوت خفي، قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم:52]، وقال تعالى في الأبوين: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} [الأعراف من الآية:22]، والله تعالى يتكلم بما شاء إذا شاء، وأخبر أنه كلّم الملائكة، وأخبر بأنه يكلم الناس يوم القيامة، يكلم الرسل، ويكلم المشركين موبخًا لهم، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:62].

والآيات الدالة على أنه تعالى قال ويقول ونادى وينادي؛ كثيرة، بل قال رسول الله: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينهما ترجمان» (رواه البخاري [7443])، فكلام الله صفة من صفاته، وصفاته غير مخلوقة؛ كعلمه وسمعه وبصره وغضبه ورضاه.

والذين قالوا: إن القرآن مخلوق من الجهمية والمعتزلة؛ بنوا ذلك على أصل باطل، وهو أن الله تعالى لا يتكلم، بل لا تقوم به الصفات، ولهذا عُرفوا عند أهل السنة بالمعطِّلة.

وأما أهل السنة فيقولون: إن القرآن كلام الله، لا كلام غيره، منزَّل من الله؛ فهو غير مخلوق، من الله بدأ وإليه يعود، يعني: يُرفع في آخر الزمان.

وليس الدليل على أن كلام الله مخلوق مجرد وصفه بالنزول، بل الدليل أن الله سماه كلام الله، كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} [التوبة من الآية:6]، وموسى سمع الله يقول: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه من الآية:14]، فلا يجوز أن يكون هذا الكلام مخلوقًا في الشجرة، كما تزعم الجهمية، فلو كان مخلوقًا في الشجرة؛ لكانت الشجرة هي المتكلمة بذلك، ولا يجوز أن يقول مخلوقٌ مثل هذا الكلام إلا أن يكون كفرعون الذي قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات من الآية:24].

وقد استفاض عن أئمة أهل السنة قولهم: "مَن قال إن القرآن مخلوق؛ فهو كافر"، بل قالوا: "مَن توقَّف في ذلك فقال: لا أقول إن القرآن مخلوق ولا غير مخلوق؛ إنه جهمي".

فاحذر أيها السائل من الانحراف عن سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153]، وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء:115].

نعوذ بالله من اتباع الهوى بغير هدى، واتباع المضلين من أهل الأهواء المبتدعين، ونسأله أن يسلك بنا سبيل المؤمنين، والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

عبد الرحمن بن ناصر البراك

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود