إلى صديقى القديم
يا صديقي لا أقول لك أيد المظاهرات ولا ادع إلى الاعتصامات، ولا ارفع الشارات فكل ذلك مما يحتمل الخلاف، وتتباين فيه حسابات المصالح والمفاسد، ولكن أقول لك لا تؤيد الظلم، ولا تبرر للعسف، ولا تفلسف للقتل، ولا تسكت حيثما يتوجب الكلام، وتنكر حينما يكون الإنكار سهلاً مربحًا، وتسكت حينما يكون الكلام مكلفًا ثقيلاً.
الذي لا أود أن أصرح باسمه!
لعلك تستغرب بعض ما يصدر مني من مواقف، وما ربما تقرأه من أفكار وآراء منذ النازلة الأخيرة، ولكن ماذا تريد مني أن أفعل؟
- يا صاحبي القديم! لقد علمت يقينا أنني لم أكن يوما من الإخوان ولم أنضم لحزب أو جماعة، بل أنا سلفي المعتقد، مخالف للإخوان في أصول منهجية وتطبيقات عملية، ومنطلقات فكرية ومسالك في التغيير والإصلاح.
- لكني بحمد الله محب لهذا الدين -مع تقصير وزلل أسأل الله جبره- ومبغض لكل أعدائه من صليبين وعلمانيين وحاقدين، وسوف أظل كارهًا لهم مفارقًا لصفهم إلى أن تفارق روحي جسدي.
- يا صديقي لقد تأملت الأحداث الأخيرة، موظفًا ما علمني الله إياه من حقائق هذا الدين -على قلة البضاعة- وعارضًا الأمر على فطرتي الإنسانية، وعقلي الذي وهبني الله إياه، والنظر في سوابق التاريخ القريب، وتوقع المآلات، وتتبع بعض المواقف والتصريحات، وما رأته عيناي وسمعته أذناي فما خرجت من ذلك كله إلا بيقين جازم.. أن ما حدث ظلم وفجور، وقتل وإجرام، وانقلاب غاشم، ومحاولة حثيثة للتمكين للعلمانية ووأد نبتة النهوض الإسلامي، مع اعتراف كامل بأن ما كان في العام المنصرم لم يكن مشروعًا إسلاميًا صافيًا، ولا ممارسة واعية حازمة، وإنما كان خير وفيه دخن، وسعي مصحوب بالخلل والوهن.
- يا صديقي لا أقول لك أيد المظاهرات ولا ادع إلى الاعتصامات، ولا ارفع الشارات فكل ذلك مما يحتمل الخلاف، وتتباين فيه حسابات المصالح والمفاسد، ولكن أقول لك لا تؤيد الظلم، ولا تبرر للعسف، ولا تفلسف للقتل، ولا تسكت حيثما يتوجب الكلام، وتنكر حينما يكون الإنكار سهلاً مربحًا، وتسكت حينما يكون الكلام مكلفًا ثقيلاً.
- يا صاحبي، انقد الإخوان كما شئت -وربما كنت معك في قدر غير قليل مما تقول- وقل فيهم ما قاله مالك في الخمر، لكن لا تتجرد من إنسانيتك، ولا تتخل عن مروءتك، ولا تتحول إلى كائن مسخ، منزوع الإحساس، ترى كل هذا الظلم البشع والفجور الوقح، ثم تسكت ولا تحرك ساكنًا، أو تلوم الضحية وتترك القاتل، ولن أقبل منك أن تخادعن أو تخدع نفسك، وتقول إن الصراع الآن هو فقط مع الإخوان وليس مع مجمل المشروع الإسلامي.
والسلام على من تحلى بالإنصاف، وأنف من المداهنة، وأبى الخنوع، وقال قولة الحق مهما كانت مرة وباهظة التكاليف.
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: